فضت قوات الأمن السبت، اعتصامًا بميدان التحرير كان قد بدأه العشرات غداة مظاهرة "جمعة استرداد الثورة"، في إطار الضغط على المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد للاستجابة لمطالب الثوار، وفرضت كردونا أمنيا حول حديقة الميدان، واعادت حركة المرور بداخله إلى صورتها الطبيعية مرة أخرى. ووقعت اشتباكات محدودة ظهر السبت بين الأمن والمعتصمين والذين باتوا ليلتهم فى الحديقة التي تتوسط الميدان. واقتاد الأمن بعض المعتصمين إلى قسم شرطة قصر النيل بعد أن رفضوا فض اعتصامهم ورشقوا الشرطة بالحجارة، فهاجمهم عناصر الأمن مستخدمة الهراوات وقامت بالقبض عليهم. وكان بضع مئات باتوا ليلتهم بوسط ميدان التحرير في بداية اعتصام مفتوح، عقب انتهاء فعاليات تظاهرات "مليونية استرداد الثورة" التي شهدتها القاهرة ومعظم المحافظات المصرية الجمعة. وبحسب مشاركين في الاعتصام، فإن المعتصمين لا ينتمون الى تيار سياسي محدد لكنهم مجموعة من المواطنين قالوا إنهم لن يغادروا الميدان قبل أن يتم تحقيق باقي مطالب الثورة المصرية، أو على الأقل صدور تعهّد واضح من المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بتسليم السلطة لإدارة مدنية وفقاً لجدول زمني محدد. وكانت مجموعة من التيارات السياسية أعلنت، عشية انطلاق تظاهرات "جمعة استرداد الثورة" الجمعة، أنها تمهل المجلس العسكري حتى نهاية أيام "جمعة الإسترداد" في 6 أكتوبر الجاري لتنفيذ باقي مطالب ثورة 25 يناير قبل أن تبدأ اعتصام مفتوح في مختلف ميادين القاهرة والمحافظات المصرية. من جانبها، أعربت "الجبهة الحرة للتغيير السلمي" عن استيائها من فض اعتصام بميدان التحرير بالقوة، وهو الأمر الذي أدانته وحذرت من التمادي في استخدام القوة حتى لا تقوم قيام ثورة جديدة. واعتبرت أن ما جرى يؤكد ازدواجية المجلس العسكري- الذي يدير شئون البلاد خلال الفترة الانتقالية- قائلة إنه في الوقت الذي يقول فيه غن التظاهر والاعتصام والإضراب حقوق مشروعة للشعب، يقوم بفض اعتصام النشطاء بالقوة، "ليدلل على أن كلام المسئولين العسكريين شيء وأفعالهم شيء آخر". وفي تحذير من عودة سياسية العنف، أكدت الجبهة أنها "تذكر الشرطة، التي عادت لاستخدام نفس السياسية القديمة، بما حدث لها أبان أيام الثورة من فتك المتظاهرين بها، فلا ينبغي لها أن تتناسى أنها كانت السبب الأول في قيام الثورة وهو ما لم ولن ينساه الثوار، وبالتالي فالواجب عليها أن تتنحى جانبًا ولا تحاول التحرش بالثوار وقد خبرتهم وعلمت غضبتهم عليها سابقًا وقوتهم الحقيقية". واستنكرت الجبهة ما وصفته ب "الموقف المخزي للقوى السياسية والأحزاب المجتمعة التي رضيت الاجتماع مع المجلس العسكري دون مراعاة لخطوته في فض الاعتصام بالقوة، وكان أجدر بها أن تنسحب من الاجتماع مع المجلس الذي يصر على إدارة البلاد بنفس طريقة النظام السابق العقيمة والتي أثبتت فشلها". وفي حين اتهمت الجبهة هذه القوى بأنها "اعتادت أن تأكل على جميع الموائد"، توجهت بالتساؤل إليها: هل حاول المجلس العسكري مشاركتكم القرار وقت أن قام بإعداد مشروع مجلس الشعب العقيم والذي تبرأتم منه؟ وهل استمع إليكم وقرأ وثيقتكم التي طرحتم فيها رؤيتكم للمبادئ فوق الدستورية؟ وفي هذا السياق، أكد عصام الشريف منسق عام "الجبهة الحرة للتغيير السلمي"، أن الجميع يبدو أنه ينسى أو يتناسى ولم يعد بهمه سوى النظر إلى مصالحه الخاصة وتحقيق أي مكاسب ولو صغيرة، لكننا كأحد الجماعات السياسية الشابة لن نتوانى عن الوقوف أمام أي إرادة لا تقف مع الإرادة الثورية ولو خطفونا من بيوتنا أو من الشوارع؟ وقال: "إننا عرفنا اجتماعات المجلس العسكري وطال انتظارنا للخروج منها بأي نتيجة، لكننا جربنا أن ما يقال شيئا وما يفعل شيء آخر، ولهذا فنحن معرضون وأعرضنا سابقًا عن حضور أي اجتماعات للمجلس وقد علمنا من أمره ما علمنا"، وطالب الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الذين تم اعتقالهم خلال اليومين الماضيين.