صوت واحد فقط تردد بقوة بين شباب جماعة الإخوان المسلمين خلال الفترة الماضية، كلما تقدم الوقت زادت نبرته وحدة غضبه على مقولة مرشدهم من على منصة رابعة "سلميتنا أقوى من الرصاص" فبعد أن هدمت المنصة على رؤوسهم تزعزعهم ثقتهم بتلك المقولة، شيء فشيء إلى أن تم استبدالها بدساتير أخرى "السلمية لا تعني الاستسلام" و"العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم" ومعه ظهور حركات تهدف إلى الرد والثأر والدفاع عن النفس ك"ولع" و"مولوتوف" و"مجهولين"، وكلما ارتفع صوت هؤلاء كان خبراء التيار الإسلامي ومنشقو الجماعة يؤكدون أن جزءًا آخر من الشباب غير راضٍ عن تلك المواجهات، ينأ بنفسه عن المشهد كامل، إلا أنه ظل كلام مرسل دون وجود ما يدعمه، إلى أن ظهر أحد هؤلاء يؤكد أن السلمية إنما هي أعظم جهاد، وهي الواجب تطبيقه في الحالة المصرية. قال أحد شباب الإخوان يدعى "سعيد باشا" معبرًا عن الفصيل الثاني، ومدافعًا عن مقولة محمد بديع شارحاً مقصدها: سلميتنا أقوى من الرصاص كانت إعلانًا للجهاد وليست مادة للسخرية، ألا تصدق أن: "سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"، وأن: "أعظم جهاد كلمة حق عند سلطانٍ جائر" صدق رسول الله، ألا تصدق أن أعظم الجهاد هو من وقف أعزل في وجه الحاكم الظالم لكي ينهاه عن ظلمه وطغيانه؟؟، وأن سيد الشهداء هو هذا الرجل السلمي الذي قتله هذا الطاغية؟؟. وأضاف "باشا"، عبر صفحته على الفيسبوك والذي شارك فيه بعض قيادات الإخوان وشبابها، هذا ليس كلامي ولا هو كلام الإخوان المسلمين أو مرشدهم لكنه كلام من لا ينطق عن الهوى رسولنا صلى الله عليه وسلم، إذاً فأين المشكلة؟؟ المشكلة في غياب الفهم الصحيح لمعاني وسبل الجهاد المتعددة عند البعض فلا يدري أن هناك جهادًا بالمال وجهادًا بالكلمة وجهادًا بالدعاء وجهادًا بالسلاح. وأكد أن الجهاد في مصر ليس جهاد سلاح قائلاً: المشكلة أن هناك خلطًا في المعاني: فصارت كلمة القتال المسلح مرادفًا لكلمة الجهاد وما هي بذلك إنما هي أحد سبله المتعددة، وأن هناك فارقًا بين جهاد الكافرين وجهاد المنافقين وجهاد الطغاة والعصاة والفاسدين من المسلمين، المشكلة أن هناك مَن بات يتندر على أحد أعظم طرق الجهاد في سبيل الله، ويجعلها مادةً لسخريته، المشكلة أن البعض لا يدرك أن هناك فارقًا بين أن يجاهد الإخوان المسلمين في فلسطين "حماس" ضد اليهود بالسلاح فيعظّموهم ويمجّدوهم وبين أن يجاهد الإخوان المسلمين في مصر بالكلمة والتظاهر السلمي ضد الطغاة وأتباعهم من المسلمين الفاسدين العصاة فيسخرون منهم. وأضاف: المشكلة أن البعض قد سخر حين أعلن مرشد الإخوان الجهاد بالكلمة السلمية، مالا يعلمه الكثيرون أن الجهاد المسلح له ضوابطه الشرعية، والتي لا يملك أدواتها عامة الناس بل يملكها الفقهاء العالمين منهم وأن إعلان الجهاد المسلح لا يأتي عن طريق دعوات البعض في وسائل الإعلام والمنتديات لمجرد شعورهم بالظلم والاضطهاد، المشكلة الكبرى هي في غياب الفهم والوعي.. وسيطرة منطق الفهلوة "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا". وعلق خالد الزعفراني، الخبير في شئون الإسلام السياسي والقيادي المنشق عن الجماعة، قائلاً إن جماعة الإخوان المسلمين عقب فض رابعة انجروا إلى مستنقع العنف، وأصبحوا داعين إلى أفكار طارق الزمر وماجد عبد العاصم وغيرهم ممن كانوا يرفضون أفكارهم من قبل، فلقد مر الشباب بمرحلة اضطراب فكري جعلهم يفقدون الثقة ويتخلون عن المبادئ الرئيسية لجماعة الإخوان المسلمين من الوسطية والسلمية، والتي سمحت لها بالبقاء خلال فترة حسني مبارك. وأشار " الزعفراني"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، إلى أن ظهور ذلك الحديث الآن وعودة تهذيب سلوك الجماعة والحديث عن السلمية وعدم المشاركة في انتفاضة الشباب المسلم تصب جميعاً في إطار محاولات البقاء واستمرار الدعم الغربي الذي تحصل عليه الجماعة.