«تحيا مصر والسودان».. المصريون يشاركون السودانيين احتفالاتهم في فيصل| فيديو    وزير الخارجية: العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي    أوساسونا يقسو علي برشلونة برباعية في الدوري الإسباني    عمرو أديب يقلد احتفالية رامي ربيعة وعمر كمال بعد ركلتي الترجيح: بتتريقوا علينا.. اشربوا    شيرين عبد الوهاب تعتذر ل«أخيها»: بعتك بأرخص ثمن    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    الجرام يتخطى 4100 جنيه رسميًا.. أسعار الذهب اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024 بالصاغة    انخفاض جماعي.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    أسعار الذهب اليوم في مصر بنهاية التعاملات    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    بايدن: سنرد على أي استهداف للسفن في البحر الأحمر    لافروف: إسرائيل تريد جر الولايات المتحدة للحرب    فصائل عراقية مسلحة عراقية تعلن الهجوم على إيلات الإسرائيلية بالطيران المسير    358 يوما من العدوان .. غارات متواصلة في غزة توقع شهداء وجرحى    الصحة اللبنانية: 33 شهيدا و195 جريحا حصيلة العدوان الإسرائيلى خلال 24 ساعة    خاص| خبير عسكري فلسطيني: نتنياهو سيقود المنطقة لتصعيد لا يُحتمل إذا واصل مخططاته    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    نجم الزمالك يكشف سر تتويج الأبيض بكأس السوبر    «وزير الشباب»: نولى اهتمامًا كبيرًا بتنفيذ حزمة من الأنشطة والبرامج وتطوير المنشآت بجميع المحافظات    دوري المحترفين.. القناة يضم لاعب إنبي    عاجل.. القبض على عامل بكافية فى طنطا وضع كاميرا فى حمام السيدات    التحويلات المرورية.. بيان مهم من الجيزة بشأن غلق الطريق الدائري    توقعات الطقس خلال ال72 ساعة المقبلة.. رياح تضرب 4 مناطق وشبورة كثيفة وأمطار    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    وزير الخارجية يتفقد القطع الأثرية المصرية المستردة في القنصلية العامة بنيويورك    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    المنيا تحتفل باليوم العالمى للسياحة على كورنيش النيل.. صور    يوسف الشريف يبدأ تصوير فيلم ديربى الموت من داخل مباراة كأس السوبر.. صورة    وزير التعليم العالي يتفقد جامعة حلوان الأهلية ويطمئن على انتظام الدراسة    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    «في الطريق».. عضو مجلس الزمالك يكشف مفاجأة بشأن ضم صفقات جديدة    اتحاد القبائل والعائلات المصرية يستقبل وفدا شعبيا من محافظة بورسعيد    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي (فيديو)    المخرج هادي الباجوري: كثيرون في المجتمع لا يحبون فكرة المرأة القوية    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    البداية الحقيقة للخريف.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة (تفاصيل)    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    الطب البيطري بالغربية يحرر عدد 72 محضرًا بأسواق المحافظة خلال شهر سبتمبر    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    إصابة شخصين في حريق محل تجاري ببني سويف -صور    شعبة الخضروات تكشف عن موعد انخفاض أسعار الطماطم    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"دفاع عن القرآن ضد منتقديه"
نشر في المصريون يوم 19 - 06 - 2015

هذا هو عنوان أول كتب د. عبد الرحمن بدوي في سلسلته الثلاثية الأخيرة، "دفاع عن القرآن ضد منتقديه" و"دفاع عن محمد ضد المنتقصين من قدره" و"ترجمة سيرة ابن هشام إلى الفرنسية"، والتي ألفها دفاعاً عن الإسلام والقرآن الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أحسنت مجلة الأزهر في تقديم هذا الكتاب هدية لقرائها، وبمقدمة مهمة عن سيرة د. بدوي ومنهجية الكتاب للدكتور محمد عمارة.
وقد جاءت هذه الكتب المتميزة بعد رحلة علمية وفلسفية طويلة غاص فيها د. بدوي بين مختلف الفلسفات والأديان والمذاهب والفرق، واختار من بينها "الفلسفة الوجودية" فاقتنع بها، وأصبح رمزها ورائدها الأول في العالم العربي، ثم في خاتمة حياته أدرك بوضوح خواء الفلسفات الوضعية والمناهج والفرق المتنوعة، وأن الحق والرشاد هو في الإسلام، وحين سئل قبل وفاته بشهر رحمه الله (توفي في 2002م)، ماذا تود أن تقول وأنت على فراش المرض؟ فأجاب: "لا أستطيع أن أعبر عما بداخلي من إحساس الندم الشديد، لأنني عاديت الإسلام والتراث العربي لأكثر من نصف قرن. أشعر الآن أنني بحاجة إلى من يغسلني بالماء الصافي الرقراق، لكي أعود من جديد مسلماً حقاً. إنني تبتُ إلى الله وندمت على ما فعلت، وأنوي إن شاء الله –بعد شفائي- أن أكون جندياً للفكر الإسلامي وللدفاع عن الحضارة التي شادها الآباء والأجداد، والتي سطعت على المشارق والمغارب لقرون وقرون". أ.ه
وكلام د. بدوي هذا يذكرنا بكلام كثير من فلاسفة المسلمين السابقين الذين ندموا في خاتمة حياتهم على عبثية اشتغالهم الفلسفي وبعدهم عن أنوار الوحي الإلهي المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ومن أمثلة ذلك ما قالهمحمد بن عمر الرازي في كتابه أقسام اللذات:
نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومناوحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أنْ جمعنا فيه قيلَ وقالوا
وقال الرازي: "لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً، ولا تروي غليلاً، .. ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات (الرحمن على العرش استوى)، (إليه يصعد الكلم الطيب)، وأقرأ في النفي: (ليس كمثله شيء)، (ولا يحيطون به علماً)، ثم قال: "من جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي".
والندم والحيرة هو ما وصل له الشهرستاني من الفلسفة فأنشديقول:
لعمري لقد طفت المعاهد كلّها وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعاً كف حائرعلى ذقن أو قارعاً سن نادم
ود. بدوي في مسيرته العلمية الطويلة طالع ألوف المخطوطات النادرة، والتي جعلت لكتبهقوة وتميز، وزامل فيها مشاهير العلماء والباحثين، وتنقل في سبيلها بين الشرق العربي والفارسي والغرب، وكانت باريس مستقره الأخير والتي عاش فيها من قبل سنوات طويلة.
وفي سنواته الأخيرة في باريس لمس مقدار الحقد الأعمى والظالم على الإسلام، والذي ليس له دافع إلا التجني والظلم، وهنا تبينت مصداقيته العلمية التي ترفض التزوير والدجل باسم العلم، فمع كونه فيلسوفاً وجودياً إلا أن العدل والعلم كانا ميزانه، فرفض أباطيل المستشرقين القدماء والسياسيين المعاصرين، وهذا أيقظ فيه الفطرة السليمة، وأدرك كم هي حاجة البشرية للإسلام لتخرج من شقائها الرهيب.
فكتب د. بدوي عن خلاصة العداء الذي لمسه في كتابات الغربيين تجاه الإسلام: "إن عنصرية الغربيين ضد الإسلام واضحة .. فالغرب فيما يتعلق بالإسلام يكيل ليس بمكيالين فقط، بل ربما بعشرة أو ربما بمائة مكيال.. إن الغرب لا يريد أن يفهم من الإسلام إلا ما يريد هو أن يفهمه، ولذلك يرحب ويفسح المجال أمام ترجمة مؤلفات الكُتاب العلمانيين دون غيرها.."، وهذا أمر أصبح من الحقيقة بمكان أن خصوم الإسلام وأعداءه هم من يتصدر المراكز البحثية عن الإسلام، وكيف تتوقع الموضوعية والنزاهة من هؤلاء؟ والمصيبة أن تجني هؤلاء تعدى الكتب ليصبح سياسات مدمرة لبلاد المسلمين وأرواحهم.
كتاب د. بدوى "دفاع عن القرآن" ارتكز على بيان خلل منهجية المستشرقين في مهاجمة القرآن الكريم، وأن هذا الخلل يقوم على الجهل باللغة العربية لغة القرآن فتولد من هذا الجهل أخطاء غاية في السخف، لكنها وجدت قبولا ورضى عند المستشرقين والغربيين، لأنها وافقت عداءهم وبغضهم للإسلام.
وسبب آخر لخلل منهجية المستشرقين هو قلة اطلاعهم على المصادر الإسلامية الصحيحة، ثم يبدأ يشرّق ويغرّب وينسب معلومات ومواقف غير صحيحة للإسلام بناء على ظنون وأوهام لا أساس لها، دون تتبع وتقصٍّ للحقيقة في المصادر الإسلامية.
وسبب ثالث يذكره بدوي وهو انطلاق هؤلاء المستشرقين الحاقدين من خلفياتهم اليهودية أو النصرانية في نقض القرآن الكريم، فلذلك اعتبر هؤلاء أن ذكر القرآن الكريم لقصص بعض الأنبياء السابقين والأمم السالفة هو اقتباس من التوراة والإنجيل، فرد عليهم د. بدوي شامتاً بقلة عقلهم بأن اقتباس النبي صلى الله عليه وسلم من الكتب السابقة لو كان من صنعه هو: "فلا بد أن محمداً كان يعرف العبرية والسريانية واليونانية، ولا بد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل نصوص التلمود والأناجيل"!! ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف غير العربية ولم يكن يقرأ ويكتب حتى بالعربية، ليقطع الله عز وجل بذلك الطريق على مثل هذه الشبه المضحكة عند العقلاء، لكنها للأسف تخدع البسطاء والجهلاء.
ومما أثاره المستشرقون أن في القرآن الكريم أخبارا وقصصا لا تعرفها العرب، فلا بد أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد انتحل هذه القصص والأخبار من أهل الكتاب، ولكن د. بدوي فند هذا الزعم بقوله: "وكأنه يجب على القرآن الكريم حتى يكون بريئاً من أي انتحال أن يقول أشياء مخالفة للعلم العام أو الرشاد"، وهذا كله لأن المستشرقين وأتباعهم من بني جلدتنا لا يؤمنون أصلاً أن القرآن الكريم كلام الله عز وجل أوحاه إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وليس هو كلام محمد عليه الصلاة والسلام.
كشف د. بدوى أن هذا العداء غير الموضوعي ولا العلمي للقرآن الكريم بدأ منذ النصف الثاني للقرن الأول الهجري/ السابع الميلادي، ولا يزال مستمراً، وقد بدأه يوحنا الدمشقي (650-750م تقريباً)، ثم تبعه (أثيميوس زيجابينوس) في (كتابه العقيدة الشاملة)، أما (نيكيتاس البيزنطي) صاحب كتاب (نقد الأكاذيب الموجودة في كتاب العرب المحمديين) فهو أول هجوم مفصل على القرآن الكريم، واستعرض تاريخ هذا العداء للقرآن الكريم.
كتاب د. بدوي كما يقول: "لن نعالج بطبيعة الحال في هذا الكتاب كل القضايا التي أثارها المستشرقون بصدد القرآن، فلم نتطرق إلا لتلك القضايا التي بدت لنا أكثر أهمية، كما حصرنا بحثنا في الفترة ما بين منتصف القرن التاسع إلى منتصف القرن العشرين".
فتناول د. بدوى في كتابه 13 قضية أثارها المستشرقون وأثبت فيها تلاعبهم وتجنيهم على القرآن الكريم إما بجهلهم واستهتارهم بالمنهجية العلمية، وإما متعمدين قاصدين بدافع العداء والحقد، وهذه هي القضايا التي فندها:
معنى وصف النبي بالأميّة، الموازنة الخاطئة بين القرآن والعهد القديم، معنى كلمة فرقان، الافتراضات الخيالية لمرجوليوث، جولتسهير والقياس الخاطئ بين الإسلام واليهودية، الصابئون في القرآن، الرسل في القرآن، قراءة هللينية خيالية للقرآن، هل للبسملة مصدر في العهد القديم، فشل كل محاولة لترتيب زمني للقرآن، مشكلة الألفاظ الأعجمية في القرآن، "يا أخت هارون"، قضية هامان، وهي قضايا يتكرر طرحها من المخدوعين بالهجوم الاستشراقي المتزين بالموضوعية.
هذه القضايا التي تعرض لها د. بدوي تمكن بجدارة من نقض كل البناء الاستشراقي فيها بعلم ومعرفة بحكم تخصصه وتبحره في التراث الاستشراقي، كما أنه قدم اجتهاده الخاص في بعض القضايا، وأظن أن حياته لو طالت وتبحر أكثر في التراث الإسلامي لغيّر بعضاً منها.
من جهة أخرى لم يغفل د. بدوى عن بيان موضوعية بعض المستشرقين مع القرآن الكريم مثل أدريان رولاند الهولندي، الذي قال: "يجب أن أعترف بكامل اليقين بعد دراسة عقلانية لديانة المحمدية أنني وجدت لمحمد وجهاً مختلفاً تماماً عن الذي قالوه عنه، مما ولد عندي الرغبة في تعريف العالم به وبالألوان التي تناسبه"، لكن هذا المستشرق الموضوعي إنما فعل ذلك لغاية واضحة وهي كما قال هو: "البحث عن الحقيقة حيثما وجدت، إن إغلاق الباب أمام الأكاذيب من كل صوب مهمة جديرة بالثناء في كل وقت، إذ تكشف للناس عن ديانة منتشرة غير محرفة... من هذا المنطلق فقط يمكننا إذن مهاجمتها بنجاح، وإن لم نستطع تدميرها فإننا نستطيع على الأقل تدمير وجودها في فكرنا"، وبذلك يكون رولاند عدوا للقرآن والإسلام لكنه يرفض الكذب والخداع الذي يمارسه غالب المستشرقين.
والخلاصة التي يصل لها القارئ للكتاب هي استشعار عظمة القرآن الكريم، الذي هو كلام الله عز وجل الذي تكفل بحفظه "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (الحجر: 9)، والذي لم يتمكن هؤلاء المنتقدون من تمرير باطلهم عليه بين شعوبهم وجهلة المسلمين إلا بالكذب والتزوير والخداع، وما أضعفه من سلاح وحجة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.