ذكرت صحيفة "يو إس توداي" الأمريكية أن السبب المعلن لإقامة عاصمة جديدة لمصر, وهو مواجهة الازدحام, الذي تعاني منه القاهرة, يبدو غير مقنع للبعض, مشيرة إلى احتمال وجود صفقات غير معلنة لتحقيق أرباح طائلة من وراء هذا المشروع . وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 17 مارس أن ما يثير ريبة البعض أيضا في هذا المشروع, أن الأموال الهائلة, التي ستنفق عليه, يمكن استخدام بعضها فقط لمعالجة مشكلات العاصمة الحالية, وتوفير الجزء المتبقي منها, لأمور أخرى أكثر إلحاحا بالنسبة للمصريين. يذكر أنه على هامش المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ, وقع وزير الإسكان المصري مصطفى مدبولي مع شركة إعمار الإمارتية اتفاقية لتأسيس عاصمة جديدة للبلاد في أجواء احتفالية. وتبلغ قيمة الاتفاقية، التي وقعت بحضور كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، 45 مليار دولار. ويتضمن المشروع نقل مباني الحكومة والبرلمان والرئاسة والهيئات الدبلوماسية إلى المدينة الجديدة، وإنشاء وحدات سكنية وناطحات سحاب، فضلاً عن مصانع ومدينة ترفيهية، ويستغرق تنفيذه من خمس إلى سبع سنوات. وحسب تصريح وزير الإسكان المصري, فالمدينة, التي ستقع شرقي القاهرة على بعد نحو 50 كيلومترا, ستوفر 1.7 مليون فرصة عمل دائمة. وبدوره أكد رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب ضرورة التفكير في العاصمة الإدارية الجديدة بسبب وضع القاهرة الحالي، "فالنظرة للمستقبل تؤكد ضرورة خلق عاصمة جديدة في ظل اختناق القاهرة المتكدسة"، وفق قوله. وتباينت ردود أفعال المصريين بين تفاؤل بعاصمة جديدة تخلو من المشاكل المتراكمة, التي تعانيها القاهرة، وبين تشكيك في جدية المشروع وجدواه. وتعاني القاهرة من أزمات المرور والعشوائيات والتلوث وانقطاع الكهرباء وانسداد الصرف الصحي. وانتقد أستاذ العلوم السياسية حازم حسني، توقيع الجانبين المصري والإماراتي، مشروع العاصمة الإدارية الجديدة, وقال حسني في تدوينة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن توقيع اتفاقية مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؛ هو "أسخف فقرات اليوم الأول من مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي". وعزا "حسني" ذلك، بأن البلاد "غارقة في المجاري وفي الظلام، وفي تلال من المشاكل الحياتية البسيطة، وتفكر في إقامة مدينة ناطحات سحاب، بها أكبر مدينة ملاهي وأكبر حديقة في العالم، إلى آخر هذا الشرود البذخي خارج السياق مما أضحك علينا بكل تأكيد كل الوفود الأجنبية". وتابع أستاذ العلوم السياسية, قائلا : "نعم، هو تخريف لأسباب كثيرة، أقلها شأنًا هو التكلفة الباهظة للمشروع، فمشروع العاصمة الجديدة هذا كانت بدأته أمانة السياسات، وتطوع بعض رفاق جمال مبارك بالحديث عنه في العلن قبل أن يغلق مبارك الأب الملف ويمنع دراويش المشروع الاستفزازي من الحديث عنه". وأضاف "هذا المشروع يحيي تطلعات فيالق النيوليبرالية المصرية، التي ثار عليها المصريون، كونها لا تستقيم وواقع الأحوال الاقتصادية والاجتماعية في مصر"، مشيرًا إلى أن "الدستور المصري ينص على أن مدينة القاهرة -لا محافظة القاهرة- هي عاصمة البلاد، ولا يستقيم مع العقل السوي أن نمد هذه المدينة من ضفاف النيل حتى شواطئ البحر الأحمر لنتحايل على الدستور". وأوضح حسني أيضا ، أن المشروع "يدفع بعاصمة البلاد للاقتراب من خط الجبهة العسكرية الأخطر؛ وهو خط القناة، بدلًا من تحصين العاصمة بالدفع بها إلى الداخل المصري، ولو حدثت كارثة ككارثة 67 لصارت العاصمة الجديدة على مرمى دانة مدفع، وهي دانة ستكون كفيلة ساعتها بإسقاط عاصمة الدولة". وفي المقابل, رأى رئيس قسم الاقتصاد في "أكاديمية السادات" إيهاب الدسوقي أن العاصمة الجديدة ستحل جزءا كبيرا من المشكلة, التي تواجه القاهرة, ومنها التكدس السكاني والمروري. وأكد الدسوقي في تصريحات صحفية ضرورة أن يصاحب المشروع تسهيل حصول المواطنين داخل المحافظات على الخدمات اللازمة, حتى لا يتم إجبارهم على السفر للعاصمة, مطالبا بإنشاء شبكة مواصلات وخطوط مترو الأنفاق لتسهيل نقل المواطنين إلى الموقع الجديد.