غابت روح التسامح.. وتوارت الروح الرياضية، وانتشرت الفوضى والروح الانتقامية والرغبة فى نفى الآخر، وإلغاء أى نجاح له، وتناسى كثيرون أن الشخصيات العظيمة لها انتصارات عظيمة وانكسارات عظيمة أيضاً. ولا يتوقف الأمر على الرياضة وإنما يمتد إلى السياسة، فالرئيس جمال عبدالناصر قاد مصر للتحرر من الاحتلال الإنجليزى بعد ثورة 1952، وله وللثورة إنجازات لا ينكرها إلا من لا يرى ضوء الشمس كل صباح، لكنه وحكومته كانوا السبب فى معاناة الشعب المصرى بل الشعوب العربية بعد نكسة 1967. وكذا الحال للرئيس السادات الذى قاد مصر نحو العبور العظيم من الهزيمة لنصر أكتوبر المجيد لكنه ظن أنه بات «ملك مصر» فلم يعد يسمع أى رأى معارض، ولذا كانت اعتقالات سبتمبر 1981 التى مهدت الطريق نحو اغتياله فى يوم النصر التاريخى. وفى كرة القدم وعلى مدار 20 عاماً تقريباً حقق ثلاثة مدربين ما لم يحققه غيرهم على مر العصور من انتصارات خيالية، فالكابتن الجوهرى قاد منتخب مصر للمونديال والفوز بكأس الأمم الإفريقية ولكن «الخيبة» كانت عظيمة، إذ فشل فى التأهل لثلاث بطولات عالمية فى 1994 وفى 1998 بل وفى 2002 وخرج بمصر من الأدوار التمهيدية لكأس الأمم الإفريقية فى السنغال 92. والكابتن حسن شحاتة لم يفشل فى مهمة على مدار تاريخه وصعد بكل الفرق التى دربها فى دورى المظاليم وفاز مع منتخب مصر بثلاث بطولات قارية ووصل بالفريق إلى المركز التاسع عالمياً، لكنه حقق رقماً قياسياً بالخروج بالفريق المصرى من الأدوار التمهيدية لكأس الأمم الإفريقية وأمام النيجر وسيراليون وجنوب أفريقيا. والمدرب البرتغالى جوزيه حقق مع الأهلى ما لم يحققه غيره على مدار مائة عام، من بطولات محلية وإفريقية بل والفوز بالمركز الثالث فى كأس العالم للأندية، لكنه حقق رقماً قياسياً فى شراء النجوم وسرعة الاستغناء عن أغلبهم بل وفى الخروج من بطولتين فى خمسة أيام! ولا يعنى فشل هؤلاء الثلاثة أصحاب الإنجازات التاريخية فى بعض المهام أنهم غير مؤهلين أو يفوزون بالحظ، أو بأقدام اللاعبين فقط، فيما هم ضيوف شرف على دكة البدلاء، ولكن الأمر يعنى أن هؤلاء بشر ويحتاجون دائماً إلى الرأى الآخر، واستشارة مساعديهم، ولكنهم يفشلون أحياناً حينما لا يسمعون إلا أنفسهم، ولا يرون إلا خيالهم أمامهم، وحينما تصم الأذان وتعمى الأعين بل والقلب فتكون الهزائم. ولذا.. أرى أن كل شخص مبدع فى مجاله أو عبقرى.إن صح التعبير هومشروع ديكتاتور عظيم أيضاً وحينما يصبح كذلك يتحول إلى فاشل باقتدار. ولا يجب إطلاقاً نفى إنجازات من صنعوا المجد لهذا الفريق أو ذاك، ولا يجب وضعهم فى مكانة من لا يجب «نقده» وإنما هم يصيبون ويخطئون، وحينما يختفى النقد، تزداد الأخطاء ويكثر الفشل! أبو المعاطي زكي موقع كورابيا