أعاد التفجير الذى شهده معبد الكرنك بالأقصر، شبح التفجيرات التى شهدها يوم 17 نوفمبر 1997 فى الدير البحرى بمحافظة الأقصر، وأسفرت عن مصرع 58 سائحًا، حيث كان لهذه العملية تأثير سلبى على السياحة فى مصر، وأقيل على أثرها وزير الداخلية اللواء حسن الألفي. البداية كانت فى حوالى الساعة 12 صباح يوم 17 نوفمبر 1997، حيث هاجم ستة رجال مسلحين بأسلحة نارية وسكاكين، مجموعة من السياح كانوا فى معبد حتشبسوت بالدير البحري، وقتلوا 58 سائحًا فى خلال 45 دقيقة، ثم حاول المهاجمون الاستيلاء على حافلة لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وتم العثور عليهم بعد ذلك مقتولين داخل إحدى المغارات، وكان التقرير الرسمى يدعى أنهم يئسوا من المقاومة وقرروا الانتحار، وكشفت أجهزة الأمن عن ورقة تم العثور عليها فى جيب أحد الجناة جاء فيها: "نعتذر لقيادتنا عن عدم تمكننا من تنفيذ المهمة الأولى" فاتضح أن تكليفًا سابقًا كان قد صدر من مصطفى حمزة، مسئول الجناح العسكري، بمهمة أخرى، وربما أشارت المعلومات بتعلق تلك العملية بأوبرا عايدة التى انعقدت فى مدينة الأقصر واختطاف بعض السياح ومقايضتهم ببعض المعتقلين والسجناء، ولكن استحال تنفيذ العملية نظرًا للاستحكامات الأمنية المشددة، فبادروا بتنفيذ العملية البديلة فى معبد حتشبسوت على عاتقهم ودون أمر قيادى جديد، وهو ما كرسته حالة الانقطاع وعدم التواصل فى تلك الفترة بين قيادات الداخل والخارج. وبلغ مجموع القتلى 58 سائحًا أجنبيًا، كانوا كالتالي: 36 سويسريًا و10 يابانيين، و6 بريطانيين و4 ألمانيين، وفرنسى وكولومبي، بالإضافة إلى قتل أربعة من المواطنين، ثلاثة منهم من رجال الشرطة والرابع كان مرشدًا سياحيًا (كان من القتلى طفلة بريطانية تبلغ 5 سنوات وأربعة أزواج يابانيين فى شهر العسل)، بالإضافة إلى 12 سويسريًا، تسعة مصريين، يابانيين، ألمانيين، وفرنسى أصيبوا بجروح، فيما أثرت المذبحة على العلاقات السياسية بين مصر وسويسرا؛ بسبب رفض مصر مطالب سويسرا بالحصول على تعويضات، ما أقال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك وقتها بعد المذبحة وزير الداخلية حسن الألفي، وتم تعيين حبيب العادلى بدلًا منه، وكاد أن يتكرر المشهد السابق مجددًا، فى تفجير معبد الكرنك بالأقصر، ورغم أن تلك العملية لم تكن الأولى التى استهدفت منشأة سياحية، وإنما جاءت عقب العملية الإرهابية التى جرت بالقرب من أهرامات الجيزة منذ أسبوعين، وأدت إلى مقتل 2 من أفراد الشرطة، ومن ثم فإن ذلك يهدد بوجود نهج جديد فى طبيعة العمليات الإرهابية بمصر . وقال سامح عيد، الباحث فى الشئون الإسلامية والمنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، إن التفجيرات التى استهدفت معبد الكرنك بمحافظة الأقصر، تعد ضربة قاصمة للسياحة المصرية، فى الوقت الذى بدأت فيه النشاط، لافتًا إلى أن تلك التفجيرات تعود بنا إلى تسعينيات القرن الماضى وتوحش الجماعة الإسلامية. وأضاف، أن هناك رغبة لدى أعداء الوطن من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة التى مازالت تتربص بمقدرات الوطن وإرهاب الشعب فى إعاقة الاقتصاد المصري، خاصة لوجود قمة اقتصادية كبرى فى شرم الشيخ، مؤكدًا أن تلك التفجيرات لن تخرج عن الإسلاميين. وأوضح القيادى المنشق، أن ضرب السياحة بجانب العمليات النوعية التى تحدث ما بين حين وآخر، له تأثير على المستوى الدولى خاصة لوجود صورة تنقل للخارج الوضع بغير شفافية أو وضوح. وأشار عيد إلى أن هناك اختراقًا أمنيًا وتقصيرًا من الأجهزة الأمنية التى ركزت على تأمين قمة شرم الشيخ وتركت المناطق الحيوية والسياحية دون تأمين، بينما قال اللواء محمد بدر، محافظ الأقصر، إنه قام بالتنسيق مع وزارة الداخلية وأخرجوا البيان المتعلق بالحادث الإرهابى الغادر والواقع فى معبد الكرنك والذى حاول تنفيذه ثلاثة إرهابيين أحدهم يرتدى حزامًا ناسفًا والثانى بحوزته سلاح نارى بالإضافة إلى عنصر إرهابى ثالث. وأكد بدر أنه حدث اشتباك بين قوات الشرطة والإرهابيين أسفر عنه مقتل الأول بإطلاق النار عليه مكان الحزام الناسف والثانى تعاملت معه قوات الأمن وإصابته بطلق ناري، وقد تمت إصابة شرطى من جراء الاشتباكات، مشيرًا إلى التنويه عن عدم إصدار أى تصريحات خارج البيان الذى أصدرته الداخلية. وأشار إلى أنه تم التنسيق مع الداخلية للقيام بالمزيد من الإجراءات لتأمين الأماكن المزدحمة والموجود بها السياح، مشيرًا إلى إجراء رئيس الوزراء ووزير الداخلية محادثات هاتفية معه خلال تواجدهما فى شرم الشيخ للتأكد من استقرار الأوضاع والمطالبة بالمزيد من إجراءات التأمين. فى سياق متصل، قال اللواء مصطفى بكر، مدير أمن الأقصر السابق، إن ما حدث فى معبد الكرنك كان محاولة لإرهابيين اقتحموا المعبد لتفجير أنفسهم فى الساحة الداخلية للمعبد، مشيرًا إلى تصدى الأجهزة الأمنية لهم والتعامل مع الموقف، ما نجم عنه إصابة شرطى ومقتل اثنين من الإرهابيين الذين قاموا بالعملية. ونقل بكر، توارد أنباء عن محاولة القيام بهجومين فى منطقة الأهرامات بالجيزة، مبينًا أن هذا الهجوم مخطط لإفساد السياحة خصوصًا بالتزامن مع مؤتمر القمة للتكتلات الاقتصادية، منوها بأن الأجهزة الأمنية كانت على استعداداتها الكاملة، حيث إن هذا معهود من الجماعات الإرهابية لمحاولتهم المستمرة لإفساد أى مؤتمر للرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن اختيار الإرهابيين لهذا التوقيت بالتحديد رغبة فى التشويه الخارجى للسياحة وضربها فى مصر، خصوصًا أن المؤتمر يحضره الكثيرون ممن لهم ثقل على مستوى دول العالم. "السيسي" يدعو للاستمتاع بالأمن فى شرم الشيخ.. والأقصر تعاني تصادف التفجير الذى شهده معبد الكرنك بالأقصر مؤخرًا، مع تواجد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى شرم الشيخ، وهو الأمر الذى اعتبره البعض دلالة مقصودة خاصة مع مرور عام على تولى الرئيس السيسى البلاد، كما دعا السيسى المشاركين بقمة التكتلات الاقتصادية بشرم الشيخ، إلى التمتع بالمناظر السياحية والأمان الذى تشهده المدينة، قائلًا: "وختامًا أتوجه بالتحية لكم جميعًا من الشعب المصري، وأدعوكم لانتهاز مشاركتكم بشرم الشيخ للتعرف على ما شهدته وتشهده هذه المدينة من تقدمٍ ورواج فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى التمتع بما تزخر به من مقاصد ومناظر طبيعية وسياحية خلابة"، فى الوقت الذى كانت فيه تحركات لتنفيذ عمليات إرهابية بالأقصر، إلا أن القدر حال دون ذلك، ولعل كلمات السيسى بشرم الشيخ هى توقع لما قد يجرى فى الأقصر، حيث قال: "تتفقون معى أن زعزعة السلم والأمن فى المنطقة من شأنها عرقلة جهودنا الاقتصادية والتنموية، فكلا المجالين متفاعلان ومندمجان كل مع الآخر، فبدون تحقيق السلم والأمن لن يتحقق الاستقرار الاقتصادى والرخاء والتنمية لشعوبنا، وكذلك بدون الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى والوفاء بمتطلبات شعوبنا التنموية لن يتحقق الاستقرار الأمنى والسلم فى منطقتنا". من جهته، قال الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، أحمد بان، إنّ الجماعات الإرهابية تحاول استنزاف الدولة المصرية، لأنّ الهدف الأول من الحادث الإرهابى بمعبد الكرنك هو ضرب السياحة بعد تعافيها، وتحسن الحالة الأمنية. وأضاف بان، أنّ الحادث الإرهابى يأتى بالتزامن مع مرور عام على تأسيس تنظيم "داعش" المسلح، موضحًا أنّ طبيعة البيئة المحيطة بمعبد الكرنك لا تساعد على تأمينه بالكامل، موضحًا أنّ منطقة جنوبسيناء خالية من العمليات الإرهابية بسبب عمل الأهالى فى مجال السياحة، لافتًا إلى أنّ الإرهاب يُحاول إثبات وجوده عن طريق عمليات نوعية لضرب الاستقرار.