طالب الدكتور محمد بديع المرشد العام ل "الإخوان المسلمين" بنقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة بأسرع ما يمكن، خشية أن تسوء الأمور وتتدهور حالة البلاد إلى ما لا يحمد عقباه، معتبرا أن الحل للمأزق الراهن يكمن فى سرعة الوفاء بالوعود واحترام الدستور وإرادة الشعب. وأعرب بديع عن رفضه لنتائج اللقاء بين رؤساء 13 حزبا والفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس الأعلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة يوم السبت الماضي من أكتوبر بتحديد جدول زمنى للانتخابات البرلمانية (مجلسى الشعب والشورى)، ينتهى باجتماع المجلسين فى أبريل 2012م ، يعقبه اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المكلفة بإعداد الدستور الجديد للبلاد، ثم تستغرق عملية إعداد الدستور ستة أشهر، ويتم الاستفتاء عليه بعد خمسة عشر يومًا من إعداده و بعدها بشهرين يتم انتخاب رئيس الجمهورية، واعتبر مرشد "الإخوان" في رسالته الأسبوعية أن ما صدر عن اللقاء يؤكد أنه تم الضرب بما جاء في رسالة المجلس العسكري رقم (28) بتاريخ 28 مارس 2011م عرض الحائط، وأن انتخابات الرئاسة في أحسن الأحوال سوف تتم في آخر 2012 وقد تمتد إلى منتصف 2013م، وهو ما ينذر بخطر جسيم نتيجة استمرار الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلقها وتأثيراتها السلبية على الأمن والاستثمار والإنتاج، وانغماس الجيش في الخلافات السياسية وينشغل عن مهمته الأساسية المقدسة في وقت تلوح فيه النذر في الأفق، ويعطل انتقال السلطة للشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات. وأبدى بديع رفضه لهذا الأمر جملة وتفصيلاً، مطالب بالانتهاء من الانتخابات في أقرب وقت وإجراء انتخابات الرئاسة فور تشكيل البرلمان دون الانتظار لإتمام الدستور، فهذا "هو أخف الضررين، لأن الشعب لن يقبل بهذا التسويف". وطالب بأن بشمل قانون العزل السياسي جميع أعضاء الحزب "الوطني" المنحل وليس بعضهم، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على دراسة إصدار تشريع بحرمان بعض قيادات الحزب من مباشرة الحقوق السياسية، وهو أمر سبق إطلاق وعود كثيرة به من المجلس العسكري والحكومة ثم بدأ التسويف، في الوقت الذي يطالب فيه غالبية الشعب بحرمان من أفسدوا الحياة السياسية وأضروا بالشعب وخانوا أماناتهم من مباشرة حقوقهم السياسية كلهم وليس بعضهم كما جاء في الاتفاق. وأضاف: إذا أراد الشعب فلابد أن يستجيب المجلس العسكري وحكومته لا أن يقال "دراسة إصدار تشريع"، فلا يمكن أن يطرد الشعب من أجرموا في حقه من الباب ويلتف آخرون لإدخالهم من النافذة ، ولابد للمجلس والحكومة أن يكونا عند وعودهما حفاظاً على الثقة. كما انتقد الإبقاء على استمرار حالة الطوارئ بالبلاد على الرغم من انتهائها بموجب الإعلان الدستوري، وقال استنادًا إلى كبار القانونيين بانتهائها بمقتضى المادة (59) من الإعلان الدستوري، وقال إنه لا يجوز للمجلس العسكري أن يصر على بقائها فضلاً عن أن يوسع مجالها ، خصوصًا وأنه وعد في فبراير 2011 بأنها سوف تلغى في أقرب فرصة وعلى أسوأ الأحوال فقبل بدء الانتخابات، وها نحن على أبواب الانتخابات وأعضاء من المجلس العسكري يؤكدون على بقائها حتى مايو 2012، بالمخالفة للإعلان الدستوري وللوعود الصادرة منهم وضد إرادة غالبية أفراد الشعب. كما أعرب مرشد "الإخوان" عن رفضه التام للوثائق الدستورية، مؤكدا أنه ضد ما يسمى بالمبادئ الحاكمة أو فوق الدستورية وضد فرض تشكيل معين للجمعية التأسيسية لوضع الدستور لا يختاره مجلسا الشعب والشورى، وضد أن يكون للجيش دور في الحياة السياسية فذلك ما يفسد الحياة السياسية ويصرف الجيش عن دوره. وقال إن موقف "الإخوان" من المجلس العسكري إنما ينبنى على موقفه من قضايا الأمة نؤيده فيما أحسن فيه، وننصحه بالصواب فيما لم يوفق فيه، وأنهم يقيسون المواقف بمقياس المبادئ ولا يمنحون أحدا تأييدهم على طول الخط ، وكذلك لا يعارضون أحدا على الدوام. من جانبه، أرجع الدكتور محمد البلتاجي القيادي بحزب "الحرية والعدالة" المنبثق عن "الإخوان" المسلمين"، التغير الذي طرأ على لهجة الحزب والجماعة في الآونة الأخيرة تجاه المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى ما قال إنها محاولة للقفز على مطالب الثورة. وقال البلتاجي عضو المكتب التنفيذى لحزب "الحرية والعدالة": "نحن نقدر ما قام به المجلس العسكري في حماية الثورة، لكن عندما نجد أنه يقفز على مطالبها سنقف أمامه". وأضاف: "نطالب بتحديد جدول زمنى لتسليم السلطة للمدنيين وعودة الجيش إلى ثكناته لمباشرة مهامه الأصلية فى حماية مصر على حدودها، بعيدًا عن السياسة". وشدد على ضرورة أن يلتزم المجلس العسكري بتسليم السلطة نهائيًّا برلمانًا وحكومة ورئاسة قبل منتصف 2012م، وليس كما يبدو واضحًا من محاولات مماطلة إلى بدايات 2013م. وحث البلتاجي المجلس العسكري على تنفيذ المطالب التي اتفقت عليها القوى السياسية بالإجماع، والتي تم تقديمها في مذكرة له الخميس الماضي، وعلى رأسها الإعلان عن إنهاء حالة الطوارئ، منتقدًا استمرارها في ظل الدولة المدنية الديمقراطية التي يأملها المصريون. وقال: "قامت الثورة ورفعت شعار لا للطوارئ، بعدما رأى الشعب من هذا القانون دولة بوليسية يتحكم فيها الأمن ويسيطر على كل شيء"، وأضاف متسائلاً: "إذا كان الرئيس المخلوع ووزير داخليته تحججا بتفعيل الطوارئ بسبب الإرهاب والمخدرات، فما هو السبب الآن؟". وفي تعليقه على قانون العزل السياسي المزمع الذي سيحرم أعضاء الحزب "الوطني" من حق الانتخاب والترشح بالانتخابات البرلمانية، قال البلتاجى: "ثورة المصريين رحيمة، لم تعلق مشانق ولم تعدم رموز النظام البائد، ولكنها ليست بالسذاجة التي تسمح لفلول النظام بدخول البرلمان مرة أخرى".