ينتظر مجلس النواب القادم، مهمة صعبة وضعته فيها لجنة الخمسين لإعداد الدستور، والتي فرضت علي المجلس القادم مناقشة جميع القوانين التي صدرت في غيبته من قبل رئيس الجمهورية, وإقرارها خلال 15 يومًا فقط من تاريخ انعقاده، وإلا تصبح هذه القوانين لاغية وتزول أي قوة قانونية لها بأثر رجعى. حيث تنص المادة 156 من دستور2014 على «إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار». وبهذا النص الدستوري يجد البرلمان القادم نفسه أمام مأزق كبير بعد إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي ومن قبله المستشار عدلي منصور، عدد كبير من القوانين يصل عددها إلى أكثر من500 قانون, وبحسب الدستور لا تسري هذه القوانين إلا إذا اقرها المجلس خلال 15 يومًا وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه حتى إذا تم مجرد قراءة هذه القوانين خلال 15 يومًا وفي ظل الوضع المتأزم الذي قد يحدث بين الرئيس والبرلمان بسبب المادة 156 هناك عدة سيناريوهات للمواجهة بين الرئيس والبرلمان بسبب المادة 156. السيناريو الأول: ويتمثل فيما إذا جاء جميع أعضاء البرلمان الجدد موالين للرئيس عبد الفتاح السيسي, وبذلك يسهل الخروج من هذا المأزق القانوني لأنه ستتم الموافقة على جميع القوانين التي أصدرها رئيس الجمهورية خلال 15 يوما من انعقاد المجلس بالفعل, وبذلك سوف يؤكد المجلس أنه لم يأت لتحقيق مصالح الشعب وأن وجودة لخدمة رئيس الجمهورية خاصة وأن مدة ال 15 يوما التى حددها الدستور غير كافية لمجرد قراءة القوانين مما يفقد مصداقيته لدي الشعب. أما السيناريو الثاني: فيعتمد على وجود انقسام بين أعضاء مجلس النواب الجدد في دعمهم للرئيس السيسي ونظامه وفرض وجود معارضة قوية ضد الرئيس , وبذلك سيكون من الصعب تمرير كل القوانين التي صدرت والتى تقدر بأكثر من 500 قانون خلال 15 يوما أو حتي أكثر من ذلك مما يهدد بتنفيذ البند الذي ينص على إلغاء كل القوانين وأثرها المترتب عليه في حالة عدم إقرارها من قبل النواب خلال 15 يوما, مما يضع رئيس الجمهورية في أزمة كبيرة قد تؤدي إلى عدم استقرار حكمة وتراجع شعبيته لعدم القدرة على السيطرة علي زوال القوة القانونية للقوانين التي أصدرها, وقد تجعله يقوم بحل مجلس الشعب مرة أخري للاحتفاظ بسلطة التشريع دون منازع لا سيما وأن قانون الانتخابات الرئاسية من ضمن القوانين التى ستنظر من البرلمان . السيناريو الثالث: ويعتمد هذا السيناريو على الاقتراح التي قدمته بعض القوي السياسية مؤخرًا في وسائل الإعلام لرئيس الجمهورية لتفادي حدوث الأزمة بينه وبين البرلمان القادم بسبب المادة 156 عن طريق قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته بإرسال جميع القوانين التى صدرت قبل انتخاب البرلمان المقبل أي خلال الأيام القادمة إلى جميع الأحزاب السياسية والجمعيات المعنية والنقابات كل حسب القانون المتعلق بها, وذلك لدراسته وإبداء ملاحظاتهم بالموافقة أو التبديل أو بالاعتراض وذلك خلال مدة محددة, وبذلك يضمن الرئيس مشاركة الجميع في إقرار القوانين, ومن ثم تعرض على مجلس النواب في أول انعقاد له طبقا للدستور ليقر هذه القوانين بعد أن تتم مناقشتها ومعالجة نقاط الخلاف للخروج من مأزق سقوطها إذا لم يتم إقرارها أو حتي تفادي الموافقة أو المعارضة الجوفاء دون الإطلاع على هذه القوانين . وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء خبراء القانون في سيناريوهات المواجهة بين الرئيس والبرلمان القادم بسبب المادة 156 . "جبريل" هناك ظروف استثنائية مرت بمصر قد تطول من مدة ال15 يوما إلي 10 أشهر في البداية يقول الدكتور جمال جبريل الفقيه الدستوري وعضو مجلس الشورى السابق: إنه في حالة وجود غالبية من البرلمان المقبل مؤيدة للرئيس السيسي فإن فترة ال15 يومًا التى يحددها الدستور غير كافية لنظر ما يقرب من 500 قانون صدر حتي الآن إلا أنه لا يوجد جزاء بالبطلان يترتب على مد هذه الفترة حتي إذا وصلت إلى 10 أشهر على سبيل المثال, فتجاوزًا ونظرًا للظروف الاستثنائية التي تمر بها مصر من الممكن أن تطول مدة نظر هذه القوانين. "الخولي" يجب مشاركة الأحزاب والجمعيات والنقابات في مراجعة القوانين للخروج من مأزق المادة "156" من ناحية أخري أضاف حسام الخولي نائب رئيس حزب الوفد، أن فترة ال15 يوما التى نص عليها الدستور غير كافية لمجرد قراءة القوانين خاصة وأنه سوف تشمل جميع القوانين التي أصدرت منذ تولي الرئيس عدلي منصور وانتهاء بالرئيس عبد الفتاح السيسي والتى قد تتجاوز 500 قانون وبالتالي فإن مجلس النواب سيجد نفسه في وضع حرج, ليس له مخرج إلا بالموافقة على جميع القوانين التى صدرت, وهذا أمر سيئ ومن ثم بعدها يتم النظر إلي القوانين المراد تعديلها. وأوضح الخولي، أن هذا الخطأ تسببت فيه لجنة وضع الدستور لأن هذا قد يكون مقبولا لو أن مجلس النواب كان في أجازة, والتى يمكن أن يصدر الرئيس خلالها قانون وقت الحاجة وبدون هذا يعد الأمر غير مفهوم, وسوف تضع المجلس القادم في مأزق لقبول كل القوانين, إلا إذا كان هناك اتفاق على رفض بعض القوانين من البداية. وأضاف الخولي، أنه يجب إرسال جميع القوانين التى صدرت والمنتظر صدورها خاصة قانون الاستثمار والوظيفة المدنية والعمالة الموحد إلى الأحزاب والمنظمات المجتمعية المعنية والنقابات وجمعية رجال الأعمال لمراجعتها، وإبداء رأيها في هذه القوانين التى ستؤثر بشكل كبير على الاقتصاد والاستثمار في مصر ومن ثم يتمكن الجميع من الخروج من أزمة الموافقة على القوانين بدون مراجعتها وتجنبا للتصادم بين الرئيس والبرلمان المقبل . وأشار القيادي الوفدي، إلى أنه في الوقت الحالي هناك جدل كبير بين المرشحين المرتقبين للبرلمان المقبل حول كيفية مناقشة هذه القوانين وكيف يستطيعون مراعاة ضمائرهم في الموافقة علي كم كبير من القوانين دون مناقشتها بشكل جيد, أو حتي رفضها دون مناقشتها خلال 15 يوما، فإذا تم السير على هذه الطريقة من إصدار القوانين في غياب مجلس الشعب ودون مناقشتها سوف تلقي بظلال سيئ على الاقتصاد المصري بشكل كامل. "عبد العظيم" البرلمان سيكون اصطفاف موال للنظام يوافق على كل القوانين ومن جانبه قال الدكتور حازم عبد العظيم الناشط السياسي والقيادي بالحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي: إن الموافقة على نحو 500 قانون يمكن أن تكون في يوم واحد وذلك في حالة الانصياع التام من قبل أعضاء مجلس النواب القادم للنظام والرئيس عبد الفتاح السيسي دون وجود مناقشة أو معارضه تذكر لذلك ستكون المدة التى حددها الدستور كافية, خاصة أن في مصر الآن لا توجد أحزاب أو حتي شخصيات معارضه, لأن كل من يعارض يوصف بأنه تابع لجماعة الإخوان المسلمين التى تعتبرها الدولة إرهابية أو أنه خائن وعميل, ومن ثم فانه سيكون هناك اصطفاف قوي لمؤيدي النظام الحالي داخل البرلمان يوافق فقط طبقًا للأوامر التى تعطي لهم, مما يجعل الأمر أسوا من عهد مبارك . وأضاف عبد العظيم، أنه في الوضع الطبيعي فإن هذا الوقت وهو 15 يوما لمناقشة كل القوانين قصير جدا ولا يمكن الأعضاء من مناقشة كل القوانين. صادق:عدم الموافقة علي القوانين خلال المدة المحددة سيحدث فوضى كبيرة من ناحية أخري أضاف الدكتور سعيد صادق المحلل السياسى، أن مدة ال15 يومًا المحددة لمناقشة القوانين المصدرة طبقًا لما نص عليه الدستور قليل جدا بالمقارنة بحجم القوانين التى تم إصدارها والتى تتعدي 500 قانون لذلك من المتوقع أن يكون هناك اتفاق على ترتيب أولوية القوانين طبقًا لأهميتها وإقرارها ومن ثم تعديل المختلف عليه فيما بعد. وأوضح صادق، أن عدم الموافقة على جميع القوانين التي صدرت في غياب البرلمان سيحدث فوضي وكارثة في المجتمع المصري وهو غير متوقع نظرًا لأن 80% من المجلس سيكون من المستقلين والباقي أحزاب لذا سيكون من السهل الموافقة على جميع القوانين في ظل تأييد الغالبية في الوقت الحالي لقرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي .