رغم الآمال الكبيرة المعلقة على تحقيق السلام لا سيما بعد الاتفاق على تقاسم السلطة مؤخرا، بين حكومة جنوب السودان والمتمردين، لا تزال العملية التعليمية في الولايات المضطربة الثلاث متوقفة حتى الآن في ظل استمرار احتلال مجموعات مسلحة، ونازحين لمؤسسات تعليمية. وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، في جوبا قال وكيل وزارة التعليم مايكل لوبيوك لوتيام في جوبا: "تم احتلال المدارس من قبل القوات المسلحة. بالنسبة للجيش الحكومي، قدمنا تقريرا إلى الأشخاص المعنيين، وأبلغنا الجيش الشعبي (جيش جنوب السودان) لإخلاء أي مؤسسة تعليمية- وهم يفعلون ذلك". وأضاف: "باعتبارنا الحكومة، أخذنا هذا الأمر على محمل الجد، وسيستأنف العمل في جميع المدارس التي المحتلة قريبا (على يد مديري المدارس والمعلمين)". وفي بيان نشر في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، قال مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في جوبا، إن نظام التعليم في جنوب السودان، التي نالت استقلالها عام 2011، يعاني من المؤسسات التعليمية المدمرة أو المنهوبة، وتضاؤل معدلات الالتحاق بالمدارس ونقص المعلمين والتمويل. وأشارت "أوتشا" إلى أن 95 مدرسة في ولايات جنوب السودان الثلاثة الأكثر تضررا، "أعالي النيل" (شمال شرق)، و"جونقلي" (شرق)، و"الوحدة" (شمال) محتلة حاليا من قبل المسلحين أو النازحين. وأشار "لوتيام" إلى أن الكثيرين من بين 400 ألف طفل الذين تسربوا من المدارس في الولايات الثلاث الأكثر تضررا نتيجة الأزمة، قد التحقوا منذ ذلك الحين بمدارس في ولايات أخرى، ما يثير المخاوف من شبح اكتظاظ الازدحام. وأوضح أن "الأطفال تحركوا إلى ولايات أخرى، وأضيفوا إلى قوائم الطلاب في تلك الولايات. وكل ما نريد التركيز الآن عليه بشكل متساوي على معالجة المشاكل الناشئة في الولايات المضيفة". وأشار إلى أن "فرط الازدحام (اكتظاظ المدارس) أصبح مشكلة، لنقص المواد التعليمية والمعلمين، وعدم وجود برامج التغذية المدرسية". في ديسمبر الماضي، أصدرت وزارة التعليم تقريرا ذكرت فيه أن 400 ألف طفل تسربوا من المدارس في الولايات الثلاث المتضررة كنتيجة مباشرة للأزمة السياسية. وفي أبريل من العام الماضي، فر بيتر أيوين، (16 عاما) من القتال في مقاطعة تويك شرقي ولاية "جونقلي" برفقة مع مجموعة من المشردين الآخرين إلى العاصمة جوبا، حيث يقيم حاليا مع أقاربه. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال "أيوين": "كنت في السنة الخامسة من (المرحلة) الابتدائية، عندما توقفت عن الذهاب إلى المدرسة". وأشار "أيوين" إلى أنه انضم منذ ذلك الحين إلى مجموعة من الشباب الذين يكسبون قوتهم من غسل السيارات خارج مجمع المكاتب الحكومية. وأضاف: "أنا أسكن مع أقربائي، وهم لا يجعلوني أذهب إلى المدرسة". وأعرب عن أمله في عودة السلام إلى الدولة الوليدة حتى يتمكن من العودة إلى بلده لاستئناف دراسته. ومضى قائلا: "إذا تمكنت من العودة إلى موطني سأواصل دراستي، وأذهب إلى المدرسة، حيث أرغب في أن أصبح طبيبا". ومساء أول من أمس الأحد، وقّع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ونائبه السابق ريك مشار اتفاقًا مبدئيًا في أديس أبابا، ل"تقاسم السلطة ووقف كافة العدائيات" لإنهاء الأزمة الدائرة في بلدهما منذ أكثر من عام، على أن تستأنف المفاوضات بين الطرفين لاستكمال القضايا التفصيلية للاتفاق النهائي في 20 فبراير/ شباط الجاري. ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2013، تشهد دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء عام 2011، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لريك مشار النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت، بعد اتهام الرئيس لمشار بمحاولة تنفيذ انقلاب عسكري، وهو ما ينفيه الأخير.