طالب خبراء سياسيون وبرلمانيون سابقون وناشطون بإجراء انتخابات مجلس الشعب القادم بنظام "القائمة النسبية غير المشروطة" على كل مقاعد مجلس الشعب، مع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، لإتاحة الفرصة للأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين والمرأة والأقباط بالفوز في الانتخابات. ودعوا في ختام مؤتمر عقدته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن الانتخابات البرلمانية الأربعاء إلى وضع آليات فعالة تضمن مراقبة حقيقية للإنفاق المالي للانتخابات، بغرض ضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين، مع تكوين لجنة وطنية مستقلة ومحايدة من ذوي الخبرات المختلفة تضع محددات العمل الإعلامي خلال الانتخابات. وأكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الانتخابات القادمة في غاية الأهمية، ولم يحدث في تاريخ مصر الحديث الاهتمام بهذا القدر بالانتخابات مثل هذه المرة، وذلك يرجع لسببين الأول، أنها تأتي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير وإسقاط النظام السابق الذي كان محترفا في تزوير الانتخابات وخاصة في انتخابات عام 2010، والثاني أن هذا البرلمان هو الذي سيتولى إعداد دستور جديد للبلاد يجب أن يتضمن الحقوق والحريات العامة للمواطنين ويرسي دولة القانون، ويقنن نظام الحكم. وقال في هذا الإطار إنه يجب أن يكون قانون مجلس الشعب والشورى ضابطًا للعملية الانتخابية حتى يتم وضع دستور يليق بالشعب المصري ويعبر عن كافة القوي السياسية في البلاد. وأشار نافعة إلى أن السلطة التي تدير البلاد حاليًا ليست منتخبة ولا توجد آلية بين القوى السياسية للتفاهم، لافتًا إلى ضرورة وضع إعلان دستوري جديد للمرحلة القادمة تتفاهم عليه كل القوى السياسية لتصبح الانتخابات البرلمانية قادرة على إفراز ما يطمح إليه الشعب المصري بأكمله. وطالب الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام" بتمزيق القوانين السابقة الخاصة بالعملية الانتخابية وعلى رأسها قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي عدل مرات عديدة وسنها من جديد لكثرة ما يعتريها من عيوب. ودعا إلى ضرورة الأخذ ب "القائمة النسبية الحزبية" مع إلغاء نسبة العمال والفلاحين، مع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، وكذا إعادة النظر في أمر الجنسية وشرط إجادة القراءة والكتابة، وأن يكون هناك إشراف قضائي بالكامل على العملية الانتخابية، من خلال قاض لكل صندوق بدءًا من إعداد البيانات إلى إعلان النتائج وتصويت المصريين في الخارج وتفعيل نظام الجرائم الانتخابية، ومراعاة مسألة الحاجز الانتخابي. وأكد الدكتور أحمد أبو بركه عضو مجلس الشعب السابق، المستشار القانوني لحزب "الحرية والعدالة"، أن المشرع المصري أخذ بنظام انتخابي مزدوج على مستويين؛ الأول هو المزج بين الانتخاب بنظام القوائم مع الانتخاب بنظام المقاعد الفردية، بأن أجرى تقسيمين للدوائر الانتخابية حتى الآن، 58 دائرة مخصصة للانتخاب بنظام الدوائر الحزبية، وخصص 126 دائرة للانتخاب بنظام المقاعد الفردية ثم عاد و وزع المقاعد في نطاقها بين النظامين. أما المستوي الثاني – كما يقول - فهو مستوى حساب الأصوات، فمزج بين قاعدة التمثيل بالأغلبية المطلقة (في النظام الفردي) وبين قاعدة التمثيل النسبي بالنسبة للقوائم. وشدد أبو العز الحريري عضو مجلس الشعب السابق على ضرورة طرح البرامج الحزبية على الشعب للاختيار والمفاضلة وأن المواطن لابد أن يكون لديه جرعة مكثفة للاختيار، وخاصة أن هذا الأمر لم يكن موجوداً قبل الثورة حيث كانت الأحزاب السياسية مغيبة وكان يتم تقويض الحريات العامة بموجب قانون الطوارئ. وطالب الحريري بإصدار الدستور أولا قبيل إجراء الانتخابات حتى يتم اكتشاف الغث والثمين، لأننا الآن ننتقل من تزوير الانتخابات إلى تزوير الإرادة مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تكوين مجلس هو الأسوأ في تاريخ الحياة البرلمانية وهو انتكاسة بالثورة والإرادة الشعبية. في حين دعا الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، عضو مجلس الشعب السابق إلى ضرورة اتخاذ إجراءات تتعلق بإعمال مبادئ العدالة الاجتماعية كمقدمات للتأثير على العملية الانتخابية، وتهيئة البيئة المناسبة للرقابة بكافة أشكالها. واعتبر حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن "القائمة النسبية" هي الأنسب لمصر ويجب أن يكون هناك تمثيل عادل في تقسيم الدوائر ورقابة من جانب المنظمات والإعلام والتي لم ترق إلى تنظيم جيد في القانون، وأن تكون هناك معايير محددة من جانب اللجنة العليا للانتخابات في الرقابة على العملية الانتخابية، حتى نصل في النهاية إلى برلمان قوي يعبر عن كافة القوي السياسية في مصر ويقود مرحلة إعداد دستور جديد للبلاد وقيادة التحول الديمقراطي بأكمله. وشدد على أهمية الرقابة على الانتخابات، خاصة في البلدان التي ما زالت تشهد عملية تحول ديمقراطي، حيث يحتاج المواطنون فيها إلى المزيد من الإجراءات للتأكيد على نزاهة الانتخابات، وتؤدي فرق الرقابة هذا الهدف حيث تلعب دورًا كبيرًا في إشاعة جو من الثقة والاطمئنان حول نزاهة العملية الانتخابية ونتائجها. من جانبه، أكد الناشط الحقوقي نجاد البرعي رئيس المجموعة المتحدة دور منظمات المجتمع المدني في المراقبة على مجريات العملية الانتخابية. وقال إن هذا يحمل بين طياته القبول العام لنزاهة الانتخابات، على أن يسمح في الوقت ذاته بالرقابة الدولية جانب إلى جانب مع الإشراف القضائي المستقل على الانتخابات بما يعطي انطباعًا إيجابيًا لدي رجل الشارع حول هذه الانتخابات وأن هناك بالفعل تحولات حدثت في طريقة إدارة الانتخابات بما يمهد الطريقة لبناء مصر الحديثة التي نأملها. وأشارت الدكتورة أماني الطويل الخبيرة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام" إلى أن منظمات المجتمع المدني لعبت دورًا منشودًا في عملية الرقابة على الانتخابات، مما أدي إلى ملاحقة هذه المنظمات وتم توجيه حملات تشويه متعمدة لرموزها، فضلا عن الملاحقات الأمنية الممنهجة. وأكدت أن منظمات المجتمع المدني والإعلام بحاجة إلى استقصاء طبيعة البيئة البشرية والقانونية المنظمة للانتخابات ومدي توازنها في التعبير عن كافة القوي السياسية والاجتماعية واستجابتها لشروط مشاركة الفئات المهشمة كالأقباط والمرأة. واعتبرت نهاد أبو القمصان مديرة المركز المصري لحقوق المرأة أن الرقابة على مجريات العملية الانتخابية ليست أمرًا حديثًا على المجتمع المدني، فقد قامت العديد من منظمات المجتمع المدني بالرقابة على مجريات الانتخابات منذ عام 1995 حينما تشكل تحالف من ثلاث منظمات هي المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ومركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية وجمعية النداء الجديد. وأوضحت أن رقابة هذه المنظمات استمرت على انتخابات عام 2000 و 2005 و2010 على التوالي، حيث رصدت خلالها العديد من الانتهاكات والتجاوزات وقد عرضت آنذاك للرأي العام المصري، وأظهرت حجم الفساد والتزوير مرة.