"بيض ملون.. فسيخ.. رنجة.. ملوحة.. فسيخ.. سردين.. بصل".. وبالطبع أغنية الراحلة سعاد حسني "الدنيا ربيع" لتكتمل طقوس شم النسيم في البيوت المصرية وبدونها لا نشعر بهذا اليوم؛ فاعتاد المصريون أن يزينوا يومهم بهذا الأكلات وإن كانت تسبب الكثير من الأضرار على صحتهم فبالنسبة لهم فإن أضرارها لا تعد سببًا لانصرافهم عن أكلها وكأنها طقوس لا يمكن تغييرها كعادة الشعب المصري يربط بين الأعياد والعادات التي لا يمكن أن يتخلي عنها فتصبح عادات غير قابلة للتغيير. طالما سمعنا أن هناك تسممًا ينتج عن الفسيخ أو ضبط كميات من الرنجة والملوحة الفاسدة ولكن الغريب أن المصريين يسمعون هذه الأخبار ويتناسونها مقبلين على الأكل بمبدأ العمر واحد والرب واحد، محدش بيموت ناقص عمر، احييني النهاردة وموتني بكرة، خليني أفرح وأفرح العيال".. هذه هي كلمات الشعب المصري البسيط الذي تشتاق روحه إلى الفرح بأي شيء وإن كانت وجبة رنجة ولكن يجب ألا ننسي أن هناك العديد من الأخطار لهذه الأطعمة. ويقول الدكتور محمد سيد مسعود، أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث، إن التعريف العلمي للفسيخ والرنجة والملوحة "لحم سمك فاسد نتن"، كما أن الأملاح الزائدة في الفسيخ تساعد على ارتفاع ضغط الدم والإصابة بالتسمم الميكروبي، بالإضافة إلى أن تناول الفسيخ والرنجة والملوحة والسردين قد يتسبب في التعرض للإصابة بالجلطة في المخ أو ذبحة صدرية نتيجة الأملاح الزائدة، ناصحًا مَن يريد أكل الأسماك في شم النسيم بتناول الأسماك كالبلطي والبوري لأنها تحتوي على فيتامينات الأوميجا 3 التي تقلل الدهون وتقي من أمراض القلب، مشيرًا إلى أن التسمم الناتج عن أكل الفسيخ يرجع إلى طريقة التحضير التي قد تكون غير آمنة من الناحية الصحية لقلة وجود الملح بالفسيخ وعدم تركه وقتًا كافيًا لمدة لا تقل عن 30 يومًا، لافتا إلى أن السموم الموجودة بالفسيخ لا يبطل مفعولها وتأثيرها على الإنسان إلا إذا تعرض الفسيخ لدرجة عالية لمدة عشر دقائق مثل القلي في الزيت. وأضاف مسعود في تصريحات خاصة ل"المصريون" أنه يجب عدم الاقتراب من الفسيخ والرنجة بالنسبة للمرضي الذين يعانون من أمراض القلب والشريان التاجي وهبوط القلب وارتفاع الضغط لأن تناولهما يسبب لهم هبوطًا حادًا وارتشاحًا رئويًا مزمنًا وهبوطًا عامًا، ومن الممكن أن يدخل بموجبها المريض العناية المركزة، مشيرًا إلى أن تلك المأكولات غير موجودة في جميع أنحاء العالم إلا في الوطن العربي فقط خاصة مصر. وطالب مسعود المواطنين بعدم الإسراف في تناول هذه النوعية من المأكولات حيث لا يتناول الفرد أكثر من 150 جرامًا من الفسيخ في الوجبة الواحدة ونصح بتناول البقدونس والبرتقال والموز ليساعد على إخراج الملح الزائد من الجسم، بالإضافة إلى تناول الأعشاب التي تساعد في تطهير المعدة ومقاومة التلوث مثل الشاي الأخضر مع النعناع أو الزعتر أو القرفة مع ضرورة إبعاد الأطفال عن تناول هذه الأسماك وكذلك الحوامل لما لها من أضرار مضاعفة على صحتهم. من جانبه، أكد الدكتور محمود عمرو، مستشار مركز السموم بقصر العيني في تصريحات تليفزيونية، أن تناول الرنجة والفسيخ خطر يهدد الأصحاء قبل المرضي، فهي تسبب تسممًا لكل من يتناولها وان كانت بكميات قليلة فهذه النوعيات الموجودة في الأسواق معظمها يتم إنتاجها في مصانع "بير السلم" إذن هي بلا رقابة ولا تعتمد على نظام جودة، فهي غير صالحة للاستخدام الآدمي، فأصحاب المصانع لا يعرفون مصدر هذه المنتجات ولا يوجد عليها بيانات توضح تاريخ الإنتاج والصلاحية أو بيانات عن كيفية تصنيعها, فهي عرضة للذباب والحشرات والبكتيريا، فضلاً عن طريقة تصنيعها التي تجعلها مرتعًا للبكتيريا والفيروسات الخطيرة التي تسبب الأمراض الخطيرة لكل مَن يتناولها وقد تؤدي إلى الموت المفاجئ، نتيجة الإصابة بميكروب "البتيولزم". بالإضافة إلى إمكانية إصابة الإنسان بتسمم حاد نتيجة المواد الكيماوية التي تضاف إليها، والبكتيريا والفيروسات التي تنمو وتتكاثر مصاحبة لهذا النوع من الأسماك التي يمكن إطلاق عليها مصطلح "تعفين السمك" وليس تمليحه هذا، فضلاً عن التهابات الكبد والجهاز الهضمي والجفاف التي يصاب بها من يتناول تلك الأسماك ومدى خطورتها على السيدات الحوامل، حيث يصبن بالقيء والإسهال وتسوء حالتهن، الأمر الذي قد يجعلهن يفقدن الجنين.
