فى تطور دراماتيكى، قضت المحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار مجدى العجاتى نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة باستبعاد أعضاء الحزب الوطنى المنحل من الترشح للانتخابات. وأكدت المحكمة الإدارية العليا، فى حيثيات حكمها، أن السلطة التشريعية مختصة دون غيرها بحرمان من يثبت إفساده للحياة السياسية، سواء كان منتميًا للحزب الوطنى أو لغيره من الأحزاب ولا اختصاص للقضاء فى هذا الشأن. وجاء فى حيثيات الحكم أيضا، أن الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية يعد انتقاصًا من الحقوق المصونة والمكفولة دستوريًا، وأن حرمان أى شخص من مباشرة هذه الحقوق يتعين أن يستند لنص صريح فى القانون. وأوضحت المحكمة كذلك أن الحرمان من مباشرة هذه الحقوق السياسية وردت أسبابه فى قانون مباشرة الحقوق السياسية ولا يجوز القياس عليها أو الإضافة إليها من قبل المحكمة لما يمثله ذلك من خروج على مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والقضائية. وتابعت، "القول بحرمان الذين كانوا ينتمون إلى الحزب الوطنى المنحل أو غيره من الأحزاب أو غيرهم من الأشخاص المنتمين لأى حزب إذا ثبت ارتكابهم أفعالا تؤدى لإفساد الحياة السياسية، يخرج عن اختصاص القضاء، ويدخل فى اختصاص السلطة التشريعية التى عليها عند تنظيمها لهذا الحرمان أن تراعى ألا يؤدى هذا التنظيم للعصف بحقوق المواطن السياسية، حتى لا تقع فى مخالفة دستورية تعرض التشريع المزمع إصداره للطعن بعدم دستوريته حتى لو استفتى الشعب عليه". ونوهت المحكمة أيضا بأن حكمها السابق الذى قضى بإقصاء الحزب الوطنى لما ثبت من إفساده الحياة السياسية لم يرد به نص بحرمان أعضاء الحزب بالتبعية لانقضاء الحزب من حق ممارسة حقوقهم السياسية. وكان المحامون عن أعضاء الحزب الوطنى الصادر ضدهم الحكم بمنعهم من الترشيح فى الانتخابات التشريعية المقبلة طالبوا فى مرافعتهم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم، تحت ذريعة أن الحكم صدر دونما الاستناد إلى أدلة يقينية وقاطعة بإفساد جميع أعضاء الحزب "المنحل" للحياة السياسية فى مصر. وقال مقيمو الطعن، إن الحزب الوطنى كان يضم بين جنباته ما يزيد على 3 ملايين مواطن مصرى، لم يشارك السواد الأعظم فيهم فى وقائع الفساد التى شهدتها مصر، مشيرين إلى أن قلة قليلة من قيادات الحزب هم الذين أقدموا على ارتكاب تلك الوقائع، ويخضعون بسببها للمساءلة القانونية والمحاكمات القضائية. وشهدت جلسة نظر المحكمة الإدارية العليا الطعن المقدم من المحامى عمر هريدى، على حكم القضاء الإدارى بالمنصورة باستبعاد أعضاء الحزب الوطنى "المنحل" من الترشح بالانتخابات البرلمانية 2011 أحداثا ساخنة، حيث اعتدى بعض المحامين على عدد من الصحفيين المتواجدين فى الصفوف الأمامية من القاعة، التى ازدحمت عن آخرها, مما اضطر رئيس المحكمة، المستشار مجدى العجاتى، لرفع الجلسة لمدة خمس دقائق، ثم استئنافها مرة أخرى، بعد أن تدخلت قوات الشرطة المتواجدة بالقاعة للسيطرة على الأمور. وكان سبب المشادة قيام أحد المحامين بالتصفيق أثناء الجلسة، الأمر الذى رفضه أحد الصحفيين، مما صعّد الأمر وأدى لقيام بعض المحامين بسباب الصحفيين والاعتداء عليهم بعد قيامهم بالدفاع عن زميلهم دون مراعاة لانعقاد المحكمة، ورفض الصحفيون إكمال الجلسة دون قيام الشرطة باتخاذ إجراءات حمايتهم، الأمر الذى تدخل فيه اللواء كمال الدالى، مدير مباحث الجيزة والعقيد مصطفى محفوظ رئيس مباحث الدقى والذى قام بحماية الصحفيين. يذكر أن الجلسة بدأ فى الثانية عشرة ونصف ظهر أمس، الاثنين، برئاسة المستشار مجدى العجاتى، واكتظت قاعة المحكمة بالعديد من وسائل الإعلام المختلفة، كما شهدت المحكمة استعدادات أمنية من قبل رجال الأمن لم يسبق لها مثيل. واستمعت المحكمة إلى خالد سليمان، المحامى الحاضر عن الطاعن، والذى أكد أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة والذى قضى باستبعاد أعضاء الحزب الوطنى من الترشيح للانتخابات كان مفاجأة لهم، واصفا إياه بأنه أسند إلى كل من ينتمى للحزب الوطنى وقائع لم يتم التأكد منها، وأن هذا الحكم صدر عنوة ولا يستند إلى أى قانون إلا قانون الغدر. وأضاف سليمان، أن المستشار حاتم داود، قاضى محكمة أول درجة، أجرى لقاء بصحيفة "صوت الأمة " التى تطبع فى مطابع الأهرام صباح يوم الخميس الذى صدر فيه الحكم، مما يعنى أن الحكم كان مكتوباً سلفاً . وتابع، "القاضى قال فى حواره إنه أصدر حكما تاريخيا يتباهى به، وإنه لا يجوز الطعن فيه من أى فصيل وإنه سوف يلاحق الحرامية والفاسدين". وفيما قام سليمان بتقديم حافظة مستندات تحتوى على عدد "جريدة صوت الأمة"، المشار إليه سابقا، واستمعت المحكمة إلى توضيح من عمر هريدى المحامى ووكيل الطاعن، والذى ذكر أن الإعلان الدستورى منح جميع المصريين حق مباشرة الحقوق السياسية، مشيرا إلى أن قانون مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون 108 لسنة 2011 لم ينص - ضمن شروطه للترشيح - على منع الترشيح للانتخابات البرلمانية, إلا لمن صدر بشأنه حكم جنائى فى جريمة مخلة بالشرف، ما لم يكن رد إليه اعتباره. وأضاف أن الطاعن تتوافر فيه جميع شروط الترشيح، وأن ما استند إليه الحكم من أن المحكمة الإدارية العليا قضت بحل الحزب الوطنى مردود عليه، وأن حكم المحكمة الإدارية العليا لم يتضمن فى حيثيات استبعاد أى من أعضاء الحزب الوطنى من مباشرة حقوقهم السياسية، لذا فإن الحكم المطعون عليه شابه القصور فى الأسباب والعوار الذى ينحدر به إلى حد الانعدام، فيما قضى به من استبعاد من يثبت انتمائه للحزب الوطنى فى سابقة قضائية هى الأولى من نوعها عند تغيير كلمة الانتماء التى تحاسب على الهوى الشخصى والميول. وفى هذه اللحظة استوقفته المحكمة وأشارت إليه بأنه بهذا القول يكون وجه تجريحا إلى القاضى الذى أصدر الحكم, كما استمعت المحكمة إلى الطرف الآخر المتمثل فى المطعون ضدهم, حيث أكد عصام الإسلامبولى، المستشار القانونى لجريدة "صوت الأمة"، أن الحزب الوطنى ليس مبانى أو منشآت ولكن عناصر تنفذ أفكارا ومبادئ تقوم بالتزوير. وأكد الإسلامبولى قام بعزل 3 ملايين, فى حين أن الحزب الوطنى قام بعزل 80 مليونا، واحتكر لنفسه صفة تمثيل الشعب، وإنه ليس من حقه أن يطالب بحقوق حرم منها الشعب لمدة 30 عاما وليس لفترة مؤقتة. كما استمعت المحكمة إلى أحمد أبو بركة، المستشار القانونى لحزب الحرية والعدالة، والذى أشار إلى أن انقضاء الحزب الوطنى الصادر بحكم الإدارية العليا لا يعنى انقضاء مبان وأموال بل شخوص مارسوا ضد الشعب المصرى كل أنواع الفساد والإفساد طيلة 30 عاما، هى فترة وجود النظام البائد. وقال خلال مرافعته أمام الإدارية العليا عن حكم القضاء الإدارى الصادر بعزل الفلول: "إن الثابت يقينا أن فكرة انقضاء الحزب الوطنى لم يكن المقصود بها المبانى، وإنما انقضاء كل النظام الذى أفسد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية طيلة الأعوام التى كان يتولى فيها الرئيس المخلوع سدة الحكم، والتى كانت تمارس ضد إرادة الشعب". وأشار أبو بركة إلى أن أعضاء الحزب الوطنى المنحل من أول القيادات حتى آخر فرد فى نجع من نجوع الوطن، ساعدوا فى انتهاك القانون وزوروا إرادة الشعب والمجالس التشريعية، مضيفاً أن كل الثورات حينما تسقط النظام فإنما تسقط مبادئه ووسائله وآلياته. وكان القضاء الإدارى بالمنصورة وجه، فى وقت سابق، لطمة لفلول الحزب الوطنى المنحل، عندما أصدرت محكمة القضاء الإدارى، برئاسة المستشار حاتم محمد داود، حكما تاريخيا بإلغاء ترشيح أعضاء الحزب المنحل لمجلسى الشعب والشورى بالدقهلية، وهو الحكم الذى لاقى حينها ترحيبا واسعا من الأحزاب والقوى الثورية، مؤكدين أنه مؤشر على إجراء انتخابات برلمانية نزيهة وديمقراطية، كما طالبوا بسرعة تنفيذه واستبعاد جميع مرشحى المنحل من انتخابات الشعب والشورى المقبلة.