كانت خيوطها و"عُقْدَاتُهَا" من قبل لونهما "الأصفر"؛ خيوط غزلها هى صحراؤها.. ممراتها.. وديانها.. فيافيها المترامية الأطراف،أما "عُقَداتُها" فهى حبات رمالها وصخور جبالها وآكامها. أشرق "صباحها" ذات يوم .. وكان ككل يوم.. كل شئ يجرى فيها لما يُسر له وهدى إليه من "الخالق"، ولكن ما غربت شمسها؛ وأمسى ليلها؛ حتى كان ل"القدر" أمر وشأن آخران فيها. كانت هناك طلائع شباب جيشها قد بدأت تظهر فى أقصى مغربها ، لتطهر وتحمى أرضها من أعدائها الذين دنسوا رمالها. أتى الذين استعمروها واحتلوها من قبل؛ ومعهم ابنة الخِداج "دولة صهيون" فى مؤامرة اتفقوا فيما بينهم عليها، لتركيعها وإعادة احتلالها وتقسيمها عليهم. فهى "أم الكعكات" التى تزدان بها الموائد – أى الموائد-؛ وتكتمل بها الفرحة.. فرحتهم. كانت القوة والميزان العسكرى يميلان بلا شك إلى جانب هؤلاء الأوغاد، وهذا شئ لا ينكر ومعروف لدى الجميع. وجاءت طائراتهم من شمالها –سيناء- وشرقها، لتلقى بأحمالها وأتون نارها؛ ولهيب رصاصها المسكوب على رؤوس أبناء "مصر"..رجال قواتها المسلحة، وما بين مُدافع عن رمالها، ومنسحب تبعا لأوامر قيادته إليه ، بدأت خيوط "السجادة" الصفراء اللون تتغير إلى نوع آخر من الألوان ، لونه لون الدم ورائحته رائحة المسك، الدم.. نعم لأنها كانت دماء فعلاً.. دماء الشهداء الأبرار، التى تخضبت بها الرمال. ﴿ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَكْلَمْ أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك ﴾ رواه الترمذى. وتجئ مع الأيام أسوأ الهزائم التى مُني بها هذا الوطن الغالى؛ وأرضه المباركة.. أرض سيناء، جاءت بيد عدو غادر ماكر.. العدو الصهيونى، أعد للأمر عدته منذ زمن ، قصد بها أن يقصم ظهر هذا "الوطن"، ويشتت أمره ويصبغ تاريخه الحديث بالعار والهوان، كانت الهزيمة بطعم "السم الزعاف"، أنهكت وطنا بأكمله، وبعثرت قدراته، ما بين تهجير لمدنٍ، إلى نقل لمصانع ومصافىٍ لتكرير البترول، ولكن الأغلى ثمنا كانت تلك الأرواح التى ذهبت إلى بارئها؛ تشكو تقاعس الأهل، وفشل سياساتهم وتوجهاتهم، وتسليمهم القيادة لمن لا يُقَدِّرون قيمة وطن بحجم "مصر" وثقله الحضارى والعالمى. وازدادت الرقعة الصفراء احمراراً ؛ من كثرت الدماء التى جرت أنهارا؛ فى وديانها وسهولها. وتأتى "المنحة" من ﴿الله﴾ الكريم الوهاب، تأتى فى عصر يومٍ كمثل أيامنا هذه؛ ومع ترديد نداء ﴿الله أكبر﴾ ، الذى لا مثيل ولا شبيه ولا ند له، تأتى بنصر عزيز يمحو ما خلفته السنوات السابقة من هزيمة وانكسار وذلة ، لتهزم عدونا وتهزم روحه المتغطرسة الفاجرة ؛ واسألوهم.. وليعترفوا بحقيقة ما أصابهم إن كانوا صادقين. وهنا وبهذه الصفحة من التاريخ يكتمل لون "السجادة "الجديد، بعد أن ارتوت بجرعة أخرى مضاعفة من الدماء الزكية ، كان باذلوها يدركون أن ﴿الله﴾ ناصرهم ولن يضيع أجرا لهم هذه المرة. يا داخلا "سيناء" الحبيبة ، لا تستكثر أن تخلع "نعليك" عندما تمشى على رمالها –سجادتها-، فمؤكد أن تحت حبة الرمل أو الحصى تلك التى تطؤها بقدمك نقطة من دم أخ لك ، حررها لنا ولم تشأ "الأقدار" أن يسير هو على ظهرها.. لكنه ربما "دفن" تحت رمالها بدمائه