اعتقال 3من قيادات «الإرشاد» ونصائح «الجبير» والتطورات الأخيرة بسوريا تثير توقعات حول تسوية محتملة فجر إلقاء القبض على رموز جماعة "الإخوان المسلمين" المتاعب بشكل مسبوق في وجه الجماعة، لاسيما أن توقيف كل من الدكتور عبدالرحمن البر ومحمود غزلان والمهندس عبدالعظيم الشرقاوي ومن قبلهم الدكتور محمد طه وهدان تزامنًا مع موجة من الجدل بين تيارين أحدهما يتبنى العنف، والآخر يتمسك بالسلمية كمنهج في معارضة النظام الحالي. فضلاً عن تفجير حملة من التخوين غير المسبوقة داخل الجماعة، من خلال التأكيد على أن اعترافات وهدان هي التي قادت إلى سقوط البر وغزلان والشرقاوي، من خلال الكشف عن مكان اختبائهم، لاسيما أن الكثير من المراقبين تحدثوا عن أن سقوط الأول كان أحد تجليات الصراع داخل الجماعة بين القيادات التاريخية والجناح الشبابي. في الوقت الذي لم يخف فيه البعض داخل الإخوان مخاوفه من أن هناك اختراقًا أمنيًا شديدًا تعرضت له الجماعة خلال الفترة الأخيرة أسهم في الإيقاع بقيادات مكتب الإرشاد واحدًا تلو الآخر بشكل زاد من الضغوط عليها، وأشعر الجميع بأن الأمن انتزع منها زمام المبادرة بشكل لافت. واتجهت الأنظار خصوصًا إلى احتمال وقوف عدد من أعضاء المكتب الإداري للإخوان المسلمين بمحافظة الإسكندرية في الإيقاع بعدد من قادة الجماعة، من خلال تقديم معلومات قيمة للأمن أسهمت في كشف مقر القيادات الثلاث، وجعلت الأمن يضع يديه على ما سماه "خلية الشاطر" لتخريب مؤسسات الدولة، والتي يقول الإخوان إنها "مفبركة من الألف للياء إذا كيف يتم تفكيك خلية بهذا الحجم دون الكشف عن اسم واحد من المتهمين فيها"، بحسب المتشككين. وفي حين تخيم الضبابية على المشهد داخل الإخوان بعد القبض على القيادات الثلاثة، ووسط حالة من الشكوك والمخاوف من اختراق تنظيم ظل لعقود طويلة عصيًا على الاختراق، ساد حالة الهدوء التي سادت الشارع عقب القبض على القيادات الإخوانية الأربعة وعدم استمرار الجماعة أو قنواتها في الحديث عن العصيان المدني التي دعت له الجماعة، ما أثار مزيدًا من التساؤلات حول أسباب هذا الهدوء وإمكانية وجود قناة للتفاوض بين النظام والجماعة خلال الفترة الأخيرة. وعزز من تلك التكهنات أن مقربين من الجماعة يرددون أن القبض على غزلان والبر والشرقاوي يأتي في إطار مسعى من أجهزة الدولة للضغط على الجماعة للقبول بالرغبة الرسمية للتفاوض مع الجماعة، لاسيما أن الضغوط الدولية والإقليمية على نظام السيسي، فيما يتعلق بملف المصالحة تصاعدت بصورة غير مسبوقة خلال زيارة عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الأخيرة إلى مصر، حيث سيطرت ملفات المصلحة مع الإخوان والأوضاع في سوريا واليمن على مفاوضاته مع المسئولين المصريين. يأتي هذا في الوقت الذي كشفت مصادر عن ترتيبات لزيارة ينتظر أن يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى السعودية خلال الأيام القليلة الماضية لبحث هذه الملفات، وعلى رأسها ملف المصالحة بين الدولة والإخوان، خاصة وأن الانتقادات التي تعرض لها خلال زياراته لألمانيا تثبت وجود صيغة دولية ترى أنه لا استقرار في المنطقة بدون دمج تيار الإسلام السياسي في المشهد. وساهم في تكريس حالة من الهدوء بين الدولة والجماعة، تصريح السيسي خلال مؤتمره الصحفي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن أن إحالة أوراق الرئيس الأسبق محمد مرسي للمفتي "ما هو استفتاء شرعي على العقوبة التي ستصدر بحقه وهناك مراحل أخرى لنقض الحكم"، متابعًا: "لا نريد أن نحرق المراحل وننتظر ماذا عسانا أن نفعله حال صدور حكم الإعدام بشكل نهائي". إذ اعتبر محللون أن كلامه هذا يؤكد أن أحكام الإعدام لم تنفذ حال صدورها، خصوصًا بعد أن أوقفت فضائيات الإخوان الحديث عن التصعيد، خصوصًا فيما يتعلق بالدعوة إلى الإضراب في 11 يونيو الجاري. وبحسب خالد الزغفراني، القيادي الإخواني المنشق، والباحث في شئون الحركات الإسلامية، فإن "هذه الأجواء تكشف عن إمكانية وجود تسوية بين الطرفين قد تقود إلى مصالحة بين الدولة وتيار الإسلام السياسي، لاسيما أن التطورات الأخيرة أثبتت عدم إمكانية تسيير الأجواء الحالية بدون تحقيق هذه المصالحة، في ظل الأجواء المعقدة التي تعاني منها المنطقة لاسيما، مع تصاعد الصعوبات في سوريا، وقرب سقوط نظام الأسد، وتدهور الأوضاع في اليمن". واعتبر الزعفراني أن "المصالحة تبقى الخيار الأخير لصالح جميع أطراف الأزمة، خصوصًا أن الأوضاع الاقتصادية والأمنية تفرض هذا، فضلاً عن الضربات الأمنية التي تعرضت لها الجماعة قد تكون محاولة من الدولة لدفع الجماعة لتقديم تنازلات مؤلمة والقبول بشروطها للمصالحة". فيما رأى أمل عبدالوهاب، القيادي الجهادي المنشق، أن "تطورات الأوضاع في المنطقة خصوصًا من الخسائر التي تعرض لها نظام الأسد ببعد سقوط تدمر وإدلب وغيرهما ووجود نوع من التوافق الإقليمي على انتهاء مستقبل الأسد قد تشكل كلها عامل ضغط على الدولة للمضي قدمًا في إجراءات المصالحة خصوصًا أن سقوط الأسد قد يدفع الإخوان مدفوعين بالنصر في سوريا للتشدد في مواقفهم". ورأى أن "الضربات الأمنية التي تتعرض لها الجماعة تشكل توقيتًا مناسبًا لتحقيق هذه المصالحة، خصوصًا أن القبض على غزلان والبر والشرقاوي وكشف خلية الشاطر قد شكل ورقة ضغط على الإخوان لتبني مواقف أكثر خطورة من طرح المصالحة".