استباقًا لضربة قوية قد تطالها، وتعيدها إلى المربع الأول، اتخذت "الجماعة الإسلامية" مجموعة من الخطوات خلال الفترة الأخيرة، بالإعلان عن تنظيم سلسلة فعاليات في القاهرة ومحافظات الصعيد فيما أطلقت عليه "يوم التثقيف"، وهو عبارة عن سلسلة ندوات باسم "لاللتكفير.. لاللتفجير"، تهدف إلى تفنيد خطورة فكر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والنأي بالجماعة عنه، والتبرؤ من أي هجمات على قوات الجيش والشرطة كرسالة بالتزام الجماعة بمبادرة وقف العنف والمراجعات الفكرية. وفيما اعتبر مراقبون، الخطوة ردًا على نشاط مكثف لما تسمى ب "جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية" التي يقودها فؤاد الدواليبي، عضو مجلس الشورى السابق، مدعومًا من الشيخ كرم زهدي رئيس مجلس شورى الجماعة سابقًا، الذي حضر اجتماعًا للجبهة بالمنيا، ألمحت الجماعة إلى على لسان إعلان الدكتور عصام دربالة رئيس مجلس الشورى إلى إمكانية خوض انتخابات مجلس النواب القادم حال أعلنت الجمعية العمومية للجماعة دعمها لهذه المشاركة. ورأت مصادر مقربة من الجماعة وهي أحد مكونات "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، أنها تبعث بذلك رسالة إلى الدولة برغبتها في الانخراط في الحياة السياسية، من خلال إلقاء الكرة في ملعب الجمعية العمومية بشكل يرضى الدولة وقواعد الجماعة في آن واحد. وقوبل إعلان دربالة بحالة من الاستنكار من قبل جبهة المعارضة داخل الجماعة، إذ اعتبرتها محاولة منه لقطع الطريق على المساعي لإعلان الجماعة تنظيمًا إرهابيًا أو حل حزب "البناء والتنمية". وطرح المعارضون لمجلس الشورى الحالي تساؤلاً عن كيفية خوض الجماعة الانتخابات وفق دستور لا تعترف به، فضلاً عن استمرارها في عضوية "التحالف الوطني لدعم الشرعية" الذي تتمسك الجماعة بعضويته حتى الآن، وهو ما يعتبر مسعى من الجماعة لاستمرار الصلات مع الدولة وقطع الطريق على محاولة للتصعيد ضدها. غير أن القيادي بالجماعة سمير العركي، الذي أكد أن الجماعة لم تحسم موقفها من انتخابات مجلس النواب حتى الآن سواء بالمشاركة أو المقاطعة، حيث لم تعقد الجمعية العمومية اجتماعًا حتى الآن لاتخاذ القرار النهائي. ورأى أن تصريحات دربالة عن دراسة المشاركة في الانتخابات - إن صحت - لم تأت بجديد، فقد أوكل الأمر للجمعية العمومية، وهذا تقليد داخل الجماعة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن كل الاحتمالات مطروحة للمناقشة داخل الجمعية العمومية التي ستحسم هذا الأمر قريبًا سواء بالمقاطعة أو المشاركة. فيما كشفت مصادر مطلعة داخل الجماعة عن قرار مرتقب بتصعيد المهندس صلاح هاشم أحد أبرز العناصر المعتدلة داخل الجماعة لمنصب القائم بأعمال رئيس حزب "البناء والتنمية"، بعد أن لعب دورًا مهمًا في إبقاء الباب مفتوحًا مع الدولة إبان سنوات المواجهة معها، وحتى بعد خروج أبناء الجماعة من السجن، وهو ما يعتبر رسالة من الجماعة للدولة بعدم الرغبة في التصعيد، خصوصًا أنه يتمتع بثقل داخل الجماعة، ويعتبره الكثيرون الأب الروحي للجماعة وعضوًا بارزًا بمجلس الشورى. في سياق ذي صلة، أعرب عبدالرحمن صقر المسؤول الإعلامي ب "جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية" عن رفضه وضع الجماعة على لوائح الإرهاب أو حل حزب "البناء والتنمية"، لكون ذلك "لا يصب في صالح الوطن وأمنه واستقراره، بل يوفر أن للجماعة مبررًا جديدًا لإهمال العمل الدعوى والاستمرار في التحالف مع الإخوان". وتابع: "حل حزب البناء والتنمية يجعل من أعضاء الحزب أعداء للوطن والنظام الحاكم، والتصعيد مع الجماعة سيوفر فرصة قويه لتسويغ القيام بأعمال ضد القانون"، داعيًا القضاء لمراعاة أن القضيتين تعدان مسألة "أمن قومي"، ولابد من النظر إلى المفاسد والمصالح التى ستخلفها. وكانت نيابة أمن الدولة العليا باشرت التحقيق في البلاغ الذي تقدم به ربيع علي شلبي عضو حزب "البناء والتنمية" المنشق وأرفق بها ما أسماها وثائق تزعم "تورط قيادات الحزب في التحريض على الشرطة والجيش"، في الوقت الذي ينظر فيه القضاء إعلان الجماعة تنظيمًا إرهابيًا المقامة من أحد أعضاء الحزب "الوطني" المنحل. إلى ذلك، قوبلت الانتقادات التى وجهها أحمد الإسكندرانى المتحدث باسم الجماعة ل "التحالف الوطنى لدعم الشرعية" بعد بيان الأخير ومطالبته بحشد ضخم للمشاركة فى الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير الذى رد عليه بعدم مشاركة الجماعة وحزبها فى هذه التظاهرات بموجة غضب داخل جماعة "الإخوان المسلمين". وأعرب الدكتور جمال حشمت القيادي الإخواني عن استيائه ممن وصفهم ب "الساعين لبيع القضية من أجل بعض المكاسب السياسية"، مشددًا على أنه "لاوقت حاليًا للحديث عن أى خلافات بين تيار الإسلام السياسى حتى انتهاء فعاليات 25يناير القادمة".