تثبيتا لحكمه، وتهيئة لتوريثه لنجله، قام الديكتاتور المخلوع والمنتفعين حوله بارتكاب جريمة تغييب وعي الشعب المصري وتزييف الحقائق أمام عينيه، وجعل المعروف منكرا، والمنكر معروفا، مستخدمين في ذلك آلة إعلامية جبارة، وبعد أن استرد الشعب قراره عقب ثورته المباركة في 25 يناير، أصبح لزاما على كل صاحب فكر أو قلم أو فن أن يعبر عن طموحات هذا الشعب الحر وآلامه وآماله. ولكن ما هو الفن الذي يريده أحرار مصر ؟! إننا نريد فناً يجمع بين الفائدة والمتعة والجمال. نريد فناً يدعو للخير والفضيلة. نريد فناً يقدم الصورة البهية للحضارة المصرية في عصورها الفرعونية والقبطية والإسلامية. نريد فناً إيجابيا لا يدغدغ العواطف فحسب، بل يقدم حلولا واقعية للمشكلات الحياتية. نريد فناً يعلم الناس العزة والكرامة ليرفعوا رؤوسهم بلا خوف ولا خجل. نريد فناً يعلمهم كيف يقولون للص : من أين لك هذا ؟! نريد فناً يعلمهم كيف يقولون للطغاة : "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". نريد فناً يعلمهم كيف يقولون لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل. نريد فناً يعلمهم كيف يحتقرون العملاء والخونة ويجلون الأبطال الحقيقيين. نريد فناً يعلمهم الدفاع عن الدين والأرض والعرض. نريد فناً يجعلهم يعلون من قيمة الشهادة في سبيل الحق. نريد فناً يجعلهم يجهرون بكلمة الحق في وجه كل سلطان جائر. نريد فناً يجعلهم عبادا لله لا عبادا للمأمور. نريد فناً يجعلهم يرون الخانعين الساكتين عن الحق شياطينا خرسا. نريد فناً يجعلهم يوقرون العلماء العاملين الذين لا يخشون في الله لومة لائم. نريد فناً يجعلهم يطالبون بحقهم في الحياة الكريمة . نريد فناً يجعلهم يعملون لمستقبل أفضل. نريد فناً يجعلهم نسورا تحلق في الجو لا غربانا تبحث في نفايات الأرض. نريد فناً يقدم لهم نماذج للبطولة والنجاح. نريد فناً يربيهم على القيم والأخلاق الفاضلة. نريد فناً يرغبهم في القراءة والعلم والبحث والاكتشاف. نريد فناً يجعلهم يهتمون بالجوهر أكثر من اهتمامهم بالمظهر. نريد فناً يعلمهم الطموح لتغيير الواقع الأليم. نريد فناً ينتشلهم من اليأس والإحباط. نريد فناً يدعوهم للثورة على كل محتل دخيل لاستعادة حقوقهم السليبة. وأخيرا نريد فناً يستنهض الهمم ويقوي العزائم لاستعادة أمجاد أمتنا.