صعود الإخوان للحكم يسبب مخاوف لدى الكثيرين ، تقييد الحريات الشخصية والدينية على رأس هذه المخاوف ، من حق أى أحد أن يتخوف كما شاء ولكن الذى نحذر منه أن يكون هذا الشعور مبنيا على جهل بالحقائق والأفكار التى يتبناها الإخوان ، وأن يقع المواطن فريسة الإعلام الموجه والممول الذى يصور للناس أن السلطة القادمة دينية ، وأنها ستقوم بدور الوصى على العقول والقلوب. هذا يدفعنا إلى سؤال .. ما هو دور السلطة فى النظام السياسى الذى نسعى إليه؟ نظام حكم الفرد رسخ مفاهيم بغيضة لدى الناس ، أهمها أن السلطات بيدها كل شئ ، وأن الرئيس والحكومة التابعة له تستطيع أن تفعل ما تشاء بالبلاد بالعباد ، وأن تفرض ما تشاء من قوانين ، وأن تنشر ما تشاء من أفكار وتتحكم فى التلفاز والصحافة والسينما والمسرح ، وأن تكون الثقافة السائدة هى ثقافة الرئيس ، و إن ظهرت أفكار أخرى أو ثقافات مختلفة فهى تبدو ضعيفة .. متوارية لا يقوى أصحابها على نشرها والتحدث بها مع الناس لأنهم محاربون ومضطهدون. انتهى هذا النظام وظل الناس أسرى لذات المفهوم ، يترقبون ماذا ستفعل بهم السلطة الجديدة ، وبما أن الإخوان قادمون فسيفرضون على الجميع نمط الحياة واللباس والثقافة الإسلامية. لأنهم يملكون السلطة ويسيطرون على الحكم ، وهذا هو مفهوم السلطة عند أغلب العامة وحتى بعض النخبة. نحن نرغب بطبيعة الحال فى أن تسود الثقافة الإسلامية ، وأن تنتشر الأخلاق الحميدة المبنية على أساس من الدين ، وأن تتفق المعاملات اليومية مع الشريعة ، ولكننا لن نفعل ذلك بقوة السلطة ، ولن نستخدم المناصب فى فرض الأفكار والعقائد. السلطة عندنا لها أدوار رئيسية تتمثل فى إدارة إقتصاد الدولة وحفظ الأمن وضمان استقلال القضاء وإطلاق الحريات العامة والتواصل مع المجتمع الدولى وحماية الحدود والأمن القومى ، وليس من وظائفها تبنى ثقافة أو فكرة أو مذهب ثم السعى لفرضها باستخدام مؤسسات الدولة ، هذا فى رأيي خيانة للأمانة التى تحملها الحاكم بتكليف من الشعب ، إذ هم فوضوه فى رعاية مصالحهم ولم يسلموا له عقولهم يتحكم فيها حتى وإن كان هدفه نبيلاً. الفكر والثقافة نشاط مجتمعى مدنى يجب أن يبقى بعيداً عن أيدى السلطات مهما كان توجهها ، مهمة الحكومة هى ضمان الحرية فى مجال الرأى وتنظيم عمل المؤسسات الإعلامية والنشاطات الثقافية من الناحية الإدارية فقط ، والبقاء سيكون للأصلح ، ونحن على يقين بأن الإسلام سيكسب الجولة فى هذا المضمار لأنه دين الفطرة ، ولأنه صديق الحرية كما يقول شيخنا الإمام محمد الغزالى -رحمه الله- إذ ستكون له الغلبة إذا ما دخل سباق الأفكار أو تنافس على الحلول أولاً فى عقول وقلوب المصريين.