تدرس لجنة التحقيق المستقلة بشأن جرائم الحرب في سوريا نشر أسماء المشتبه بهم في ارتكاب "جرائم حرب"، و"جرائم ضد الإنسانية"، خلال سنوات الصراع الحالي بين النظام السوري وجماعات المعارضة المسلحة، ولم تحسم أمرها بعد. وقال باولو بينيرو، رئيس لجنة التحقيق المستقلة، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في تصريحات للصحفييين بمقر الأممالمتحدة بنيويورك، اليوم الجمعة، إن اللجنة "لا تعتزم نشر أسماء المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، لكننا ننظر في هذا الأمر ولا نزال نقوم بدراسته". باولو بينيرو الذي كان يتحدث عقب انتهاء جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول سوريا، أكد أن لجنة التحقيق "أعدت حتي الآن 4 قوائم بأسماء المشتبه في ارتكابهم تلك الجرائم من قبل جميع الأطراف في سوريا"، وأنها "بصدد الانتهاء من القائمة الخامسة خلال الشهر المقبل". وأردف باولو بينيرو قائلا: "علينا ألا ننسي أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، يتم ارتكابها من قبل النظام السوري والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة مثل (داعش) وجبهة النصرة وغيرهما من الجماعات المسلحة". ومضي قائلا: "لكن الغالبية العظمي من الجرائم ترتكبها القوات الحكومية، ونحن طالبنا مجلس الأمن الدولي بضرورة التحرك لرفع الحصانة عن أولئك المتورطين في تلك الجرائم، وذلك وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139 الصادر في فبراير(شباط) العام الماضي". وردا علي سؤال بشأن الإفادة التي قدمها في وقت سابق صباح اليوم الجمعة، أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، قال رئيس لجنة التحقيق المستقلة: "لقد تناقشنا في جلسة اليوم حول السبل التي يتعين اتباعها من أجل إنهاء المحاسبة في سوريا، لكننا لم نأت إلي قاعة المجلس لكي نشرح لممثلي الدول الأعضاء الطريق الصحيح الذي يتعين عليهم أن يسلكوه، إننا فقط نطالب بتحقيق العدالة للضحايا في سوريا والعدالة للشعب السوري. وأعتقد أن كل الخيارات مطروحة لمحاسبة المتورطين في تلك الجرائم التي وقعت في سوريا". من جانبه، انتقد مندوب بريطانيا الدائم لدي الأممالمتحدة، السفير مارك ليال غرانت، عدم قدرة مجلس الأمن الدولي علي التحرك خلال السنوات الأربع الماضية، ازاء الأزمة السورية. وكشف السفير البريطاني الذي كان يتحدث للصحفيين بجوار رئيس لجنة التحقيق المستقلة، أن "لجنة التحقيق المستقلة قدمت تقريرا يؤكد علي وجود عشرات الآلاف من السوريين الذين يتعرضون للتعذيب خلال السنوات الماضية، فضلا عن اعداد قوائم تضم أسماء كبار المسؤولين في النظام السوري". وأضاف السفير البريطاني قائلا: "نحن نعتقد أنه كان بإمكان مجلس الأمن أن يتحرك بشأن الأزمة السورية منذ سنوات، وليس الآن فقط، ومع ذلك فإن المجلس يتخذ موقفا موحدا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، لكن الإرهاب ليس هو السبب في الأزمة التي نشهدها في سوريا حاليا". وتابع قائلا: "نحن نأمل في أن يتمكن مجلس الأمن من إحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي وقعت في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية". وعقب انتهاء السفير البريطاني ورئيس لجنة التحقيق المستقلة من تصريحاتهما للصحفييين، شن مندوب النظام السوري بشار الجعفري هجوما حادا على رئيس لجنة التحقيق الدولية وعلى أسلوب عمل اللجنة. وقال الجعفري في تصريحات للصحفيين: "هذه لجنة غير محايدة وتقاريرها منحازة بشكل فاضح وخاضعة لسيطرة الدول الكبري في مجلس الأمن الدولي وللدول الكبري في مجلس حقوق الإنسان".
وأردف قائلا: "نحن لا نعترف بالنتائج إلتي تتوصل إليها تلك اللجنة، ولقد قدمنا إليها آلاف الوثائق بشأن الجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية في بلادي، لكن اللجنة تجاهلتها تماما".
بدوره، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، اليوم الجمعة، "جميع الأطراف في سوريا، الوقف الفوري للتصعيد، ونزع فتيل الصراع من أجل توفير مهلة للمدنيين الذين طالت معاناتهم في البلاد".
وتلا المتحدث الرسمي باسم الأمين العام استيفان دوغريك بيانا علي الصحفيين، قال فيه إن بان كي مون "يناشد جميع الأطراف نزع فتيل الصراع من أجل توفير مهلة للمدنيين الذين طالت معاناتهم من سوريا"، مضيفا أن "وقف التصعيد هو خطوة تشتد الحاجة إليها من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع".
وأضاف دوغريك أن بان كي مون "أحيط علما بالإفادة التي قدمها مبعوثه الخاص إلي سوريا، السيد استيفان دي ميستورا، إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي يوم 17 فبراير(شباط الجاري)، بخصوص التزام الحكومة السورية بتعليق جميع الهجمات الجوية والقصف المدفعي على مدينة حلب بأكملها لمدة ستة أسابيع، بهدف السماح للأمم المتحدة بتنفيذ مشروع تجريبي لإيصال المساعدات الإنسانية بدءا من منطقة واحدة في حلب وبناء تدريجي للآخرين".
وأشار المتحدث إلي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2139 الصادر في فبراير(شباط) من العام الماضي، الذي دعا جميع الأطراف إلى "وضع حد للتوظيف العشوائي للأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان في سوريا"، مؤكدا أن "الأمين العام يتوقع من الحكومة السورية تعليق أعمال القصف علي مدينة حلب (شمال)".
وتابع دوغريك قائلا: "لقد أدت السنوات الأربع الأخيرة (عمر الصراع) إلي مقتل أكثر من 200 ألف من المدنيين في سوريا وظهور أكبر أزمة لاجئين في العصر الحديث (10 ملايين نازح ولاجئ)، وخلق بيئة تعمل فيها الجماعات المتطرفة والجماعات الإرهابية مثل داعش".