استبقت الكنيسة نتائج التحقيقات في الأحداث الدموية التي وقعت مساء الأحد أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو وراح ضحيتها 25 شخصًا وأكثر من 300 جريح، وقامت بتبرئة المتظاهرين من الضلوع في إطلاق النار على قوات الجيش والشرطة العسكرية، على الرغم من اللهجة التصعيدية التي سبقت المواجهات الدموية من قبل رجال دين مسيحيين وجهوا تهديدات بالقتل لمحافظ أسوان اللواء مصطفى السيد، والأحداث التي رافقت المسيرة الضخمة التي نظمها نحو 10 آلاف قبطي من شبرا مرورًا بمنطقة وسط القاهرة وصولاً إلى ماسبيرو، والتي كانت مؤشرًا على عملية الشحن والتعبئة للمتظاهرين الذين قاموا بتحطيم سيارات وحافلات عامة وحاولوا اقتحام مبنى مؤسسة "الأهرام"، واشتبكوا مع المارة الذين استفزتهم مسيرة "استعراض القوة" ورفع الأسلحة النارية والبيضاء لإرهابهم. مع ذلك، قال المجمع المقدس للكنيسة القبطية الارثوذوكسية في بيان صدر في أعقاب اجتماعه أمس، برئاسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إن هؤلاء المتظاهرين خرجوا فى مسيرة سلمية للتعبير عن مشكلاتهم، ونأى بهم عن أحداث العنف الدموية، ملمحًا إلى أن "غرباء اندسوا على المسيرة وارتكبوا هذه الجرائم التى ألصقت بالاقباط" أمام مبنى ماسبيرو والتي تسبب في سقوط 25 قتيلاً وإصابة 311 آخرين، في الأحداث التي وقعت بعد أيام من حملة التجييش للأقباط على خلفية منع تحويل "مضيفة" المريناب بإدفو إلى كنيسة، بسبب عملية "التزوير" والتلاعب في الأوراق الخاصة بأعمال البناء غير القانونية. وفي حين لم يتطرق إلى جذور المشكلة التي تسببت في انهمار "شلال الدماء"، والتي وصفها أهالي قرية المريناب ب "المفتعلة" لعدم وجود كنيسة من الأساس بالقرية وأن الأمر لا يعدو سوى عملية "تحايل" من جانب بعض الأقباط ورجال الكنيسة، تجاوز البيان الصادر عن اجتماع البابا و70 أسقفا الحديث هذا الأمر، وقفز عليه بالإشارة إلى أن "الأقباط لهم مشاكل تتكرر دون محاسبة المعتدين ودون إعمال القانون أو وضع حلول جذرية لتلك المشاكل"، بحسب قوله. وكانت النيابة العامة قامت صباح الاثنين بمعاينة لموقع الاشتباكات للوقوف على حجم التلفيات والخسائر التي وقعت بالمنطقة, وتبين من المعاينة وقوع تلفيات وحرائق بعدد من المباني والسيارات الحكومية وسيارات ومدرعات الجيش والسيارات الخاصة ببعض المواطنين. كما انتقل فريق محققي النيابة العامة إلى المستشفيات الني نقل إليها المصابون حيث استمعوا إلى أقوالهم بشأن ظروف وملابسات الحادث لمعرفة أسباب إصاباتهم، واستمعت النيابة لأقوال العشرات من شهود العيان من قاطني المنطقة وأصحاب المحال التجارية والمارة بشأن معلوماتهم عما جرى من أحداث. وجاء ذلك في الوقت الذي أجرت فيه النيابة العسكرية تحقيقات موسعة مع 25 من المتهمين في الأحداث. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مصدر مسئول إن المتهمين شاركوا في أعمال تخريب وإعتداءات على أفراد من القوات المسلحة وإحراق ممتلكات تخص الجيش المصري. وأشار المصدر إلى أن مباشرة القضاء العسكري للتحقيقات مع المتهمين المدنيين في تلك الأحداث يعد اختصاصا أصيلا للقضاء العسكري في ضوء ما شهدته الأحداث من تعديات على القوات المسلحة وعناصرها المتواجدة بمنطقة ماسبيرو. وتزامنت التحقيقات التي تجريها النيابة في الأحداث مع إعلان مجلس الوزراء في اجتماعه طارىء أمس برئاسة الدكتور عصام شرف تشكيل لجنة لتقصي الحقائق على أن تبدأ هذه اللجنة عملها فورًا لبحث اسباب وتداعيات الأحداث وإعلان نتائج أعمالها في أسرع وقت وكشف المسئولين عنها وتحديد هوياتهم ومحاسبتهم. وكلف المجلس اللجنة التى تقرر تشكيلها برئاسة المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل بشأن أحداث ماسبيرو بتقصي حقيقة أحداث قرية المريناب بما في ذلك الاطلاع على تحقيقات النيابة العامة بشأن هذه الاحداث وإعلان نتائج عملها ووضع حلول جذرية لتفادي تكرار مثل هذه الأحداث. ووجه لجنة "العدالة الوطنية" التابعة لمجلس الوزراء بسرعة الانتهاء من الحوار المجتمعي بشأن قانون دور العبادة الموحد والذى سبق للمجلس الموافقة عليه تمهيدا لإقراره في صورته النهائية من المجلس خلال أسبوعين من تاريخه. وقرر المجلس عرض مشروع مرسوم بتقنين أوضاع دور العبادة القائمة غير المرخصة على اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء، وإضافة مادة جديدة إلى قانون العقوبات بشأن منع التمييز. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة كلّف مجلس الوزراء بسرعة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للوقوف على ما تم من أحداث بمنطقة ماسبيرو لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية الرادعة حيال كل من يثبت تورطه فى تلك الأحداث بالاشتراك أو التحريض. جاء ذلك خلال اجتماع طارئ عقده المجلس الأعلى للقوات المسلحة صباح الاثنين برئاسة المشير حسين طنطاوى لبحث تداعيات أحداث ماسبيرو. وأكد المجلس استمراره في تحمل المسئولية الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعب ومكتسباته بعد ثورة 25 يناير وتنفيذ خارطة الطريق التي التزم بها حتى نقل المسئولية إلى سلطة مدنية منتخبة، وذلك بالرغم من بعض المحاولات التي تهدف لهدم أركان الدولة ونشر الفوضى للحيلولة دون التحول الديمقراطي المنشود، على حد قوله. وأكد المجلس أنه سيقوم باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لضبط الموقف الأمني للحفاظ على أمن البلاد وسلامتها.