بعد أن توصلت بلدان منطقة اليورو في بروكسل إلى الإتفاق على تقليص الدَّين اليوناني وإعادة رسملة البنوك وتعزيز صندوق النجدة، تكون قد أنجزت خطوة مهمّة في الإتجاه الصحيح. هذا هو الرأي الذي عبّرت عنه الصحافة السويسرية الصادرة يوم الجمعة 28 أكتوبر، لكن جوهر المعضلة لا زال بعيدا عن الحلّ التام. صحيفة بليك الشعبية الواسعة الانتشار، حيّت ما أسمته "الخطوة السياسية القوية ل Merkozy"، وهو تعبير يمزج بين ميركل، المستشارة الألمانية وساركوزي، الرئيس الفرنسي، لكنها طرحت السؤال التالي: "بعد ليلة بروكسل الطويلة، هل الكأس مُمتلئ إلى النصف أم فارغ إلى النصف؟ وأجابت عنه: "على الأقل لم يسقط من الطاولة، لينكسِر إلى ألف قطعة". في السياق نفسه، أشارت بليك، الصادرة بالألمانية في زيورخ، إلى أن "اليونان لم تسقط في الإفلاس ومنطقة اليورو لم تنفجِر، وهي أمور أصبحت في الفترة الأخيرة غير بديهية. وبفضل جهود ميركل وساركوزي، يبدو الآن أن انسداد الوضع قد تبدّد، وذلك للمرة الأولى منذ عدة أشهر. فهل سيتمكن اليونانيون من إعادة صياغة أنفسهم؟ هذا ليس مؤكّدا، إلا أنه لم يعُد – منذ الأمس – بالأمر المستحيل". صحيفة بازلر تسايتونغ، اتّسمت تعليقاتها بقدر أكبر من التشاؤم، حيث وجّهت أصابع الاتهام إلى ما أسمتها "الآليات المشبوهة"، التي تم اعتمادها في بروكسل، ورأت أنها "تُعطي انطباعا خاطئا بالأمان، وهو نفس الانطباع الذي أغرق العالم قبل ثلاثة أعوام في الأزمة المالية والاقتصادية". وفي السياق نفسه، تذكر الصحيفة الصادرة بالألمانية في بازل، أن "منطقة اليورو لم يتِم إنقاذها، لأن جوهر المشكل لا زال قائما. كما يبدو أنه أصبح من المتعذِّر تجنُّب الإلغاء الجِذري لديون اليونان، بل إعلان إفلاسها. لقد كان من الأفضل (من ناحية النزاهة الأدبية) لميركل ومن معها، أن يعترفوا بهذا الأمر، مثلما تفعل المصارف". انتصار مرحلي معظم التعاليق الأخرى، تذهب في اتجاه لخّصه بدقّة عنوان صحيفة لوماتان، الذي يقول "لقد تم إنقاذ اليورو في الوقت الحاضر على الأقل". ومن جهتها، ترى صحيفة برنر تسايتونغ أن قمة بروكسل ليست سوى مجرَّد "انتصار مرحلي". ومع أنها اعتبرت أنه انتصار "مُهم"، إلا أنه يظل مؤقتا، رغم كل شيء". صحيفة كورييري ديل تيتشينو، اعتبرت بدورها أن "اتفاق بروكسل غيْر مكتمل، إلا أنه يظل أفضل من الفوضى. ومع ذلك، فإن الكثير من الأسئلة لا زالت مطروحة، كما أن الأسواق المالية لن تتوانى عن المطالبة بأجوبة ملموسة". صحيفتا تاغس أنتسايغر ودير بوند، أشارتا إلى أن "رؤساء الدول والحكومات الأوروبية حقَّقوا بلا شك تقدُّما حول القضايا المركزية، لكن مشكلة الدَّين لا زالت بعيدة عن الحلّ". فالديون المتخلِّدة بذمة اليونان والبرتغال وإيرلندا وإيطاليا وإسبانيا، تصل إلى 3300 مليار يورو، وهو ما يعني أن القرارات المتَّخذة في بروكسل تُعتبر "خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن الآفاق تظل مُكفهِرّة". الصحيفتان الصادرتان في زيورخ وبرن، تساءلتا بالخصوص عن الوعود التي قدمتها إيطاليا، وقالتا "لقد أعلن برلوسكوني عن إصلاحات يعرف أنه سيجد صعوبة في وضعها موضع التطبيق... ولكن، هل يريد ذلك فِعلا؟". أما بالنسبة للمصارف، فإن القرار بتحميلها جزءا من العِبء، يُمثل حسب الصحيفتين، توجُّها عادلا، كما شدّدتا على أنه "يجب على البنوك أن تتحمّل مسؤولية إعادة شراء الدَّين اليوناني بطريقة اتَّسمت بقدر كبير من الخفّة". من جهتها، لخّصت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الموقف بالتأكيد على أن "أوروبا قوية، تحتاج قبل كل شيء إلى ديون أقل ومسؤولية أكبر". سلطة جديدة صحيفة لوتون ابتعدت بدورها عن التحمّس أو الترحيب الشديد بقرارات بروكسل، واعتبرت أن "القادة الأوروبيين بدأوا في نهاية ليل طويل عملية هبوط grounding لا مفر منها وغير مريحة تماما... يبقى الآن إقناع الشعوب التي وجِّهت إليها أصابع الاتهام، بأن تضحياتها لن تذهب سُدىً وأن شفاء القطاع المالي (من أمراضه) لن يتم على حساب الاقتصاد الفِعلي وأن نظام شبه الوصاية، الذي فُرض على اليونان، يرمي فعلا إلى النهوض بالبلد من كبوته بطريقة تتّسم بالعدالة". إضافة إلى ذلك، تُلفت الصحيفة الصادرة بالفرنسية في جنيف، إلى الوزن الجديد الذي أصبحت ألمانيا تحظى به في أعقاب هذه القمة، وكتبت تقول: "في الوقت الذي سارع فيه ساركوزي إلى إسناد الدور الجميل إلى نفسه، فإن أنجيلا ميركل أصبحت الزعيمة التي لا يُشكك أحد في قيادتها لمنطقة اليورو". هذه المنطقة "أصبحت متقدِّمة على الاتحاد الأوروبي"، مثلما ترى صحيفتا 24 ساعة ولاتريبون دو جنيف، اللتان اعتبرتا أن "مجموعة الدول التي تتشكل منها منطقة اليورو، تعززت يوم الأربعاء في بروكسل، وليس من باب الصدفة أن انزعجت لندن من ذلك... فهذه المجموعة ستجتمع مستقبلا على مستوى القمة مرتين في السنة على الأقل، وستعين رئيسا لها، ما يعني أن سلطة جديدة ترتسم في الأفق. لقد قطعت أوروبا خطوة باتجاه قيام حكومة فدرالية"، مثلما تتكهّن بذلك الصحيفتان الصادرتان في لوزان وجنيف. المصدر: سويس انفو