اتخذت المناقشات في ثاني أيام مؤتمر الفحم، الذي اختتم أعماله اليوم، طابعا أكثر عملية واقترابا من المشكلات الفعلية التي يطرحها استيراد الفحم واستخدامه كوقود لعدد من الصناعات ولمحطات الكهرباء. فقد ركز الحاضرون من المسؤلين والخبراء على كيفية ضمان تطبيق المعايير البيئية التي تحد من أضرار التلوث المرتبطة به، وعلى الصعوبات المتعلقة بنقله بشكل آمن وسريع من الموانيء للمصانع. وكانت جلسات اليوم الأول للمؤتمر، الذي عقد تحت عنوان "الاستخدام الأمن للفحم كبديل للطاقة ودوره فى دعم الاقتصاد المصري" قد ركزت بشكل كبير على الرد على الانتقادات الموجهة لاستخدام هذا الوقود، في ظل أزمة الطاقة التي تعيشها مصر، والتأكيد على أن الفحم يدخل ضمن مزيج الطاقة المستخدم في مختلف دول العالم. وقد سمحت الحكومة بإدخال الفحم ضمن مصادر الطاقة التي تعتمد عليها مصر قبل عام واحد، وهو القرار الذي أثار جدلا واسعا وتخوفات من احتمالات تأثيره بشكل سلبي على صحة المواطنين. وقال وزير الاستثمار أشرف سالمان، اليوم، إن الاستثمارات المرتبطة باستخدام الفحم والمتوقعة خلال السنوات الخمس المقبلة تصل إلى 30 مليار دولار، تتضمن محطات كهرباء عاملة بالفحم، كتلك التي أعلنت عنها شركة أوراسكوم للإنشاء، بالإضافة للاستثمارات التي يتم ضخها في مصانع الأسمنت لتحويل خطوطها للعمل بالفحم. واحتل قطاع النقل والموانئ جانبا كبيرا من النقاش حول الفحم، حيث طالب عفيفي عفيفي، المدير التنفيذي لشركة بتروتريد للخدمات التجارية البترولية، بضرورة تطوير البنية التحتية للنقل والموانئ. "لو رحنا الموانئ هنشوف وضع سيء في النقل والتخزين، معدات قديمة ومتهالكة. أنا هنا لا أعتب على الحكومة ولكن على القطاع الخاص لأنه متحمل مسؤولية منظومة استخدام الفحم". وكانت شركات الأسمنت أثناء مطالبتها للحكومة بالسماح باستخدام الفحم كوقود في العام الماضي، قد تعهدت بضخ استثمارات تصل إلى 6 مليارات جنيه، لتجهيز الموانئ لاستقبال الفحم، ومراعاة المعايير البيئية لتلك الخطوة. وقال محمد يوسف، رئيس الشركة القابضة للنقل البحري والبري، إنه لا يوجد حتى الآن ميناء متخصصا لاستقبال الفحم كما هو الوضع في دول أخرى، ولكن هناك رصيف في ميناء الدخيلة، وأن وزارة النقل أعلنت أن 5 موانئ ستكون مؤهلة لاستقبال الفحم، وهي الدخيلة والسخنة والأدبية والحمراوين وسفاجا. "ميناء الأدبية استقبل خلال الشهور الماضية حوالي 400 ألف طن من الفحم، وجاري العمل على إنشاء محطة صب جاف يتم الانتهاء منها في 2017، تخدم الفحم وغيره من المواد. وهناك مخطط لمحطة صب مخصصة للفحم لم تبدأ بعد"، كما قال اللواء وحيد طوسون، مدير عام الميناء. وأوضح طوسون أن معظم عمليات النقل التي تتم من السفن وحتى خروج الشحنة من الميناء تتولاها شركات الشحن والتفريغ. وأبدى طوسون اعتراضه على أحد البنود التى تم تعديلها في النسخة النهائية للائحة قانون البيئة التي تنظم المعايير البيئية لاستخدام الفحم، حيث كانت مسودة اللائحة تحظر تماما التفريغ في المنطقة الواقعة داخل البحر، تسمى المغطاس، بينما سمحت بها اللائحة النهائية ولكن بتصريح. "هذا نص غير مريح لي كميناء، لأني لن أراقب بنفس الدرجة، واحتمالات التلوث البحري ستكون أعلى.. بالإضافة لإمكانية أكبر لوجود غبار الفحم خلال النقل، بعيدا عن أجهزة الترذيذ التي ترطبه حتى لا يتطاير غباره". ومن المخطط أن تستورد مصر نحو 8 مليون طن من الفحم في المرحلة الأولي لتشغيل مصانع الأسمنت بالفحم بكامل طاقتها المخصصة لذلك. بعد انتهائها من تحويل خطوطها للعمل بهذا الوقود. وهذا الرقم يتجه للزيادة مع التوسع كذلك في محطات الكهرباء العاملة بالفحم، إلا أن الحضور أجمع على أن الموانيء ليست مؤهلة بعد لاستقبال تلك الكميات. وقال وليد أبو ريا، رئيس الشركة المسؤولة عن استيراد الفحم لصالح مصانع الأسمنت، إن ما تم استيراده خلال العام الماضي بلغ نحو 800 مليون طن.