حتى كتابة هذا المقال، بلغ عدد الشهداء 35.. والرقم فيما يبدو فى طريقه إلى أن يلامس سقفا قد ينذر بعواقب تقترب من ثورة يناير. السلطات العسكرية مشغولة بالبحث عن "حل".. وربما تجده، ولعلها بدأت أولى خطوة نحو "ترضية" الشارع الغاضب.. غير أن طريقة إدارة الأزمة لم تتغير منذ الإطاحة بمبارك.. فالمجلس لا يتحرك إلا بعد أن "تحمر" عيون الشارع. اعتاد الناس على هذه الطريقة.. ومع ذلك لم يدخر المصريون وسعا فى التحلى بالصبر وكظم الغيظ، غير أن الأمور كانت فى كل مرة تفضى فى النهاية إلى أن يفقد الشارع صبره، ولا يجد الناس سبيلا إلا الاعتصام بالشوارع والميادين.. وعادت المليونيات تلون المشهد السياسى المصرى مجددا. قد يقدم المجلس "حلولا".. ولكن ستظل الأزمة قائمة، لأن المشكلة ليست فى "الحل" ولكن فى الطريقة التى يقدم بها للرأى العام .. والمشكلة الأكبر أن لا حلول موجودة ولا طريقة لائقة تقدم بها.. إلا إذا أريقت على جوانبها الدم.. كما حدث فى ميدان التحرير. حتى اللحظة لم يدرك صناع القرار، حجم المأزق الذى اقتيدوا إليه.. فهناك عشرات القتلى ومئات المصابين، ولا نعرف من المسئول عن كل هذه الدماء: المجلس العسكرى أم الشرطة أم الحكومة أم السلمى؟! لن تتفرق دماء الضحايا على هذه الأطراف.. على النحو الذى يتيح للجانى الهروب من جريمته.. حتى اللحظة يحاكم العادلى وكبار قادة الداخلية من مساعديه.. ومبارك نفسه على مقتل المتظاهرين خلال ثورة يناير.. القضاء لم يقل كلمته بعد.. ما يضع المجلس العسكرى فى موقف بالغ الحرج.. فهو قد أحال وزير الداخلية الأسبق ورئيس الجمهورية السابق إلى العدالة بتهمة قتل متظاهرين.. فمن سيحاكم على جريمة مقتل العشرات فى ميدان التحرير بعد مرور ما يقرب من عشرة أشهر من عمر الثورة؟! هذا هو المأزق الحقيقى والخطير.. الحلول السياسية التى ستقدم لا تعنى أن يطوى ملف الشهداء الجدد. إصدار قانون العزل السياسى.. أو إقالة الحكومة قد يكون حلا جيدا.. ولكنه لن يغسل يد القتلة من دماء الشهداء ولن يكون ورقة للمقايضة على أرواح الضحايا.. فكما حوكم مبارك على جريمته فى ثورة يناير.. فلابد أن يقدم المجرمون الذين قتلوا شبابنا فى "انتفاضة" نوفمبر إلى المحاكمة. [email protected]