ساعات طوال قضاها شعب مصر في طوابير بالمئات بل بالالآف في أول عرس للديمقراطية، ولا أدري ما السر وراء إحتفاء العالم أجمع بكل خطوة يخطوها الشعب المصري؟!، فتجد العالم كله يقف في ذهول ويصفق في إعجاب! أهو النكهة المصرية التي يضفيها الشعب علي كل معني يجسده أو عمل ينشده؟! أم في مفاجاءة الشعب للدنيا بأسرها أنه أكثر وعيا بتاريخه، وإدراكا بما يريده، وأكثر حزما في خياراته ورهاناته ، واستيقاظا لكم الزبد الذي يراد به تزييف وعيه، وسلخه عن هويته، وإنتماءاته ، أم ذهوله ودهشته كان لحمق النخبة التي راهنت علي الديمقراطية أن تأتي بهم أو بمشروعهم التغريبي! فلما انكشف من تحت أرجلهم الغبار فإذا بهم أقل وفاء من الجاهلي الذي كان يعبد صنم العجوة حتي إذا جاع أكله، بيد أن القوم كانوا أكثر حماقة ،إذ أكلوه قبل أن يعبدوه ، والقوم جاعوا منذ أول استفتاء قال فيه الشعب كلمته، فإذا بهم كالكائنات المسعورة خرجوا علي الشعب من كل توك شو والكذب اليوم، وكل يوم يسفهونه، ويخونونه، وبما أن مصر صاحبة أعرق حضارة أمتدت لسبعة آلاف سنة فكان من الطبيعي أن يرث المصريون أحسن وأسوأ ما كان في تلك الحضارات المتعاقبة ولكن النخبة أبت إلا أن تستحوذ علي أسوأ وأردأ ما خلفته النخب عبر السنين المتطاولة فجاء مسخهم مشوها، تجد منهم فرعون الذي خشي علي دين الناس الوسطي فتبجح "إني أخاف أن يبدل دينكم" وازداد بجاحة " أو أن يظهر في الأرض الفساد"، ومنهم من سفه الأتباع وجموع الشعب في كبر وعجرفة "مانراك أتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي"وتجد منهم" النضر بن الحارث "الذي تكبد مشقة السفر وعنائه ليتعلم أحاديث الفرس ورستم واسفنديار ويقف متطاولا( أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا من محمد) فتجده في فضائية يتحدث عن "الرائعان" وفي أخري يكذب بالبخاري! في حملة أشد ضراوة من أبي جهل الذي ما إن يسمع برجل أسلم له شرف و منعة إلا أنبه وأخزاه،وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في ماله بعد تجريم الدعارة والخمور والبكيني ، وإلغاء السياحة! بيد أن القوم فقدوا ما بأيديهم من بطش وقهر فلم يتسن لهم القيام بأدوار أمية بن خلف ،وأم أنمار، وبني عبد الدار، وبني مخزوم ، فإذا بالقوم يحيصون حيصة الحمر، يطلبون العون من الشرق والمدد من الغرب ،وبفعل عوامل الزمن في الجيف، لم نجد منهم من يتحاشي الكذب كأبي سفيان عند هرقل فلإن خشي سفيان أن يُأسر عليه كذبا فإن القوم لازالو يكذبون و يتحرون الكذب حتي صاروا" أكذب من مسيلمة"، وإذا كان ذلك كذلك فهل سيكف القوم عن عويلهم ورغائهم فيكونوا من الطلقاء أم سيواصلون حتي يكون منهم عبدالله بن أبي بن سلول وعبد الله بن سبأ وأبو لؤلؤة المجوسي، هانحن ننتظر ولكن لنكن علي حذر!