لأيام كثيرة تلت قضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، نأى الإعلام الأمريكي بنفسه عن الخوض في القضية أو اتخاذ موقف ما لاعتبارات تظل مجهولة, لكن فيما بعد، تبنت الولاياتالمتحدة حكومة وإعلاما موقفا متوازنا إزاء القضية، معتبرة أن نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد في الصحف الأوروبية يشكل تحريضا "غير مقبول" على الحقد الديني والعرقي. والحقيقة أن الموقف الأمريكي هذا وإن جاء متأخرا، إلا أنه مدروس ومحسوب تماما، بالنظر إلى حوادث إساءة وتطاول على الإسلام والمسلمين عديدة من قبل وسائل إعلام أمريكية أو رجال دين أو سياسيين أو حتى شخصيات عامة. * خليط من السياسة والدين! في شبكة سي إن إن CNN تحدث الكاتب الأمريكي بروس فيولير عن القضية معتبرا أنها تسببت في اشتعال الرأي العام الإسلامي، وقال الكاتب إن الأمريكيين يمكنهم فهم رد الفعل العاطفي الإسلامي عندما يسترجعون قضايا مشابهة أمريكية مثل تكررا حرق العلم الأمريكي بأيدي مواطنين أمريكيين، وهو العمل الذي يراه الكثير من الأمريكيين عملا يجب تجريمه. ويرى فيولير أن الاحتجاجات على نشر الكاريكاتير في بعض الحالات خليط من السياسة والدين. ومن العدالة أيضا حسبما ذكر أن يلقي المسلمون نظرة على ما يتم نشره في بلادهم ويسيء للديانة اليهودية والديانة المسيحية، والملاحظ هنا خطاب يحاول الإشارة إلى أن المسلمين هم السباقون دائما في الإساءة للآخرين ومعتقداتهم. * فهم جمعي! أما في شبكة إم أس إن بي سي MSNBCفتحدث تحدث السيد إبراهيم هووبر من مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية المعروف باسم CAIR , وقال إنه يؤمن بحرية الصحافة وحرية التعبير، إلا أنه أكد على أحقية الاحتجاج السلمي على ما يسيء للدين الإسلامي. وأضاف هووبر أن الكاريكاتير الدانمركي هدف إلى الإساءة إلى المسلمين بصورة متعمدة. وشبه الإساءة للرسول يما يحدث من إساءة للديانة اليهودية في الإعلام الإسلامي، وأكد على ضرورة إدانة هذه الإساءات أيضا. واعتبر أن احترام حرية التعبير لا يجب أن يترجم على إنها استطاعة الإنسان أن يفعل أو ينشر أي شيء يقدر عليه ولنا ان نفهم طبيعة فهم الاعلام الغربي لموضوع الاسائة للاديان والمعتقدات فهي قضية لا ترتبط مطلقا بالديانات الثلاث مجتمعة . وعلى اثير الراديو الوطني الأمريكي NPR تحدث أستاذ الإعلام اللبناني بالجامعة الأمريكية ببيروت رامز معلوف لبرنامج طبعة الصباحMorning Edition، وذكر أن الغالبية العظمى من المسلمين شعروا بالمهانة من جراء نشر الكاريكاتير الدانمركي. إلا أن البعض شعر بالإهانة أكثر من البعض الأخر. وذكَر معلوف المستمعين أن عرض أي صور للرسول محمد هو شيء محرم في الديانة الإسلامية، وأن سكان العالم الإسلامي شديدو التدين. * تحكم الإسلام الأصولي! وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز Los Angles Timesأن الغضب انتشر بين المسلمين عبر العالم على إثر تزايد المؤسسات الإعلامية التي تعمد إلى إعادة نشر صور كاريكاتيرية، مسيئة للرسول محمد كانت صحيفة دانمركية قد نشرتها قبل أشهر. وتشير الصحيفة إلى أن الصراع تفاقم على أكثر من صعيد، حيث شمل تهديد مواطني الدول التي نشرت فيها تلك الرسوم، ومقاطعة بضائعها وحرق أعلامها في مظاهرات شملت أنحاء عدة من العالم الإسلامي. لكن الصحيفة نقلت عن رؤساء تحرير بعض الصحف وزعماء سياسيين ومنادين بحرية الصحافة، تحذيرهم من أن هذه الأحداث تهدد الحقوق الديمقراطية للأشخاص. وعرضت الصحيفة لوجهة نظر رسام الكاريكاتير السويسري باتريك شاباتي، الذي قال إن رد فعل المسلمين أصابه بالصدمة لأنه يظهر مدى وإمكانية تحكم الإسلام الأصولي في حياتهم، مضيفا أن الهدف هو حجب رسوم الكاريكاتير كما تحجب النساء. * صراع ثقافي سيستمر! من ناحية أخرى اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز New York Timesأن حدة التوتر لم تخف فيما يتعلق بهذه القضية، مشيرة إلى أنها آخر مظاهر الصراع الثقافي المحتدم بين أوروبا والمسلمين الذين يمثلون 10% من سكان بعض الدول في تلك القارة. وأشارت الصحيفة إلى أن كل الدلائل تظهر أن الأوروبيين ماضون في التصعيد، رغم تحذير بعض علماء المسلمين من أن هذه القضية قد تكون ذريعة للمتشددين لدعم أعمال إرهابية أو تنفيذها المصدر: العصر