صور- حلوى وبالونات.. تعليم المنيا توزع الهدايا على طلاب الروضة والأول الابتدائي    في أول يوم دراسي.. محافظ كفرالشيخ يتفقد عددًا من المدارس - صور    أسعار البيض في الأسواق اليوم السبت (موقع رسمي)    سعر الذهب فى مصر يواصل الارتفاع وعيار 21 يسجل 3540 جنيهًا    محافظ الجيزة يعقد اجتماعا موسعا مع مستثمرى وعمد الواحات لبحث معوقات الاستثمار    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    حظر تطبيق تيليجرام على أجهزة أوكرانيا الرسمية وسط مخاوف من التجسس ..تفاصيل    آخرهم إبراهيم عقيل.. أبرز قيادات حزب الله الذين اغتالهم الاحتلال منذ 7 أكتوبر    تقدير عالمي كبير.. "طاقة النواب" تشيد بانتخاب مصر بالإجماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية    خليل البلوشي: أشكر المتحدة لدعوتي للتعليق على مباراة الأهلي وهذا أقل ما نقدمه لمصر    بدء جلسة الاستماع لدفاع مضيفة الطيران المتهمة بقتل ابنتها    طقس أول أيام الخريف.. انخفاض درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 32 والصغرى 23    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج بتنهي أي خلاف ولا تدعو للتطرف أو التعصب    الرعاية الصحية تطلق "مرجعية" لتوحيد وتنميط البروتوكولات الإكلينيكية للتشخيص    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوى الهمم بمنازلهم فى الشرقية    الزراعة: 6.4 مليون طن صادرات مصر الزراعية حتى الآن بزيادة 529 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضي    عمرو الفقي: تحية لفريق عمل والقائمين على مسلسل برغم القانون    لحوم مجمدة بسعر 195 جنيها للكيلو في منافذ المجمعات الاستهلاكية    الرئيس السيسي يوجه بتنفيذ حزمة إجراءات فورية لتطوير أداء المنظومة الرياضية    صور| "بالجلباب والطربوش".. المعاهد الأزهرية تستقبل الطلاب في أول أيام الدراسة بقنا    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    الليلة، انطلاق عرض مسلسل تيتا زوزو على منصة Watch It    القصة الكاملة لشائعة وفاة محمد جمعة.. ما علاقة صلاح عبد الله؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    مفتي الجمهورية من موسكو: علينا تصحيح الصورة المغلوطة عن التراث الإسلامي بالحوار    مستشفيات جامعة سوهاج تنهي قوائم الانتظار بنسبة 98 ٪؜    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    «اللي بيحصل يهد ريال مدريد».. رسالة نارية من ميدو ل جمهور الزمالك قبل السوبر الإفريقي    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو اعتداء شخص على سيدة في القاهرة    دراسة فرنسية: 35 مليون شخص مصابون ب"الألزهايمر" حول العالم    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    أستاذ علوم سياسية: توسيع الحرب مع حزب الله يعرض تل أبيب لخطر القصف    وزير العمل يعلن عن وظائف في محطة الضبعة النووية برواتب تصل ل25 ألف جنيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يعود الريف والقرية المصرية إلى منتجه كسابق عهدها
نشر في المصريون يوم 12 - 07 - 2015

يمثل المجتمع الريفي في مصر أهمية بالغة سواء من حيث عدد السكان حيث يعيش فيه حوالي 55% من إجمالي سكان مصر، وهو مصدر إنتاج الغذاء والمواد الخام التي تقوم عليها معظم الصناعات، كما أنه مصدر للقوى العاملة لكافة القطاعات، ولهذا كان من الضروري الاهتمام بالريف وتنميته، ولعل أحد مجالات ومداخل تنمية الريف الجهود التي يقوم بها مركز الأرض لحقوق الإنسان والذي يهتم بدراسة الريف ومشاكله من خلال عقد الندوات وورش العمل لتسليط الضوء على المشكلات المختلفة التي يعاني منها الريف المصري، وفي هذا الإطار تأتي هذه الورقة والتي تتناول "التركيبة الاجتماعية والأوضاع الراهنة في الريف" وذلك من حيث تشخيص الواقع المعاصر الذي تعيشه القرية المصرية خاصة بعد ثورة 25 يناير سواء من حيث: الأوضاع الاقتصادية بالريف الفقر والجريمة، الصحة والتلوث البيئي، البذخ والإسراف، العلاقات الاجتماعية، الشباب ومشاكله، السياسية الزراعية وانعكاساتها على الريف.
ولقد ساهمت كل هذه الأوضاع الراهنة بالقرية في تغيير التركيبية الإجتماعية فيها لأن التركيبة الإجتماعية تتشكل وتتكون في إطار الأوضاع القائمة، إن حال القرية المصرية اليوم يدعوا إلى مزيد من الدراسة والتشخيص والتحليل لرصد الظواهر الجديدة والغريبة عن القرية المصرية والتي عرفت بأصالتها وهويتها الثقافية المميزة لها على مر العصور، وفي ظل موجات التغير المتلاحقة التي أصابت القرية غيرت كثيراً من هذه الهوية، وأصبحت في شكل ماسخ لا طعم له ولا لون، فلاهي بقيت قرية كما هي، ولا هي أصبحت حضرية من كافة الجوانب والمظاهر، ولا يجب أن يقتصر الأمر على البحث والدراسة والتشخيص بل يجب أن توضع في بؤرة إهتمام السلطات بالدولة خاصة التنفيذية والتشريعية، من أجل وضع القوانين والتشريعات التي تعيد للقرية مكانتها وتضمن حقوق ومصالح الريفيين، والعمل على استكمال كل مقومات تنمية القرية المصرية لتعود إلى سابق عصرها قرية منتجة يسودها الحب والتعاون والسلام ليعم الخير على المجتمع المصري أجمع.
انقلب حال القرية المصرية رأسا على عقب خلال السنوات الماضية حيث أصبحت شبحا للمدينة تعتمد عليها اعتمادا شبه كلي، وبحيث أصبحت عبئا على المدينة بعد أن كانت أداة مهمة من أدوات الإنتاج في الاقتصاد المصري وكان الفلاح المصري مثالا يحتذي به في العمل والإنتاج.
أما اليوم فقد تبدل الحال لتزحف الكتل الخراسانية على الأراضي الزراعية في القرى‏,‏ وانتقل الفلاح من امتلاك الأرض أو العمل فيها إلى امتلاك السوبر ماركت والمقاهي ومحلات الدش والأجهزة الكهربائية ليستيقظ متثائب في الظهيرة بعد أن كان يستيقظ مع ضوء الفجر بهمة ونشاط ليذهب إلى أرضه وهجر الكثير من الفلاحين الأرض للعمل كعمال باليومية وبدأ المتعلم من أبناء القرية يستحي أن يقول أنه من الريف أو يسكن فيه وانقطعت صلته بالأرض الزراعية وأصبحت القرى مكدسة بالسكان وبالبطالة.

وحدثت ثورة‏25 يناير لتجعلنا نحلم من جديد بعودة القرية المصرية إلى سابق عهدها كقرية منتجة، حيث تنتظر‏4702‏ قرية مزيدا من الاهتمام والتطوير والتوعية ليعود الفلاح إلى ما كان عليه من عمل وجهد وتعود لتسهم القرية المصرية كشريك في الاقتصاد وليس عبئا على الاقتصاد و الدولة.إن، سبب تقزم المساحة الزراعية نتيجة للإرث والتجارة في الأ، وأن مما يستلزم الآن عملية تطوير الزراعة المصرية كمصدر رئيسي في القرى والتفكير في إدارة منظومة التنمية الزراعية وزراعة محاصيل بالتعاون المشترك بين الحائزين والملاك‏.‏
لابد من تجريم الاعتداء على الأراضي الزراعية واعتبار الأراضي في الوادي والدلتا كمحمية زراعية لا يجوز بأي حال من الأحوال الاعتداء عليها‏.‏ كما يجب إعادة تخطيط القرية المصرية لتستوعب الزيادات السكانية القادمة وفي نفس الوقت وضع منظومة جديدة لقري جديدة بالظهير الصحراوي المجاور للقرى القديمة لاستيعاب الزيادة السكانية وإقامة أنشطة اقتصادية وتخفيف تيار الهجرة من الريف للمدن‏.‏
لإحداث تنمية اقتصادية داخل القرية الاعتماد على المقومات الاقتصادية والإنتاجية الموجودة في القرية وتعظيم الاستفادة من المنتجات من خلال تمويل مشروعات صغيرة مولدة للدخل تعتمد على خامات موجودة داخل القرية مما يستلزم زيادة موارد صندوق التنمية المحلية لتمويل الكثير من المشروعات في القرى حيث لا تزال القدرة محدودة‏.‏
أنه من الصعب أن تعود القرية المصرية إلى ما كانت عليه من قبل نتيجة لتغيرات عديدة فقد كان الفلاح‏-‏ علي سبيل المثال‏-‏ يعتمد على نفسه في توفير خبزه‏,‏ حيث كان يزرع القمح والذرة‏,‏ أما اليوم فهو يعتمد على الأفران التي أصبحت منتشرة في كل قرية مصرية فهل سيتخلي الفلاح عن هذه الأفران أم هل سننزع هذه الأفران من القرى إننا نحتاج إلى إعادة إحداث تنظيم. قليل من الفلاحين يقوم بزراعة البرسيم الذي كان كل فلاح في السابق يقوم بزراعته لإطعام الحيوانات والطيور في المنزل‏,‏ أما اليوم فالفلاح يفضل زراعة الخضروات بدلا من هذه المحاصيل فكيف للفلاح أن يقوم بتربية الطيور والحيوانات كما كان جميع الفلاحين يفعلون من قبل‏,‏ النادر اليوم من الفلاحين من يفعل ذلك ولم تعد الفلاحة كما كانت من قبل تهتم بتربية الطيور والحيوانات فغالبية الريفيات متعلمات اليوم‏,‏ كذلك فإن الفلاح يشجع أبناءه علي الهجرة للمدينة‏.‏ بإعادة العمل بالدورة الشتوية الخاصة بالمحاصيل التقليدية،وأن يكون هناك توعية للفلاح وإرشاد للمرأة الريفية بأن تعود منتجة من جديد إذا أردنا أن نغير الوضع القائم‏.‏
أن السياسة الزراعية السلبية التي اتبعت في السنوات الأخيرة أثرت على الفلاح وعلى القرية المصرية من إلغاء التسويق التعاوني واختفاء الصناعات في المجالات الزراعية كتصنيع الخضروات والفواكه وحفظها‏..‏ - في خطة تدرس لزيادة إنتاج مصر من الزيوت لتقليل الفجوة الغذائية منها والبالغة %90 والحد من استيراده، من خلال آليات جديدة للتوسع في زراعة الزيتون في مناطق الاستصلاح الجديدة بسيناء والساحل الشمالي، أو من خلال زيادة مساحات زراعة محاصيل الزيوت مثل عباد الشمس في مناطق الاستصلاح الأخرى. ومن خلال النقابة المزمع إنشاؤها نحاول تنظيم صفوف الفلاحين والنهوض بالزراعة ويكفي أن نعرف أن هناك مليونا و‏43‏ ألف فدان تم تبويرها وأن ما لا يقل عن‏904‏ آلاف فلاح تم طردهم من أراضيهم نتيجة هذا القانون ولا يجدون عملا الآن‏.‏- عندنا ثروة حيوانية ممتازة ومن الممكن أن نكتفى ذاتيا ولكن الأمراض الوبائية تستنزفنا، ولابد من إنشاء صندوق تأمين على الماشية من خلال التحصين الإجباري، لأن ميزانية الهيئة 29 مليون جينه ولا تكفى لتحصين الماشية ونحن نطالب الدولة ب101 مليون جنيه للتحصين، ولتطبيقه لابد من توفير الموارد المالية اللازمة، على أن تتحمل وزارة المالية فارق التكلفة، أو أن يسدد المربى 70 جنيهاً سنوياً عن كل رأس. - لابد من إنشاء صندوق موازنة للأسعار لدعم المحاصيل الإستراتيجية، لدعم المُزارعين، حتى يشعر الفلاح أنه زرع ثم حصد، فضلاً عن تطبيق منهج الزراعة التعاقدية للذرة الصفراء بين الاتحاد التعاوني وكيلاً عن المُزارعين واتحاد منتجي الدواجن لتدعيم صناعة الأعلاف الخاصة بالإنتاج الحيواني والداجنى. الطريق إلى قرية منتجة يبدأ بإنشاء مؤسسات ومصانع تكون قائمة على الإنتاج الزراعي، فما المانع من أن تنشأ مصانع لعصير الفواكه وصنع المربات وغيرها وتقوم علي إنتاج القرية بدلا من بيع هذه الأشياء في المدينة؛ بالإضافة إلى هذا يجب ألا يكون التركيز على العاصمة حتى لو سألنا شخصا يريد السفر إلى العاصمة إلى أين أنت مسافر يقول مسافر مصر في حين أن العاصمة هي جزء من مصر‏.‏المملكة المتحدة الذي يظل فيها الريف الانجليزي ثابتا على خصائصه ومن هنا لابد من تخصيص جزء أكبر من ميزانية الدولة للنهوض بالقرية المصرية في مجالات التعليم والصحة فليس من المعقول أن ينقل المريض من وحدة صحية ضعيفة المستوي في القرية للعلاج في المدينة فقد يفقد حياته‏. وطالب بأن تعود مصر دولة زراعية بالدرجة الأولي وليس من الضروري أن الدولة الصناعية أقوى وأغني من الدولة الزراعية وهناك مثل كهولندا الدولة الزراعية الأغنى من كثير من الدول الصناعية‏.‏

يعاني الريف المصري دوماً من ارتفاع معدلات الفقر فيه أكثر من الحضر وذلك لأسباب عدة لا يتسع المجال لذكرها، وجاءت ثورة 25 يناير وتنفس الناس الصعداء وظنوا أن شعارات الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية كفيلة بإخراجهم من دائرة الفقر والقهر الذي عاشوه وعانوا منه لسنوات طويلة، لكن حدث العكس حيث زادت دائرة الفقر واشتد طوق القهر، وتضاعفت معدلات الفقر وفقاً لأحدث الإحصائيات حتى وصلت في بعض محافظات الصعيد إلى حوالي 70%، ولاشك أن الفقر هو الباب الواسع للجريمة، وهذا ما حدث، فما تشهده القرية المصرية اليوم من شتى ألوان الجريمة، حتى أصبح القتل والتمثيل بالجثث أمر هين ومألوف بين الناس. وما أكثر مثل هذه الحوادث التي تناقلتها الأخبار وتبثها شاشات التليفزيون.
ناهيك عن جرائم السرقة بالأكراه والسطو المسلح الذي يقوم به بعض الشباب وخطف الأطفال والنساء وطلب الفدية، وجرائم الإتجار بالمخدرات والتعاطي، حيث تباع المخدرات عيانا جهاراً نهاراً بكافة أنواعها في القرى وعلى الطرق السريعة دون رادع من ضمير أو عرف أو قانون. ويضاف إلى رصيد الجرائم جريمة التعدي على الأرض الزراعية بالبناء، وسرقة التيار الكهربائي ومياه الشرب، والتعدي على أملاك الدولة، وكلها جرائم تتم على مسمع ومرأى من الجميع، وذلك بسبب ضعف الدولة بل غيابها تماماً، وأصبح الأمر مستباح لكل شخص يفعل ما يشاء حيثما يشاء.

وقد كان الساسة والمحللون يحذرون قبل ثورة 25 يناير من ثورة الجياع، غير أن الثورة قامت ولم تكن ثورة جياع بل كانت ثورة على الظلم والاستبداد، واستبشر الجميع خيراً بالقضاء على الجوع والفقر والمرض ثالوث التخلف الذي يحاصر الريف المصري، لكن هذا لم يحدث، بل حدث العكس حيث بدأت بشائر ثورة الجياع في الظهور بسبب غياب الرؤية والقيادة الرشيدة والارتفاع الجنوني للأسعار، وغياب الأمن والرقابة على الأسواق، ولازال المناخ ملائم لظهور أشكال جديدة من العنف والجريمة كلما زادت حدة الفقر والجوع.

ولعل من أخطر ما يواجهه الريفيون ويزداد خطره النقص الشديد في مياه الري والذي أصبح يهدد زراعات كثيرة بالموت والجفاف، وقد كان رد فعل المزارعين شديد في بعض المناطق منها قطع الطرق والتعدي على المصالح الحكومية، وإذا كنا لا نؤيد مثل هذه التصرفات بأي حال من الأحوال، لكن يجب على المسئولين سرعة التحرك بوعى لمواجهة هذه المشكلة، أما سياسة الهروب والتهرب بين المسئولين فسوف يزيد الأمر تعقيداً، ولا ندري ما سوف تصل إليه الأمور مستقبلاً بعد الإنتهاء من بناء سد النهضة الأثيوبي حيث على ما يبدو أن نهضة مصر إتسع نطاقها حتى وصلت إلى أثيوبيا. أن الوضع الأمنى في القرية اليوم أصبح في غاية السوء وبعد أن كان الريفيون يتركون ماكينات الري ومواشيهم في الحقول، لم يعد هذا الأمر قائما في ظل السرقات المتكررة بسبب الجوع والفقر والغياب الأمني، وأصبح على كل أسرة أن توفر الأمن والحماية لها ولممتلكاتها، وبالتالي ظهرت تجارة السلاح وأصبح الكثير من الريفيين لديهم أسلحة نارية على اختلاف أنواعها. وهو ما ساعد على كسر حاجز الخوف وشجع على الاستخدام المفرط للقوة، وخرجت الأمور حتى عن سيطرة المجالس واللجان العرفية التي كانت كافية لحل المشكلات والصراعات التي كانت سائدة في القرية المصرية.
من المفترض أنه مع التقدم الصحي تنخفض معدلات الإصابة بالأمراض خاصة في الريف، لكن ذلك لم يحدث (على الرغم من إرتفاع العمر المتوقع عند الميلاد لكل من الذكور والإناث) حيث زادت الأمراض خاصة أمراض إلتهاب الكبد الوبائي (فيروس C)، والفشل الكلوي، وأمراض السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، والضعف الجنسي وغيرها من الأمراض حيث سجلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم في الإصابة بها، وترتفع نسب الإصابة بهذه الأمراض بالريف أعلى من الحضر، ولعل أحد أسباب إرتفاع معدلات الإصابة بهذه الأمراض ناتج عن التلوث البيئي بكافة صوره وأشكاله في الريف المصري، خاصة المجاري المائية من الترع والمصارف والتي أصبحت المكان المفضل للتخلص من الحيوانات والطيور النافقة، وصرف مجاري البيوت فيها، وإلقاء علب المبيدات الفارغة وغيرها من المخلفات، حتى أصبحت مصدر للإصابة بالعديد من الأمراض، ولعل المسئولية في ذلك مشتركة بين الريفيين والمسئولين سواء من حيث انخفاض الوعي البيئي لدى الريفيين بخطورة مثل هذه الممارسات، وعدم توفر البدائل لديهم للتخلص من المخلفات، ثم غياب الرقابة الحكومية بل إنتهاء دور الدولة خاصة بعد ثورة 25 يناير والغياب الكامل للدولة في كافة مناحي الحياة. ثم التلوث الناتج عن الإفراط في إستخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخصبات ومنظمات النمو والهرمونات حيث أصبحت الزراعة المصرية حقل تجارب ومستباحة لاستخدام العديد من المبيدات المحرمة دولياً، وقد تزايد ذلك أيضا في ظل الغياب الكامل لدور الدولة بعد ثورة 25 يناير من الرقابة على أسواق الاتجار في مستلزمات الإنتاج الزراعي، ونتيجة لذلك زادت الأمراض الخطيرة وأصبحت تهدد صحة المصريين، إضافة إلى التأثير السلبي على الصادرات المصرية من الخضر والفاكهة بسبب تجاوز الحدود المسموح بها في نسب المتبقيات من المبيدات والأسمدة الكيماوية، ولو أفرطنا في الحديث عن التلوث وصوره ومصادره في القرية المصرية والآثار المترتبة عليه لاحتاج الأمر إلى جلسات وجلسات، ولكن تلك لمحة سريعة عن التلوث البيئي في القرية المصرية وأثره على صحة الريفيين.
إن جزء من مصادر تلوث البيئة الريفية يرجع إلى أساليب التخلص من المخلفات الزراعية والتي تكون إما بالحرق أو الرمى في المجاري المائية أو غيرها، على الرغم أن هذه المخلفات ثروة قومية لو أحسن استخدامها وتدويرها، لإنتاج أسمدة عضوية (الكمبوست) بدلا من الإفراط في إستخدام الأسمدة الكيماوية مرتفعة الثمن وتسبب أضرار صحية كبيرة، كذلك إنتاج أعلاف غير تقليدية مثل السيلاج وغيره، وكل ذلك من السهل أن يقوم به المزارع المصري وبأقل التكاليف ولكن غياب الرؤية وضعف الإرادة، وسوء الإدارة هما السبب في ذلك، على الرغم من توفر كل مقومات الإستفادة من المخلفات وتدويرها، بما يقلل من مصادر تلوث البيئة، ويحقق عائد مادي عالي للمزارع. منذ ثمانينات القرن الماضي وتخرج علينا وزارة الزراعة المصرية بما يسمى باستراتيجية وزارة الزراعة أولها كان في الثمانينات، ثم في التسعينات، ثم حتى عام 2017، وأخيراً استراتيجية الوزارة حتى 2030، والحقيقة أن خيرة علماء مصر في الزراعة شاركوا في وضع هذه الاستراتيجيات ولكن للاسف جميعها لا تعدو حبراً على ورق، ولم تحقق أي من هذه الاستراتيجيات أكثر من 20% من المستهدف منها، وكانت النكبة الكبري على الزراعة المصرية مع سياسات التحرر الاقتصادي والتكيف الهيكلي والتي أضرت بالزراعة المصرية أكثر من إفادتها. ويكفي دليلا على ذلك تدهور المساحة المنزرعة والإنتاجية من أهم محصول زراعي هو القطن الذي كان يسمى بالذهب الأبيض.
إن الزراعة والتي كانت عمل أصيل يفتخر به كل من كان يعمل بها، والأرض الزراعية التي كانت تحتل سلم القيم الاجتماعية لدى الريفيين حتى شبهوها بالعرض "الأرض زي العرض" اللي يفرط في أرضه يفرط في عرضه" تغير كل ذلك وأصبحت الزراعة اليوم طاردة حتى للمزارعين الأصليين، وذلك لأسباب عديدة يأتى في مقدمتها فشل السياسات الزراعية على مدى عقود طويلة في أن تجعل المزارع الصغير بؤرة إهتمامها وهم القاعدة العريضة، بل عانى المزارع في ظل هذه السياسات والتي جاءت كلها لتعمل ضده وفي غير مصلحته وأصبح العمل بالزراعة غير مربح بالمرة في ظل زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي ودون أن يقابلها زيادة في سعر بيع المنتجات الزراعية وإن حدث يستفاد منه بالدرجة الأولى التجار والسماسرة وما أكثرهم بسبب تدمير التعاونيات الزراعية والتي كانت بيت الأمن والأمان للمزارع المصري على مدى عقود طويلة.
لقد أصبح المزارع في ظل هذه الأوضاع والسياسات مهدد بالسجن نتيجة الديون لبنوك التنمية، أو الجوع هو وأسرته لتدني العائد من الإنتاج الزراعي، ولهذا أصبح من السهل عليه ترك العمل بالزراعة لأي عمل آخر، بل والتفريط بالأرض الزراعية وبيعها وإستثمار سعرها في أي مشروع آخر يدر عليه دخل أكبر. لقد كان المزارع المصري في الماضي حريص كل الحرص أن يزرع أرضه بمحاصيل الحبوب حتى يحقق الأمن الغذائي لأسرته على مدار العام ولكن في ظل سياسة التحرر الاقتصادي أصبح المزارع حر في زراعة المحصول الذي يحقق له أعلى عائد من الربح، ولماذا يزرع القمح وتقوم زوجته بالخبيز في البيت والأفران التي تبيع الرغيف المدعوم موجودة الآن في كل القرى المصرية، وبالتالي يرى انه من الأفضل أن يزرع أي محصول آخر، وقد وصل الأمر في ظل هذه الحرية إلى حيرة المزارعين في إختيار المحاصيل التي يزرعونها.
وإذا كنا بصدد الحديث عن الزراعة ومشاكلها فللا يمكن إغفال الكارثة الكبري المنتظرة والتي تهدد الزراعة المصرية، وهي كارثة مياه الري والتي بدأت بشائرها في الظهور مع زراعة الموسم الصيفي لهذا العام حيث النقص الشديد في مياه الري فكيف يكون الحال؟ وكيف يمكن التعامل مع هذه الكارثة والتي تشير بعض تقديرات الخبراء إلى تهديد حوالي نصف المساحة المنزرعة في مصر بالتصحر والجفاف، إن الكارثة كبيرة، والآثار السلبية المتوقع أن تنجم عنها فادحة، ومع ذلك يتسم التعامل الوطني معها حتى على مستوى رئاسة الجمهورية بالسذاجة حتى أن أول تصريح صدر عن رئاسة الجمهورية أن سد النهضة الأثيوبي لن يؤثر على مصر وأمنها المائي وذلك بناء على تصريحات وتطمينات من الحكومة الأثيوبية للحكومة المصرية إن هذا الأمر خطير ويهدد أمن واستقرار المجتمع المصري كله ويجب التحرك وبسرعة لوقف هذا الخطر. لكل مجتمع تركيبته الإجتماعية الخاصة به والتي تميزه عن غيره من المجتمعات وهي نتاج لأوضاع كثيرة إجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية ودينية تمتزج مع بعضها البعض لتشكل تركيبة المجتمع ومن هذا تشكلت التركيبة الاجتماعية للقرية المصرية متضمنة عدد من الطبقات الاجتماعية كان المحدد الرئيسي في تشكيلها عاملين أساسيين هما ملكية الأرض الزراعية والانتساب إلى عائلة، ورغم ذلك كانت الفوارق بسيطة بين الطبقات الاجتماعية في الريف، وكانت شبه جامدة حيث يصعب الانتقال من طبقة إجتماعية إلى طبقة إجتماعية أخرى بسبب المحددين الرئيسيين للوضع الطبقي (الأرض الزراعية والعائلة) وفي ظل هذا الوضع الطبقي يعرف كل شخص في المجتمع الريفي وضعه ودوره ولا يستطيع أن يتعدى حدوده، وعاشت القرية في سلام وأمان.

كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.