يباشر رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية الجديد طلال آل الشيخ الثلاثاء عمله بشكل رسمي، بعد صدور قرار تعيينة خلفاً لجاسر الجاسر الذي لم تُعلم بعد ماهي وجهته المقبلة. وبات آل الشيخ (41 عاما) أصغر رئيس تحرير صحيفة سعودية وأمامه الكثير من التحديات وهو يقود دفة أحدث الصحف اليومية في السعودية والتي تعتبر ذات جماهيريه كبيرة. وأكد آل الشيخ ل"العربية.نت" في أول حديث له أنه سيبادر بفتح صفحة جديدة مع كل التيارات دون استثناء، وسيحرص على أن تكون الوطن للجميع. ويستبعد آل الشيخ تخفيف حدة الطرح في الوطن لكنه يؤكد على التمسك بالمهنية والمصداقية، ويقول "من الصعب أن أقول هل سأخفف حدة الطرح أم لا، ولكن ما أؤكد عليه هو التعامل المهني الكامل مع كل موضوع، فحدة الطرح من عدمها تقوم على ذات الموضوع ومايهم المواطن. وأضاف أنه يهمه أن تكون الوطن كما كانت وتستمر لكل الوطن، وتعنى بهموم كل شخص على هذا الوطن من معلم لطالب لرجل أعمال لموظف، أن يجد في الوطن مايلبي احتياجاته، مؤكدا أنه مهتم جدا بالمصداقية في الطرح، "لأننا لو خسرنا المصداقية فمن الصعب إعادتها للقارئ". ويؤكد رئيس التحرير الجديد على أنه لا يملك أي تحفظات على أي قطاع بما فيه الهيئة التي عرف عنها تصادمات كبيرة مع الوطن، ويضيف "أتحفظ على كلمة الصدامات مع تيار معين، الوطن ستركز أن تكون لكل الوطن بكل تياراته، عندما تتعامل بمهنية فبالتأكيد الكل سيكون راضيا، سأسعى لحل الخلافات مع كل جهة كانت، وأسعى في الأساس للمهنية والمصداقية العالية التي عرفت بها الوطن، ونحافظ عليها وستكون أبوابنا مفتوحة للجميع". خطط جديدة في النية ويرفض طلال آل الشيخ الحديث عن الخطط الجديدة التي ينوي تطبيقها ولكن يؤكد على أن لديه الكثير منها، ويقول: "الخطط موجودة، لا أحد سيأتي لمنصب جديد كهذا المنصب إلا ولديه خطط معينة في ذهنه، ولكن هذه الخطط لن تتبلور إلا بعد الجلوس مع الزملاء الذين يديرون دفة العمل في الوطن، كي نستطيع أن نقدم خطة تواكب طموح مجلس إدارة المؤسسة، فالوطن خلال الفترة الماضية قفزت قفزات كبيرة وشكلت تغييرا في الصحافة السعودية منذ بدايتها، نريد أن تكون أكثر تأثيرا في المجتمع". ويؤكد آل الشيخ أيضا على حقه في جلب الكوادر التي قد يحتاج إليها، ويتابع :"الوطن غنية بالكوادر الموجودة فيها، ولكن لو احتاجت لكوادر من أي مكان فلن نتأخر في جلبهم، ولكن لا أظن أن الوطن تعاني من مشاكل أو نقص في الكوادر" مبينا أنه لو كان الأمر كذلك لما حافظت على مستواها. أصغر رئيس تحرير ولا يبدي آل الشيخ أي قلق من خوض التجربة والوقوف أمام صحف يقودها إعلاميون يملكون من الخبرة مايفوق سنوات عمره، ويؤكد "لا أخشى من ذلك، خبرتي في الصحافة ليست قليلة آخرها 11 سنة في الحياة بدأت فيها من مدير مكتب الرياض إلى نائب رئيس التحرير فيها، وأعتقد أن الشباب السعودي بات يثبت وجوده في مختلف المجالات، والصحافة واحدة منها". ويتابع"بدأ الشباب يأخذ فرصته في الصحافة السعودية من خلال خبرته والتراكمات التي حصل عليها خلال فترة عمله فيها، مؤكدا أن صغر سنه مقارنة بزملائه رؤساء التحرير لا يشكل له أي قلق لثقته في نفسه، وفي قدرات الشباب المتواجدين معه في الوطن، "أنا لم آت من صحيفة صغيرة لمسؤولية كبيرة بل جئت من صحيفة كبيرة لصحيفة كبيرة أخرى". ويختم قائلا "سعيد أنني خرجت من مؤسسة كبيرة لمؤسسة كبيرة أخرى، ومن تحد لتحد جديد، وسعدت بالعمل مع زملاء مميزين وأسعى للتعامل مع آخرين مميزين أيضا، المهمة بالتأكيد لن تكون سهلة ولكني واثق بالله تعالى ثم في إمكانياتي وفي إمكانيات الزملاء الموجودين في الوطن لتقديم عمل جيد، في الوطن إمكانيات كبيرة تساعد أي رئيس تحرير للنجاح إذا ما استغلها بشكل إيجابي". كرسي الوطن الدوّار والرئيس الشاب وتتهيأ صحيفة الوطن السعودية لارتداء حلة جديدة يصنعها طلال الشيخ بصفته أصغر رئيس تحرير لصحيفة يومية في السعودية المشهورة بتقدُّم أعمار رؤساء تحرير صحفها. يرث طلال الشيخ امبراطورية أسسها قينان الغامدي صاحب تجارب متفردة وقدرة إدارية مميزة، بينما سلوك قينان الصحافي الأهم كان رفع سقف الحريات الصحافية، وتحريك مياه راكدة تحت أقدام مؤسسات حكومية، أو تكتلات تتبع آليات تفكير رديكالية. مضت حقبة زمنية صعبة على صحيفة الوطن بعد خروج غالبية الكادر التأسيسي، لكنها تمسكت بصورتها الذهنية لدى المتلقي كممارسة للرقص على الخطوط الحمراء رقابياً، رغم أن حالات اختراق السقف الرقابي كانت في أغلبها فردية تتلوها عاصفة غضب حكومية أو فئوية. يصعب التنبؤ كيف ستكون الصحيفة غدا، استناداً إلى أن الشيخ يقود لأول مرة كيانا بضخامة صحيفة أتت إلى الأرض السعودية بجسد متوثب لدفع الشارع نحو قراءة قابلية المشهد السعودي للتغيير، واعتبار أن العالم الثالث ليس مقر إقامة إجبارية. يستحق حلم صحيفة الوطن الانبعاث مجدداً، و هي مهمة قد يكون الشيخ قادر على تحقيقها، أو سيتعرض لخروج مبكر، فكل سابقيه خسروا كراسيهم، إما لأنهم حاولوا تركيعها أكثر مما يجب، أو حاولوا تدليها أكثر مما يتمناه حماة السقف الرقابي، فجسد الوطن غير قابل لارتداء ملابس جاهزة. كان أهم خلفاء قينان الغامدي الصحافي المخضرم جمال خاشقجي، متعدد الأذرع والعلاقات وكذلك الطموحات للوطن كصحيفة، وأقرب رؤساء تحريرها إلى قلبها وعقلها، وقبطانها الأوحد الذي استطاع حمايتها من انكسارات كادت أن تغرق سفينتها إلى الأبد، لكن ارتطامه بالسقف الرقابي ذات تحليق حر تسبب في هبوط اضطراري دون إصابات لحقت به، كانت الإصابة الوحيدة خلو كرسي رئيس التحرير من عقول ثقيلة حتى وإن تتابعت عليه أجساد نحيفة. تعايشت صحيفة الوطن مع موجات هجرة متتالية، وكذلك صعوبات في استقطاب موارد مالية وإعلانية، بينما عالمياً تعتبر مصدرا موثوقا في متابعة البيت السعودي من الداخل، كما أنها مارست أدوارا تنويرية كبرى في تبيان ماهية التطرف والإرهاب.