مصادر: المملكة تدعم تسوية تطوى صفحة «مرسي» وتعتبر فترة «السيسي» انتقالية.. مع الالتزام بديات ضحايا رابعة والنهضة يصل الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى السعودية غدًا الأحد، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم، خلفًا للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بالتزامن مع زيارة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدأت مساء اليوم، وتستمر حتى الاثنين، ما فتح الباب أمام التساؤلات حول إمكانية وجود مبادرة سعودية لاحتواء الخلافات المتفاقمة بين مصر وتركيا، منذ إطاحة الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو 2013. ودون أي إشارة إلى ما إذا كان سيلتقي الرئيس التركي، قال المتحدث باسم الرئاسة، السفير علاء يوسف، إن الرئيس السيسي سيلتقي الملك سلمان، وولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، إلا أن مراقبين رجحوا عقد اجتماع بين الرئيسين المصري والتركي برعاية العاهل السعودي، عازين ذلك إلى تقاطر العديد من القادة الإقليميين إلى الرياض خلال الأسبوعين الأخيرين، فيما اعتبروه يشي بأن ترتيبات مهمة وشديدة الحساسية قد تغير وجه المنطقة، يجري الإعداد لها في الرياض. إضافة إلى احتضان المملكة في الأسبوع الماضي لمؤتمر ديني دعت إليه "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في الدوحة"، المحسوب على الإخوان المسلمين ويرأسه الشيخ يوسف القرضاوي، وهو المنظمة التي صنفتها الإمارات رسميًا بأنها إرهابية، وقد شارك ممثلا للاتحاد الدكتور علي محيي الدين القرداغي، الأمين العام. وأرجع المحللون التطورات الأخيرة في الموقف السعودي إلى الأوضاع المعقدة في سورياوالعراق وليبيا واليمن، في ظل تقارب أمريكي إيراني يجري وضع اللمسات النهائية عليه خلال مباحثات بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف بشكل يؤمن لإيران الاعتراف بها من قوى دول العالم كقوة عظمى إقليمية. إذ أشاروا إلى أن هناك مخاوف من اعتراف أمريكي بنفوذ إيراني متعاظم في سوريا واليمن ما دفع القيادة السعودية للبحث عن بدائل للتصدي للمخطط الأمريكي لقلب المعادلة في المنطقة، حيث تبنت المملكة استراتيجية جديدة تعمل على ضرورة إطفاء الحرائق في المنطقة، وتسوية الخلافات بين القوى الكبرى فيها متمثلة في مصر وتركيا، وتدشين تحالفات جديدة في المنطقة تعيد دمج "الإخوان المسلمين" في المنطقة لمواجهة تمدد "داعش" في سورياوالعراق والحوثيين في اليمن، كقوة إسلامية معتدلة. وقالت مصادر مطلعة، إن السعودية تسعى لتسوية الأزمة في مصر عبر طي صفحة الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، واعتبار ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسي فترة انتقالية، تمهد لانتخابات تشريعية، على أن يعود الجيش لثكناته، وتلتزم بموجبها المملكة بدفع "ديات" جميع شهداء مصر منذ 30 يونيو 2013. وبحسب المصادر، فإن المقترح السعودي تم مناقشته مع راشد الغنوشي زعيم حزب "النهضة التونسي"، وعبر لقاءات مكثفة مع وفد من التنظيم الدولي للإخوان زار الرياض والتقي مقربين من الملك سلمان بن عبدالعزيز. إلى ذلك، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن السيسي سيعرض خلال زيارته إلى السعودية تصور مصر لإنشاء قوة عربية موحدة في المنطقة تتولي درء المخاطر عن دول المنطقة وتتصدي لأية تهديدات تواجه دولها. وأوضح أن الزيارة ستتناول أيضًا كيفية مواجهة تنامي نفوذ الدولة الإسلامية "داعش" في سورياوالعراق، ووصول الخطر إلى ليبيا، والتصدي لسيطرة الحوثيين على اليمن ودعم الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة التوافق بقيادة خالد بحاح، ومجمل العملية السياسية في اليمن، فضلاً عن مناقشة العلاقات الثنائية بين القاهرةوالرياض وتسوية أي خلافات قد تكون طرأت بين البلدين خلال الفترة الأخيرة. وأضاف "مصر تدرك أهمية تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع الدول الخليج والعمل على تسوية الأزمة التي تصاعدت مع قطر، إثر اتهام القاهرة لها بدعم الإرهاب وتطويق الخلافات التي عكسها بيان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، والتأكيد على تقدير مصر للدعم الخليجي لها في المرحلة التي تلت إسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي". وقال محمد أبوسمرة، الأمين العام ل "الحزب الإسلامي"، الذراع السياسية ل "جماعة الجهاد"، إن "زيارة السيسي إلى السعودية بالتزامن مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تؤكد أن هناك تسوية يجري الترتيب لها في المنطقة تركز على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية في مصر ودمج الإخوان في المشهد السياسي والتيار الإسلامي بشكل عام، فضلاً عن تقديم مصر اعتذارًا للمملكة العربية السعودية ودول الخليج، عن الإساءات التي تناولتها تسريبات خرجت من مكتب السيسي خلال شغله منصب وزير الدفاع". وأوضح أن "القاهرة تسعى كذلك لانتزاع تعهدات خليجية بمشاركة قوية في مؤتمر المانحين بشكل قوي، بخاصة وأن التوتر في هذه العلاقات قد تكون له تداعياته السلبية علي رغبة مصر في توظيف هذا المؤتمر لإقالة اقتصاد البلاد من عثرته، في ظل ما يتردد عن توقف الدعم الخليجي لمصر بعد وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز لسدة الحكم وتبنيه لرؤية مغايرة لما كان عليه العاهل الرحل عبدالله بن عبدالعزيز". غير أن خالد الزعفراني، القيادي الإخواني المنشق، يرى أن الحديث عن دور سعودي في مصالحة وطنية في مصر غير دقيق وينم عن مبالغات، قائلاً "الهوة بين الإخوان والدولة في مصر لا زالت سحيقة، كما أن الرهان على تطبيع علاقات مصر وتركيا لن يكون بلا ثمن حيث لن تدعم تركيا مثل هذه المصالحة دون دمج الإخوان في المشهد السياسي مجددًا". وأشار الزعفراني إلى أن "السعودية تراهن على تركيا للضغط على الإخوان للقبول بصفقة مع الدولة المصرية في ظل ما تحظي به أنقرة من نفوذ على الجماعة، بشكل يجعلها تخفف من مواقفها المتمسكة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، ومحاكمة كل من تورطوا في إراقة الدماء، والقبول بتعويض جميع الضحايا في مرحلة ما بعد 3يوليو". فيما رأى الدكتور مصطفى كامل، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن الدولة لاترحب بأى مبادرات للصلح بين النظام والإخوان، استنادًا إلى تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن الشعب المصرى سيسقط البرلمان القادم لو دخل الإخوان، وهو ما يشير إلى رفض النظام لدخول الجماعة كأفراد أو التعامل معهم. وأضاف "الإخوان يصفون 30 يونيو بأنه "انقلاب"، فضلاً عن مطالبتهم بعودة الرئيس المعزول محمد مرسى إلى سدة الحكم وإعادته رئيسًا للجمهورية؛ وهو ما يدلل على صعوبة المصالحة بين الإخوان والدولة، بالإضافة إلى عدم إدراكها طبيعة الوقت الحاضر". وعن إمكانية تدخل أطراف إقليمية كالمملكة العربية السعودية وتركيا لحل الأزمة فى مصر، رأى كامل، أنها "لا تتعدى مجرد تكهنات"، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن "الصحافة الأمريكية أكدت سابقا عن لقاء جمع شخصيات سعودية مسؤولة بالدكتور محمد البرادعى ومحام شهير يرجح أنه الدكتور أيمن نور قبل وفاة الملك عبدالله لتسوية هذا الأمر. وأوضح أن هذا "ما رفع أسهم التكهنات عن إمكانية تدخل السعودية لرأب الصدع بين الدولة والإخوان من خلال إطلاق مبادرة للصلح بين الطرفين، وجاءت وفاة الملك عبدالله لتزيد من التكهنات مجددًا عن تدخل سعودي مرتقب بعد وصول نظام جديد للحكم". وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه ليس من المستبعد أن تكون السعودية في طريقها لبحث سبل لم الشمل العربي ووقف الارتباك الحادث في المنطقة. وأضاف "السعودية تضع خطة لكيفية وضع حد للتوتر المصري القطري التركي، وتضغط على مصر لقبول هذه المصالحة ليس فقط بسبب أمنها الداخلي، إنما لتحقيق أهداف أخرى على المستوى الإقليمي ومواجهة الإرهاب الدولي، والحد من نفوذ إيران القوى في العراق واليمن". وشدد نافعة على أن السعودية تريد إعادة ترتيب البيت السني برعاية مصرية قطرية تركية. وقال مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن ولي العهد السعودي يحاول تقريب المسافات بين أردوغان والسيسي، مشيرًا إلى أن هناك اتجاهًا لإتمام المصالحة بين الطرفين، وهو ما سيصب في صالح الإخوان بشكل أو بآخر، باعتبار أن تركيا مؤيدة للجماعة فى مصر.