فى تصريحات عكست حجم القلق الذي يسيطر على أذهان القوى الإقليمية والعالمية بشأن العلاقات المصرية – الإسرائيلية توقع الملك عبد الله الثاني ملك الأردن قيام مصر بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، على الرغم من تعهدات مصر بالحفاظ على الاتفاقية الموقعة بين الجانبين منذ عام 1979. وقال في تصريحات، لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن احتمال قيام مصر بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل "قوي للغاية"، مضيفاً بأن الأردن هي آخر من يحتفظ بعلاقة مستقرة مع إسرائيل. تصريحات ملك الأردن دقت ناقوس الخطر وأعادت الجدل في الصحافة الغربية حول مستقبل اتفاقية السلام بين مصر و إسرائيل، حيث قالت مجلة "أتلانتك" الأمريكية إن هذه الاتفاقية كانت تشكل حجر الزاوية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط لأكثر من ثلاثين عامًا، وأضافت إنه مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي من المقرر أن تجري في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن الكثيرين في واشنطن أن تفرز هذه الانتخابات حكومة معادية لمعاهدة السلام، لاسيما إذا حصل الإخوان المسلمون على نسبة تصويت مرتفعة. وترى المجلة أنه من الصعب القول بأن هذه المخاوف غير مبررة، فلطالما انتقد الإسلاميون في مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، و تم اغتيال الرئيس أنور السادات لتوقيعه هذه الاتفاقية، وبعد الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك في وقت سابق من هذا العام تعهد القادة العسكريون الجدد باتخاذ موقفاً أكثر تشدداً تجاه إسرائيل، كما شهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية الكثير من التوتر بعد مقتل جنود مصريون على الحدود بنيران إسرائيلية واقتحام المتظاهرين الغاضبين لمقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة. إلا أن المجلة عادت لتؤكد أنه على الرغم من هذه التطورات المثيرة للقلق، فإن هناك في المقابل العديد من المؤشرات التي تدعو للتفاؤل و الأمل في متانة العلاقات بين البلدين، معتبرة أن حوادث العنف الأخيرة كانت بمثابة دعوة للاستيقاظ للبلدين، مشيرة إلى أن كلا الجانبين كان يعمل بهدوء على مدى الأشهر الماضية لتصحيح الأوضاع، حيث بادرت إسرائيل بالاعتذار لمصر عن مقتل جنودها على الحدود و أخذت البلدان بهدوء في البحث عن سبل لعودة الدبلوماسيين الإسرائيليين للقاهرة بعد أحداث السفارة الإسرائيلية، و علاوة على ذلك تعاونت الدولتان بشكل مكثف لإتمام صفقتين لتبادل الأسرى الأولي بين إسرائيل و حركة حماس، والثانية بين مصر وإسرائيل. ومضت قائلة إنه على الرغم من أن فكرة وجود علاقات حميمة مع إسرائيل لا تحظى باهتمام كبير في الشارع المصري، إلا أن غالبية المصريين يريدون الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، حيث أظهر استطلاع حديث أجراه المعهد الدولي للسلام أن أكثر من 70% من المصريين الذين شملهم الإستطلاع أكدوا أنهم يفضلون الحفاظ على إتفاقية السلام مع إسرائيل، و هو ما يشكل زيادة بنسبة 10% عن آخر إستلاع مماثل في أبريل الماضي، و هي النتائج التي أكدها استطلاع أجراه مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية. ولفتت إلى أنه حتى المرشحين الإسلاميين الذين يسيطرون على اثنين من أربعة قوائم حزبية في الانتخابات القادمة، خرجوا عن نهجهم ليؤكدوا عزمهم الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل، مشيرة إلى أن عبود الزمر القيادي بالجماعة الإسلامية دعا إلى الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل في حال وصول الإسلاميين للسلطة، كما استشهدت بتصريحات المرشح المحتمل للرئاسة الشيخ حازم أبو إسماعيل، بأنه على الرغم من معارضته لإتفاقية السلام مع إسرائيل، إلا أنه كزعيم لن يقوم بإلغائها أو شن الحرب على إسرائيل. وختمت المجلة قائلة إنه إذا أفرزت الانتخابات القادمة في مصر قادة تستجيب حقاً لرغبات شعوبها، فيبدو أن اتفاقية السلام مع إسرائيل ستبقى في مكانها على الأقل للفترة القادمة، و أكدت على أن الأمر يتطلب عناية من الطرفين للحفاظ على اتفاقية السلام بالإضافة إلى دعم من واشنطن الوسيط و الراعي الأصلي للاتفاقية، معتبرة أن التنبؤات التي طرحها الملك عبد الله حول انهيار وشيك للمعاهدة تبدو سابقة لأوانها.