قال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك في أحدث مقال له بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية إن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى سيكون له تأثير سياسي هائل على الشرق الأوسط, إذ يساعد إيران مع مرور الوقت على أن تصبح "شرطي الولاياتالمتحدة في الخليج", كما كانت في عهد الشاه. وأضاف فيسك أن مثل هذه التغيرات من شأنها أن تدفع الولاياتالمتحدة للتفكير في إعادة تقييم علاقاتها مع حلفائها العرب, وتابع "إيران ولدت من جديد كدولة كبرى في الشرق الأوسط", مشيرا إلى أن الاتفاق النووي, الذي تم توقيعه في لوزان بسويسرا, يجعلها قوة إقليمية عظمى في المنطقة, كما كانت في عهد الشاه, وهو ما قد يزيد وتيرة توسعاتها الإقليمية على حساب جيرانها العرب, بعد استفحال نفوذها بالفعل في سوريا والعراق ولبنان واليمن. وتابع "بروز إيران كأفضل أصدقاء الولاياتالمتحدة من شأنه أن يلحق أيضا ضررا بالغا بالتحالف المتميز بين واشنطن والسعودية", واستطرد " بشار الأسد يمكن الآن أن يبقى في السلطة طويلا مثل أبيه حافظ الأسد, لأن الكلمة الفصل - بعد الاتفاق النووي- باتت لإيران, فيما يتعلق بالأزمة السورية, التي تعتبر واحدة من أكبر المآسي العربية في العصر الحديث". وتوصلت إيران والقوى العالمية في الثاني من إبريل 2015 في لوزان السويسرية إلى "اتفاق إطار" بشأن برنامج إيران النووي، في خطوة اعتبرت تاريخية نحو اتفاقية نهائية قد تنهي 12 عاما من سياسة ما توصف بحافة الهاوية والتهديدات والمواجهة بين طهران والغرب. وتضمن الاتفاق في مجمله تعليق أكثر من ثلثي قدرات التخصيب الإيرانية الحالية، ومراقبتها لمدة عشر سنوات إذا تمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق شامل بحلول الثلاثين من يونيو المقبل، ونقل مخزون إيران من اليورانيوم المخصب للخارج، وتخفيض أجهزة الطرد المركزي. ونقلت "الجزيرة" عن مصادر مقربة من مفاوضات لوزان قولها إن إيران وافقت على عدم بناء أي منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاما، مع تأكيدها أن العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي سترفع حسب التزام طهران بالاتفاق. ووفقا للمصادر ذاتها، وافقت إيران أيضا على أن تخفض بشكل كبير عدد ما لديها من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم الجاهزة للتشغيل إلى 6104 من أصل 19 ألفا. وستشغل 5060 جهازا فقط لعشر سنوات بمقتضى الاتفاق المستقبلي مع القوى الست, وأضافت أن إيران ستستخدم فقط أجهرة للطرد المركزي من الجيل الأول أثناء تلك الفترة. وبشأن أكثر المسائل حساسية أثناء المفاوضات وهي الأبحاث وأعمال التطوير النووي، قالت هذه المصادر إن إيران وافقت على عدم إجراء أي منها مرتبط بتخصيب اليورانيوم في منشاة فوردو لمدة 15 عاما. وأشارت أيضا إلى أن إيران ستزيل أجهزة الطرد المركزي من الجيل الثاني المركبة حاليا في منشأة نطنز وعددها ألف جهاز، وستضعها قيد التخزين تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعشر سنوات. وبمقتضى الاتفاق الإطار ستتمتع إيران بتخفيف تدريجي للعقوبات المفروضة عليها من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي إذا تقيدت ببنود اتفاق نهائي. كما سترفع عنها تدريجيا بعض عقوبات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رغم أن عقوبات أخرى ستبقى سارية وخصوصا تلك المرتبطة بانتشار أسلحة الدمار الشامل. ويمهد الاتفاق المبدئي -الذي جاء بعد محادثات ماراثونية على مدى ثمانية أيام في سويسرا- الطريق أمام مفاوضات بشأن تسوية تهدف لكبح جماح مخاوف الغرب من أن إيران تسعى لصنع قنبلة ذرية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران. ويعتبر هذا الاتفاق الإطار مرهونا بالتوصل إلى اتفاقية نهائية بحلول الثلاثين من يونيو، علما أن جميع العقوبات على إيران ستبقى سارية حتى توقيع الاتفاق النهائي في الثلاثين من يونيو.