خيم الحزن على مختلف المدن الأردنية وبالأخص أهالي قرية "عي" مسقط رأس الطيار الأردني معاذ الكساسبة عقب إعلان الجيش الأردني "استشهاده" على يد تنظيم داعش يوم الثلاثاء مظهرا تسجيلا لحرقه. فيما رأى سياسيون أردنيون أن فعل داعش بحق الطيار سيكون المسمار الأخير في نعش التنظيم. وقال سياسيون وخبراء أردنيون في تصريحاتهم ل"الأناضول" إن حرب الأردنيين بدأت اليوم مع تنظيم داعش، ولن يهنأ بال النظام الأردني قبل أن يظفر برأس "أبو بكر البغدادي" (رئيس التنظيم، وخليفة المسلمين بحسب إعلانه) كما استطاع أن يطيح بقيادات إرهابية سابقة دون أن يسميها أحدهم. وقال محمد القطاطشة عضو مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) إن "الطريقة الوحشية وغير المسبوقة في حادثة الطيار الكساسبة ستكون بداية النهاية لداعش". وأضاف القطاطشة: "ولن يهنأ بال الأردنيين إلا باستئصالهم فردا فردا وعلى رأسهم زعيم عصابة الشر والشيطان أبو بكر البغدادي الذي ستطاله بنادق الجيش الأردني أينما اختبأ". وتابع "إن ما أقدم عليه داعش بمثابة الطلقة الأخيرة لديه من ممارسات الرعب التي يستند عليها أساساًَ، وأفقدته تعاطف من غرر بهم"، وعليه فإن الأردن وفق القطاطشة "ربما يلجأ لخيارات عدة بالتنسيق مع التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية أو بمفرده إن اقتضى الأمر لدحر التنظيم وتوجيه ضربات قاسية له غير متوقعة". وقال وزير الخارجية الأردني الأسبق جواد العناني إن "فعل داعش الإرهابي سيشكل نقطة تحول في الحرب عليه، وسيشن الأردن مما لا شك فيه حرباً شعواء عليه، وهو ما اتضح من بيان الجيش الأردني". وأضاف العناني ل الأناضول أن "الشعب الأردني اليوم أصبح قلباً واحداً ولا يمكن لأي أردني حتى من يعتقد أنه ما كان بالضرورة دخول الأردن في الحرب على داعش، فسيدرك اليوم أن جريمة داعش لا يجوز أن تبرر وتستلزم الرد عليها". وتوقع العناني أن "الأردن ربما يكون قريباً لحرب على الأرض مع داعش سواء في سوريا أو العراق، إذ إن ما حدث مع الطيار الكساسبة يفتح فصلاً جديداً من الحرب باتجاه تصعيد الحرب وتقوية التحالف والعمل نحو تغيير نمط المعركة بأن لا تقتصر فقط على الضربات الجوية". ورأى الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان، في تصريحات للأناضول، أن "الإقدام على قتل الطيار الكساسبة بهذه الطريقة جعلت الأردنيين اليوم شعباً واحداًً، وهي تعني أن حربهم قد بدأت بالفعل مع داعش، وستشكل فعلة التنظيم الإرهابي نقطة تحول في الحرب عليه وستجعل كل القوى المترددة عالمياً في حربه أكثر توقاً للخلاص منه". من جهته، قال القيادي في التيار السلفي الأردني محمد الشلبي الملقب ب أبي سياف، إن "تنظيم الدولة الإسلامية أخطا بفعله اليوم وتصرفه لا يمت للإسلام بصلة". وأضاف أبو سياف "لقد خسر تنظيم الدولة (داعش) صفقة باستبدال السجينة ساجدة الريشاوي التي وصفوها بأنها أم لهم"، متسائلاً "كيف يفرطون بأمهم؟، بعد أن تنامى لمسامعي اليوم أن السلطات في البلاد ستقوم بإعدامها خلال ساعات". واعتبر أبو سياف أن ما حصل اليوم مع الطيار الكساسبة "أفقد التنظيم التعاطف معه، وانقلب موقف المتعاطفين معه بشكل كبير، وإن استمر على فعله هذا سيعني أن بقاءهم (داعش) ليس طويلاً، وسيعجل بنهايتهم، وسيحق عليهم ما قاله "أبو قتادة" بأنها فقاعة وستنتهي قريباً". وكان القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني عمر محمود عثمان المعروف باسم "أبو قتادة" وصف تنظيم داعش بأنه "مجرد فقاعة ستنتهي قريبا"، وذلك أثناء محاكمته من قبل محكمة أمن الدولة الأردنية "عسكرية" في السادس من أيلول/ سبتمبر الماضي، على خلفية تهم موجهة له بالإرهاب في قضيتين عرفتا إعلاميا باسم "الألفية" و"الإصلاح والتحدي"، لتعلن المحكمة في 24 من ديسمبر 2014 براءته وإطلاق سراحه. وأظهر تسجيل مصور منسوب لتنظيم "داعش" قتل الطيار الأردني، معاذ الكساسبة (27 عاما)، حرقاً. وفي وقت سابق يوم الثلاثاء، نشرت حسابات لأشخاص يبدو أنهم تابعين ل"داعش" على موقع التدوينات القصيرة (تويتر) بيانا مدعوما بصور وتسجيل مصور تظهر ما يبدو أنه الكساسبة محاطا بالعشرات من أعضاء "داعش" مدججين بالسلاح، قبل أن يُدخلوه في قفص حديدي، ويشعلوا به النار. وأعلن "داعش" في 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أسر الكساسبة بعد إسقاط طائرته الحربية التابعة للتحالف الدولي قرب مدينة الرقة السورية. وبينما لم يحدد التسجيل المصور يوم قتل الكساسبة، ذكر التليفزيون الأردني الرسمي أنه قتل يوم 3 يناير/ كانون الثاني الماضي، دون أن يحدد إلى ماذا استند في ذلك. وانتهت الخميس الماضي مهلة حددها "داعش" موعداً نهائياً لإتمام صفقة تبادل المعتقلة العراقية الريشاوي مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني لديه كينجي غوتو والحفاظ على حياة الكساسبة، قبل أن يقدم التنظيم السبت الماضي على ذبح غوتو، بحسب تسجيل مصور. وكانت عمّان أعلنت موافقتها على إطلاق سراح الريشاوي مقابل الكساسبة، إلا أنه طالب "داعش" بأي إثبات على أن الطيار بخير". وتوقعت مصادر في التيار السلفي الأردني، إعدام السلطات الأردنية، كلا من العراقي زياد الكربولي الملقب ب"أبو حذيفة"، أحد أبرز مساعدي أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة الأسبق، والعراقية ساجدة الريشاوي، خلال ساعات. وأفادت المصادر ، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، أن السلطات الأردنية قامت مساء الثلاثاء بنقل عدة سجناء من تنظيم القاعدة إلى سجن سواقة جنوب العاصمة، والمعروف أنه يتم فيه تنفيذ أحكام الإعدام. وأوضحت المصادر أن من بين السجناء الذين تم نقلهم، الكربولي والريشاوي، والأردني معمر الجغبير، المحكم عليه بالإعدام بعد إدانته بقتل الدبلوماسي الأمريكي لورنس فولي في عمان عام 2002. وكان الكربولي يتولى منصب مسئول الغنائم في تنظيم القاعدة ببلاد الرافدين (منطقة الرطبة)، وهو متهم بقتل السائق الأردني خالد الدسوقي في منطقة الطريبيل، وارتكاب جرائم سرقة، واختطاف شاحنات أردنية وسائقيها، وقبضت عليه السلطات الأردنية عام 2006. والريشاوي معتقلة لدى السلطات الأردنية ومحكوم عليها بالإعدام بعد أن فشلت في تفجير نفسها يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، ضمن سلسلة تفجيرات وقعت بثلاثة فنادق بالعاصمة عمان، خلفت عشرات القتلى والجرحى في أحداث عرفت باسم "الأربعاء الأسود". ولم توضح المصادر ما إذا كانت عملية نقل السجناء تمت قبل نشر التسجيل الذي يظهر عملية قتل الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حرقا، أم بعده.