"شخص نزيه.. ويملك ماضيًا لا غبار عليه"، هكذا يصف الكثيرون أول رئيس ديمقراطي تونسي في ظل "الربيع العربي"، المنصف المرزوقي، وهو كان زعيم حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية". وانتُخب رئيسًا مؤقتًا للجمهورية بأغلبية 153 صوتًا. المرزوقي، الذي درس الطب، كان من أبرز معارضي الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، الذي أطاحت به ثورة شعبية فى يناير الماضي. وعلى الرغم من أن الكثيرين يعتبرون المرزوقي، وهو الرئيس الرابع للجمهورية التونسي "شخصًا نزيهًا"، إلا أن البعض، خصوصًا بين اليساريين العلمانيين، ينتقدون اقترابه من الإسلاميين، ويأخذون عليه إعلانه بعد 3 أيام من فرار ابن علي في 14 يناير الماضى نيته الترشح لرئاسة الجمهورية. ووُضع "المرزوقي"، وهو يساري، في مارس 1994 فى السجن الانفرادى لمدة 4 أشهر، وحُرم من جواز سفره، وأُطلق سراحه في يوليو من العام نفسه، إثر حملة وطنية ودولية، حيث تدخل الزعيم الجنوب أفريقى نيلسون مانديلا. وأسس المرزوقي حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"، الذي كان يرأسه قبل توليه منصب الرئاسة، عام 2001، ولم تمنح السلطات لحزبه رخصة، إلا أن المرزوقي، وهو مفكر وسياسى تونسى ومدافع عن حقوق الإنسان، أعلن أن حزبه مقاوِم لا حزب معارضة، وطالب من خلاله بإسقاط نظام ابن علي، وذلك ل«إيمانه بأنه نظام فاسد غير قابل للإصلاح»، وبعدها صدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام، إلا أن هذا الحكم قوبل بضغوط دولية على الحكومة التونسية، ليرحل المرزوقى بعد ذلك إلى فرنسا، حيث واصل نضاله فى المنفى. وفى عام 2006، عاد المرزوقى، الذي ولد في يوليو 1945 بجنوب شرق البلاد، إلى تونس دون موافقة السلطة، للدعوة إلى عصيان مدنى بهدف إسقاط نظام ابن على، ولكنه رحل إلى فرنسا بعد 5 أيام تعرض خلالها إلى الترهيب والتضييق الشديد من قبل البوليس السياسي. وواصل المرزوقي رحلة نضاله فى المنفى من خلال كتاباته السياسية، ونشاطه في المنظمات الحقوقية الدولية، وتحريضه المتواصل على العصيان المدني، ثم عاد إلى تونس فى يناير 2011 بعد فرار ابن علي ليواصل نضاله من موقعه كرئيس حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" المحظور سابقًا. ويشيد الكثيرون بمبدأ المرزوقي وروحه النضالية، لكن البعض ينتقد اقترابه الصيف الماضي من الإسلاميين، في حين يرى آخرون فى ذلك براعة سياسية كبيرة، أتاحت له تحقيق نتيجة جيدة. المرزوقي بملامحه السمراء، ووجهه الذي يعكس وهج الصحراء، شخصية عنيدة، وتملك موهبة مخاطبة الجمهور بجمل موجزة ومعبرة.