جاء مانشيت صحيفة المصرى اليوم وتفاصيله، الثلاثاء 8 نوفمبر 2011، «إن صدق»، حاملاً إدانة للمجلس العسكرى والحكومة بالدكتاتورية والانحياز إلى الأقلية زاعقة الصوت، حيث قالت الصحيفة: كشف مسؤول بارز فى رئاسة الوزراء، أن الحكومة بدأت مشاورات مع المجلس العسكرى، وبعض القوى السياسية، للتوصل إلى رؤية مشتركة حول وثيقة المبادئ الدستورية المزمع إصدارها خلال أيام، كما أظهر المسؤول، الذى «طلب عدم نشر اسمه»، العين الحمراء حين أضاف، أن الوثيقة يجب أن تصدر بعد توافق عام حولها، كما أضاف المسؤول فى جزء آخر من الخبر، أن الإخوان والسلفيين يتحفظون على بعض بنود الوثيقة، لتحقيق مكاسب سياسية، رغم موافقة الأحزاب والقوى الليبرالية عليها، كما شدد المسؤول فى جزء ثالث من الخبر «ناصحاً من ينحاز إليهم»، على ضرورة التنسيق بين الأحزاب والقوى الليبرالية فى الانتخابات، لتحقيق التمثيل الحقيقى للشعب، قائلاً، إن الإخوان والسلفيين سوف يخوضون الانتخابات بتنسيق كامل، وهو ما يهدد بتشكيل غير واقعى للبرلمان، إلى هنا انتهى المنقول عن المصرى اليوم، والذى شمل انحيازاً للأحزاب الليبرالية ونصائح موجهة من هذا المسؤول البارز إلى الليبراليين، كما شمل استهتاراً منه بالإرادة الشعبية وعدم احترامه لها، عندما قال، «إن الإخوان والسلفيين سوف يخوضون الانتخابات بتنسيق كامل، وهو ما يهدد بتشكيل غير واقعى للبرلمان». فكيف يُنعت اختيار الشعب ب«غير الواقعى»، فهل يوجد أصدق من الانتخابات الشفافة للتعبير عن اتجاهات الرأى العام، أم أن الاستقصاء لدى المسؤول البارز، لا يكون إلا عبر الندوات «الموجهة»، مثل تلك الواهمة الزائفة التى روجت قبل استفتاء مارس، أن الرافضين للتعديلات الدستورية يزيدون على 90%، لتأتى بعدها الحقيقة عبر الإرادة الشعبية بأقل من 23% لهؤلاء، ولم يقدم هؤلاء الذين قاموا على هذا الاستقصاء «الموجه» بعد فضيحتهم بل وبعد نقد بعض أقرانهم اليبراليين من المهنيين المحترفين، اعتذاراً عن انعدام المهنية، ولا توبة عن الكذب والتضليل، ولا حتى نية فى علاج أنفسهم من أمراض القلوب. صدقونى، كنت أتمنى أن ينال الفصيل الليبرالى الصغير، حصة من الخريطة السياسية المصرية، بل وتطوعت فى مارس الماضى، رغم توجهى المخالف لهم، لكى أقدم لهم جهداً استشارياً مجانياً، شريطة أن يعيدوا صياغة ليبراليتهم، صياغة مصرية خاصة، تعى بأن الدين هو مكون أساسى لوجدان الشعب المصرى، وأن لا سبيل لديهم أن يخترقوا الشارع المصرى، طالما ظلوا مهاجمين للإسلاميين ولمرجعيتهم، ولكنهم أبوا إلا أن يعرفوا حصادهم، فى الانتخابات القادمة بإذن الله. لا يمنعنى توجهى، أن أمارس النقد الذاتى، فأقول إن الإسلاميين يتحملون الجزء الأعظم، عن ضياع فترة انتقالية، كان بالإمكان أن نجعلها فترة تأسيس لنهضة مصرية، وأيضاً فترة حلول ممكنة لمشاكل كثيرة، وفترة إنجاز للممكن فى القطاعات كافة، ولكنهم استدرجوا إلى جدالات لا طائل من ورائها، مرة فى «الدستور أولاً أم الانتخابات؟» والأخرى فى «المواد فوق الدستورية»، بينما كان بإمكاننا أن نذهب أبعد من الليبراليين، حين نقول إننا مع كافة الحريات السياسية، وحرية العمل الأهلى، وحقوق المواطنة إجمالاً وبدون تمييز، وأننا نقدم أنفسنا إلى الشعب المصرى «كله»، معرفين الدولة الحديثة بأنها الدولة التى تحتكم إلى الدستور والقانون فى كل شئونها، والتى تأتى حكوماتها المتعاقبة عبر آليات ديمقراطية، ثم هى التى تأخذ بأسباب العقل والعلم والإدارة العلمية فى كافة دواوينها، وأننا لا نقبل بأى قيد «غير ديمقراطى»، تريد قلة أن تضيفه إلى هذا التعريف، سواء بمادة فوق دستورية أو بمادة حاكمة، وأن لا وقت لدينا لنضيعه فى جدالٍ معكم، يلهينا عما لدينا، وهو البدء فى بناء مصر الجديدة من الآن. ولكن للأسف، اُستدرج الإسلاميون إلى هذا الجدال العقيم، بينما كانوا هم الأجدر، ومازالوا، للالتفات إلى القطاع الاقتصادى وقطاع الخدمات العريض وأن يجبروا الحكومة أن تشتغل عليه، حتى نحقق إنجازاً لمصر، ونختصر مسافات زمنية، تنزل بالاحتقان الشعبى إلى حدود مقبولة، يمكن معالجتها أيضاً بالإقناع. لن أفقد الأمل، فمصر مازالت ثرية بكل مكوناتها ومنها البشرية وستظل، ولذلك حديث قادم بإذن الله. محسن صلاح عبدالرحمن [email protected]