حظيت وقائع الجلسة الثانية من محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه باهتمام واسع بالصحف الغربية، والتي توقفت خصوصًا عند قرار المحكمة بوقف البث المباشر لوقائع المحاكمة عبر التلفزيون، بعد أن أصدر القاضي أحمد رفعت قرارًا بذلك برره بأنه يأتي للصالح العام. ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن القرار يمثل نقطة تحول في التجربة العامة للمحاكمة، بعد أن ساعد بث الجلسة الأولي من المحاكمة على خلق حالة من التنفيس في مصر بعد الثورة، كما صعق العالم العربي بمشاهد لأول ديكتاتور عربي يسقطه شعبه ليقف في المحاكمة كمجرم عادي. وأضافت أن عائلة الرئيس المخلوع كانت الأكثر سرورًا بالقرار، ولاحظت أنه في بداية الجلسة كان علاء وجمال مبارك يحاولان جاهدين أن يقفا بطريقة تحجب والدهما عن الكاميرات، لكنها في نهاية الجلسة خرجا بابتسامات تعلو وجيههما وأيديهما تلوح أمام الكاميرات، حيث لوح جمال مبارك بعلامة النصر ويداه مقيدتين. ولم يطرأ تغيير على وجه مبارك كما ترى الصحيفة، إذ لاحظت أن الرئيس المخلوع لا يزال محتفظًا بتعابير وجهة "الباردة" والنظرة "الساخرة" التي طالما كانت تعتريه وهو في أوج مجده. أما صحيفة "التليجراف" البريطانية فترى أن مشاهد الفوضى داخل وخارج قاعة المحاكمة قد تكون هي الدافع لإصدار القاضي قراره بمنع بث الجلسات القادمة من المحاكمة. وقالت إنه على الرغم من أن القاضي لم يقدم الكثير من المبررات لقراره و اكتفى بالقول إنه "من أجل الصالح العام"، إلا أنه إضطر إلى معاتبة المحامين الحاضرين عن أسر الشهداء والذين أثاروا مرارًا و تكرارًا بالجدال حول من سيتحدث ومن سيجلس. وأشارت إلى أنه كان في بعض الأحيان يتعذر سماع المحامين من الضجة التي كان يحدثها الآخرون في جدالهم وتبادلهم الاتهامات بأن البعض فقط يحاول أن يصل إلى الشهرة من خلال الكاميرات. ومضت الصحيفة قائلة إن البث المباشر لوقائع المحاكمة خارج القاعة قام أيضًا باجتذاب حشود كبيرة من المؤيدين والمعارضين للرئيس المخلوع ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة وتبادل لإلقاء الحجارة. وقالت إنه على الرغم من أن قرار منع بث جلسات المحاكمة سيغضب أسر الشهداء والعديد من النشطاء الذين ساهموا في إسقاط مبارك، لكن هذه المحاكمة بمثابة اختبار ما إذا كانت مصر الجديدة ستنجح في إرساء سيادة القانون على نحو منظم. وتابعت الصحيفة قائلة، إنه إذا نجح مبارك في إحضار أعضاء من المجلس العسكري الحاكم إلى قاعة المحاكمة كشهود، فإن ذلك سيزيد من مخاطر تحول القضية إلى فوضى أشبه بالسيرك، مشيرة إلى ان المجلس نفسه قد يخشى بث شهادات أعضائه عن علاقاتهم مع الرئيس المخلوع على الهواء مباشرة أمام العالم أجمع. وتحدثت صحيفة "ذا جلوب آند ميل" الكندية عن النقطة ذاتها، قائلة إن القرار بوقف بث المحاكمة سينهي وبشكل حازم ما وصفته ب"السيرك الإعلامي" حول المحاكمة، لكنها قالت بأنه في الوقت نفسه يثير مخاوف بشأن الشفافية والتي كانت مطلبًا رئيسيًا للمحتجين في هذه اللحظة التاريخية. ورأت أن القاضي أحمد رفعت يسعى لتبسيط إجراءات المحاكمة من خلال فرض التعتيم الإعلامي، على الرغم من أنه لم يوضح أسباب قراره مكتفيًا بالقول بأنه "للصالح العام" إلا أن تواجد الكاميرات ومعلقي التلفزيون والصحفيين الذين تسارعوا في إجراءات لقاءات مع المحامين أعطت للمحاكمة جو أشبه بالسيرك، على حد وصفها. ونقلت الصحيفة عن المحامي مختار نوح الذي يمثل عائلات أكثر من مائتي من ضحية قوله إنه القرار يهدف إلى إيقاف الشهوة التي يظهرها الناس داخل قاعة المحاكمة للظهور أمام كاميرات التلفزيون، نافيًا أن يكون القرار سياسيًاً. وأشارت إلى أن القاضي أحمد رفعت كان يكافح من أجل فرض بعض مظاهر النظام داخل القاعة التي كانت تعم بالفوضى، حيث يحاول أكثر من مائة محام الحصول على انتباه القاضي. وقالت إن الدراما التي تتكشف تفاصيلها داخل قاعة المحكمة، تعوق الكثير من الأسئلة الشائكة حول مستقبل الثورة التي لا تزال نتائجها غير واضحة، على حد قولها. وأكدت أنه أصبح من الواضح بشكل متزايد أن محاكمة مبارك ستأخذ وقتًا طويلاً بالرغم من الضغوط من أجل السرعة في تحقيق العدالة.