استدعت وزارة الخارجية العراقية، اليوم، السفير المصري في بغداد وسلمته مذكرة احتجاج رسمية بخصوص التصريحات الأخيرة لشيخ الأزهر التي وجه فيها اتهامات للميليشيات الشيعية الموالية للحكومة المعروفة باسم "الحشد الشعبي". وطالبت الوزارة في مذكرة الاحتجاج التي سلمتها للسفير المصري في بغداد أحمد درويش إبداء موقف القاهرة الرسمي تجاه تصريحات شيخ الأزهر أحمد الطيب والتي وصفتها بأنها "تسيء إلى طبيعة العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين الشقيقين". وأشارت إلى أن "أبطال الحشد الشعبي لبّوا نداء الوطن لتحرير أراضيه من دنس وسيطرة تنظيم عصابات خارجة عن قيم الدين والإنسانية". وكان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ندّد في بيان أصدره الأسبوع الماضي بما وصفها ب"المجازر التي ترتكب ضد أهل السُنة" في العراق خلال المواجهات مع "داعش". ووصف الطيب مرتكبي تلك الجرائم بأنهم "مليشيات شيعية متطرفة"، في إشارة إلى ميليشيات "الحشد الشعبي" التي تقاتل إلى جانب القوات العراقية في عدد من مناطق البلاد. وطالب شيخ الأزهر "بضرورة التحرك العاجل لوقف المجازر التي ترتكب ضد أهل السُنة في العراق". وقال إن تلك التنظيمات ترتكب "جرائم بربرية نكراء في مناطق السُنة التي بدأت القوات العراقية بسط سيطرتها عليها، خاصة في تكريت والأنبار، وغيرها من المدن ذات الأغلبية السُّنية". وشنت مرجعات دينية حملة على شيخ الأزهر، فاتهمه البعض ب"تجاهل" جرائم داعش، في حين قال قيادي شيعي مصري إنه يتبع المواقف السعودية، داعيا إياه إلى "الاعتدال أو الاعتزال" على حد قوله. وكان من بين من رد على الطيب، الشيخ الشيعي المعروف، بشير النجفي، الذي وجه رسالة للطيب دعاه فيها إلى "إيفاد لجنة تحقيق إلى العراق للتأكد من هذه المزاعم التي يروّج لها داعش". وأضاف أن قرار مهاجمة مناطق داعش اتخذته الحكومة العراقية "كما هو قرار الحكومة المصرية باستئصال المجرمين الإرهابيين الذين يتدرعون بالمدن والقرى وبالشعارات الدينية الكاذبة". غير أن الرد الأبرز جاء من مصر نفسها، بمقال للقيادي الشيعي، أحمد راسم النفيس، توجه فيه لشيخ الأزهر بالدعوة ل"الاعتدال" أو "الاعتزال"، متهما إياه بأنه "تناسى جرائم" داعش" مضيفا: "لا أدري باسم من ينطق ويتصرف شيخ الأزهر؟! .. هل هو تابع للخارجية المصرية أم أنها تابعة له، أم أنه مؤسسة حرة مستقلة ذات سيادة" وفقا لما نقلت عنه وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية. وزعم النفيس أن بيان شيخ الأزهر هو "للتضامن مع داعش" منتقدا خبر لقائه بالسفير الأمريكي في القاهرة وانتقاداته الضمنية لإيران، مضيفا: "الشيخ أحمد الطيب ما يزال متخندقا في نفس الخندق الذي يقف فيه النظام السعودي الذي بارك غزو العراق ظنا منه أن الغزوة التالية ستكون ضد إيران .. إلا أن الله خيب آمالهم وأضاع حظهم من الدين والدنيا وهاهم يعيشون حال الخوف والجزع من مواجهة المستقبل الآتي حتما بما لا يشتهون" على حد قوله. واستأنفت الميليشيات الشيعية نشاطاتها العلنية في العراق منذ صيف العام الماضي في أعقاب سيطرة تنظيم "داعش" على شمال وغرب البلاد وإصدار المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني فتوى لمقاتلة المتشددين السنة. ويتكون الحشد الشعبي من متطوعين وفصائل شيعية مسلحة، وتواجه اتهامات بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق السنة وإحراق دورهم السكنية والمساجد، ويرفض القائمون على الحشد تلك الانتهاكات ويقولون إن "فئات ضالة" تقف وراءها.