تهديدات كبيرة تلاحق حزب النور السلفي قبيل انطلاق الانتخابات البرلمانية بعد أسابيع، ففي الوقت الذي يؤكد فيه "الحزب" وقياداته أنهم حزب قائم على أساس القانون والدستور وغير معني بتطبيق الشريعة في الوقت الراهن، سعى محسوبون على النظام لتدشين حملة "لا للأحزاب الدينية" هدفها حل كل الأحزاب القائمة على أساس ديني وعلى رأسها حزب النور. ويرى القائمون على الحملة أن "حزب النور (الذي لم يشفع له من وجهة نظرهم تواجده على منصة 3 يوليو يوم عزل مرسي) تحايل على القانون عندما قدم نفسه كحزب سياسي؛ ومن جانبه، استنكر الحزب هذه الحملة، مؤكدًا أنها "ارتكبت مخالفات قانونية، وأن قادتها سيخسرون"، بحسب بيان للحزب. وكان عدد من المسئولين قد ألمحوا لإمكانية حل الحزب عقب إصدار دستور 2014 الذي نص على حظر قيام الأحزاب على أساس ديني، لكن مراقبين قالوا إن "النظام أجَّل هذه الخطوة مؤقتا حتى يحسم بعض المعارك المهمة مع الفصائل الثورية المناهضة له ليضمن مشاركة حزب النور في دعمه". ووفقًا لنص المادة 74 من الدستور المصري المعدل لسنة 2014، يحكم تأسيس وقيام الأحزاب، حيث تنص المادة على أن "للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز قيامها أو مباشرتها لأي نشاط على أساس ديني، أو التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الموقع الجغرافي أو الطائفي أو ممارسة نشاط سري أو معادٍ لمبادئ الديمقراطية، أو ذي طابع عسكري وشبه عسكري، ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي". مؤسس حملة "لا للأحزاب الدينية"، محمد عطية، قال إن "حزب النور ذراع سياسية للدعوة السلفية، ووجوده يتعارض مع الدستور والقانون، مشيرًا إلى أن تواجده كحزب وحيد على منصة بيان 3 يوليو 2013، لن تشفع له، قائلاً: "ليست لنا خصومة مع أحد وبجانب النور نطالب بحل أحزاب الوسط ومصر القوية والبناء والتنمية وبقية الأحزاب الإسلامية". وأضاف في تصريحات ل"المصريون"، أن "لجنة شؤون الأحزاب استجابت لمطالب الحملة بإصدار مذكرة إلى النائب العام، تطلب فيها إجراء التحقيقات اللازمة بشأن الأحزاب الدينية، بناءً على المستندات المقدمة، باعتبارها كيانات إرهابية تهدد الأمن القومي". وأكد "عطية" أن "الحملة حصلت على مستندات بعد اجتماع المقرر القانوني للحملة حسين حسن مع المسئولين في لجنة الأحزاب صباح الأربعاء الماضي، وتستكمل الحملة حاليًا باقي المستندات التي تؤيد دعوانا وتقديمها إلى النائب العام للمساعدة في سرعة إجراء التحقيقات". وكشف عطية عن مسار المستندات التي بأيديهم قائلاً: "تبدأ بطلب لجنة الأحزاب من النائب العام فتح التحقيق في المستندات المقدمة لهم وهو ما قد تم بالفعل، ثم يقوم النائب العام بالتحقيق ويخطر النائب العام اللجنة بنتائجه، وبناءً عليه تقوم لجنة الأحزاب برفع قضية لحل هذه الأحزاب الدينية في مجلس الدولة لاتخاذ قرار ملزم". واعتبر الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن "حزب النور أفضل الأحزاب الإسلامية قراءة للمشهد السياسي". وأشار غباشي ل"المصريون"، إلى أن "الحزب اتخذ موقف التأييد للنظام الحالي حتى يتجنب مصير السجون مثلما حدث مع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الأحزاب والجماعات الأخرى المعارضة، ما طوعه ليضمن بقاءه على الساحة السياسية والمحافظة عل كوادره ووجوده في ظل عهد السيسي". وأكد غباشي أن "النور بدعمه للنظام الحالي ضمن أن يكون جزءًا من العملية السياسية كما حافظ على وجوده، حتى لو كان مقيدًا"، منوهًا بأن "النور في عهد مرسى كان أكثر حرية رغم أنه كان يتنازع مع النظام باستمرار وكان لديه القدرة على التحرك أكثر من الآن، لكن حاليًا النور يعرف حدود نقده لذلك حافظ على وجوده". واستبعد خالد الزعفراني، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حل حزب النور قبل الانتخابات البرلمانية، مشيرًا إلى أن الأمن القومي يحتم على النظام المصري البقاء عليه. وقال "الزعفراني" في تصريحات ل"المصريون" إن "الإطاحة بحزب النور وحله أمر مرفوض"، مضيفًا أن حملة "لا للأحزاب الدينية" خارجة من رحم الصراعات الحزبية والحملات الانتخابية قبيل البرلمان المقبل". ورأى الزعفراني أن القائمين على حملة لا للأحزاب الدينية شخصيات ضعيفة وغير معروفة، تبناها إعلام رجال الأعمال. ورفض الزعفراني اعتبار النور حزبًا دينيًا، موضحًا: "الحزب موقفه القانوني والدستوري واضح"، وبشأن برنامجه الانتخابي وشعاره تطبيق الشريعة الإسلامية، قال الزعفراني إن أحزابًا كثيرة تطالب بالشريعة الإسلامية، الحزب الوطني نفسه كان يطالب بذلك". وحذر الزعفراني من عواقب وخيمة على الأمن القومي حال حل الحزب السلفي، نظرًا لكونه الحزب الوحيد من بين الأحزاب الإسلامية الذي اعتلى منصة بيان 3 يوليو، والتي أطاح الجيش وقتها بالرئيس الأسبق محمد مرسي. وقال مصطفى البدري، عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية، إن "حزب النور ومرجعيته المتمثلة في سلفية برهامي ليس لهم موقف واحد مناصر للشريعة، حاربوا حازم أبو إسماعيل، وشوهوا صورة المناضلين حسام أبو البخاري وخالد حربي، ووقفوا ضد دعوة الجبهة السلفية لانتفاضة الشباب المسلم، وكانوا داعمين لجبهة الإنقاذ في إفشال فترة حكم الإخوان المسلمين". وفي تصريحات ل"المصريون" رأى البدري أن حزب النور صور إطاحة الجيش بأول رئيس مدني منتخب على أنه أقرب للشريعة من حكم مرسي، وأيدوا الدعوات المنادية بإسقاط الإسلام في 30 / 6 / 2013، ووقفوا بجوار الكنيسة والعلمانيين والعسكر في حربهم على الحركة الإسلامية"، بحسب كلامه. واتهم البدري، حزب النور، قائلاً: "هو كحزب لا يستطيع أحد متابع له ولمواقفه أن يحدد له مبدأ أو قيمة أو هدفًا يسعى إليه، وبالتالي فقد تم التلاعب به بشكل كبير، فمن ليس عنده ثوابت دائمًا يكون ألعوبة في يد الآخرين". وتوقع البدري أن تحل السلطات حزب النور، موضحًا: "طبيعي أن يتم حل الحزب رغم أنه تنازل عن كل ما أعلن عن تمسكه به، فقد أعلن في البداية تمسكه بالرئيس مرسي وبعد الإطاحة به أعلن تمسكه ببقاء مجلس الشورى، وبعد حله أعلن تمسكه بدستور 2012 وخاصة المواد المتعلقة بالشريعة ومنها المادة 219 إلخ وكل ذلك تنازلوا عنه حتى قرروا حذف مادة المطالبة بتطبيق الشريعة في اللائحة الخاصة بالحزب في مشهد براجماتي ميكافيللي مشترك". وأضاف أنه "رغم ذلك لابد من حله بعد الاستغناء عن خدماته المتمثلة فقط في كونه خنجرًا في ظهر الحركة الإسلامية في مصر، ومما يدعم هذا القرار هو فقدان الحزب لعموم جمهوره وقواعده الذين لم يحقق لهم أدنى طموح كانوا ينتظرونه منه، فالحزب أصبح حقيقة مفتقدًا لأي تأثير سياسي على الساحة، إلا أن مجرد الانطباع الموجود عند العلمانيين أنه حزب إسلامي يدفعهم للمطالبة بحله". وفي تصريحات صحفية، قال محمد صلاح خليفة، المتحدث باسم حزب النور، إن "الحزب إذا وجد مخالفات في الحملة التي تقودها بعض الشخصيات لحله، سيتقدم ببلاغ للنائب العام، لاتخاذ اللازم تجاهها من الناحية القانونية". ورأى المتحدث باسم الحزب، أن سبب خروج هذه الحملة هو محاولة التأثير على "النور" قبل الانتخابات المقبلة، وإلا لماذا تظهر خلال الفترة الحالية. وتساءل: "ألم يكن حزب النور حزبًا دينيًا في رأي تلك الشخصيات، حينما شارك في لجنة الخمسين لتعديل الدستور؟، ولن أقول في 3 يوليو لعزل محمد مرسي من الحكم، لأن تلك الواقعة كان لها ظروفها الخاصة".