يبدو الوضع ضبابيا لدى الناشطين الإنسانيين في إقليم شمال كيفو بالكونغو الديمقراطية بالنظر إلى أن الهجوم العسكري الذي تعتزم القوات العسكرية الكونغولية شنه ضد "القوى الديمقراطية لتحرير رواندا" المتمرّدة، يغذي المخاوف من سقوط ضحايا أبرياء. والقوى الديمقراطية لتحرير رواندا، هي جماعة مسلحة تشكلت منذ عام 2000 للدفاع عن حقوق الهوتو الروانديين اللاجئين إلى الكونغو الديمقراطية والمناوئين لحكم "بول كاغامي" الرئيس الرواندي. في البداية، كان من المفترض أن يتم هذا الهجوم بالتعاون بين بعثة الأممالمتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية "مونيسكو" والجيش الكونغولي. ولكن العسكريين الكونغوليين قرروا أخيرا شنّ الهجوم لوحدهم، بدعم لوجستي وعملياتي من البعثة الأممية في البلاد. وعلى غرار كل المعارك، أثار هذا الهجوم العسكري المخاوف على المستوى الإنساني، خاصة وأن خطوط المواجهة غير واضحة المعالم. يقول عمر كافوتا، منسق "المجتمع المدني"، وهي منظمة غير حكومية بإقليم شمال كيفو، إن "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا تختلط بالسكان وقد تسللت إلى القرى. في بعض الأماكن، يلتصقون بالمدنيين، على غرار شمال لوبارو (شمال كيفو)، أين يرافقون الناس حتى في جلب المياه من الآبار". وأضاف "نحن قلقون لأن المتمردين قد يستخدمون المدنيين كدروع بشرية، على الرغم من أننا ندعم الهجوم لإحلال السلام في المنطقة." وعلى هذا النحو، لا يوجد خط مواجهة بالنسبة لهؤلاء المتمردين الذين يبلغ عددهم حوالي 1400 عنصر، والذين يتحركون بحرية في شمال وجنوب كيفو. وهم غالبا ما يرتدون الملابس المدنية، وهو ما يصعّب التعرف إليهم كمقاتلين. ويخشى الناشطون الإنسانيون أيضا تدمير البنية التحتية. وفي هذا السياق، يقول ايفون ادومو، المكلف بالاتصال لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إنه "قد يلجأ المتمردون إلى الاختباء في المراكز الصحية والمدارس والمنازل. وقد تصبح هذه المباني مستهدفة من الجيش". ومن جهته، يقول لامبارت ماندي، الناطق باسم الحكومة الكونغولية، في اتّصال أجراه معه مراسل الأناضول، إنّ عدة "إجراءات" اتخذت لحماية المدنيين، مفضّلا عدم ذكر التفاصيل. وقد أثار تقرير للمنظمة الامريكية "ايناف بروجكت"، ومقرها في غوما المدينة الرئيسية في شمال كيفو، الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مخاوف إضافية، حيث ذكرت المنظمة إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا قد أعادت تسليح نفسها خلال الأشهر الست الماضية. وبفضل تجارة الفحم والذهب، استطاع المتمردون الحصول على الأسلحة والذخائر. وقد ساعدهم في بعض الأحيان ضباط في الجيش الكونغولي. أمر يوحي بأن المعارك ستكون عنيفة، وهو ما يرجّح أو يزيد من مخاطر وقوع مدنيين في تبادل إطلاق النار. وبالإضافة إلى ذلك، وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن بداية القتال، عيّن الجيش الكونغولي، الجنرال برونو ماندافو على رأس القوات المكلفة بهذا الهجوم، وهو ما أثار الاستنكار الدولي، فقد ورد اسم هذا الجنرال في القائمة الحمراء لمنظمة الأممالمتحدة، التي اتهمته بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وبالنسبة لعمر كافوتا، فإنّ "الوضع في 2009 ليس مماثلا لما هو عليه الحال في 2015". مشيرا إلى أنّ الجيش الكونغولي أصبح أكثر حرفية، ف "لقد تم تدريب العسكريين، كما لاحظنا تغييرا ايجابيا في سلوكهم". ولم يتسنّ الاتّصال بالجنرال ليون ريتشارد كاسونغا، الناطق باسم الجيش الكونغولي، للحصول على بعض التفاصيل المتعلّقة بهذا الجانب. وأعلن الجيش الكونغولي، في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، بدء هجوم عسكري ضد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، المتركزة في شرق البلاد منذ سنوات 2000. وقد اتهم عدد من قادتها من قبل المجتمع الدولي ورواندا بالتورط في الإبادة الجماعية التي ارتكبت في حق "التوتسي" الروانديين في 1994. وفي 2009، تسبب الهجوم العسكري الأخير ضد هؤلاء المتمردين "الهوتو" الروانديين، بدعم من بعثة الأممالمتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في نزوح أكثر من 200 ألف مدني، في مقاطعة شمال كيفو، شرقي البلاد، وفقا للأرقام الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة. وأثناء هذه المعارك، اتهم الجنود الكونغوليين من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بقتل مئات المدنيين وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقد أشارت منظمة العفو الدولية، على موقعها الالكتروني، إلى أنه "خلال العمليات التي تم القيام بها ضد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا بين 27 و30 ابريل/ نيسان (2009)، قتل الجنود الكونغوليين، بطريقة غير قانونية، ما لا يقل عن 100 مدني في مخيم للاجئين. وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال. ولقد ترافقت العمليات العسكرية شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية مع ارتفاع نسبة الاغتصاب". ومع الإعلان عن هجوم هذا العام، لم تحدد القيادة العسكرية الكونغولية متى ستبدأ العمليات على الأرض.