أسفرت الانتخابات التكميلية لمكتب الإرشاد بجماعة "الإخوان المسلمين" عن مفاجآت كبيرة، تمثلت في خسارة شخصيات ذات ثقل مثل الدكتور محمد جمال حشمت والدكتور حلمي الجزار والدكتور أحمد عبد الرحمن أبرز أعضاء شوري الجماعة في الانتخابات والتي أجريت السبت علنا للمرة الأولى منذ أكثر من 60 عاما. وفاز بعضوية مكتب الإرشاد على المقاعد التي شغرت بعد اختيار الدكتور محمد مرسي والدكتور محمد سعد الكتاتني والدكتور عصام العريان لتولي المواقع القيادية بحزب "الحرية والعدالة" كل من الدكتور حسام أبو بكر مسئول الإخوان في شرق القاهرة ومحمد أحمد محمود النائب السابق لمسئول الإخوان بالإسكندرية، وعبد العظيم أبو سيف مسئول الإخوان ببني سويف. وكان لافتا عبارات الإشادة والترحيب من قبل الذين أخفقوا في الانتخابات بالأجواء التي جرت فيها، فقد أشاد الدكتور محمد جمال حشمت بها، وقال ل "المصريون" : "شكل الانتخابات يؤكد أن مصر تغيرت والنتيجة نزيهة وتمثل المزاج العام لأعضاء شوري جماعة الإخوان المسلمين". وأضاف: "البعض قالوا على أعضاء مكتب الإرشاد السابقين عقب نجاحهم أنهم قطبيون وأن الجماعة سترجع معهم للوراء إلا أن الواقع أكد عكس ذلك، حيث نجحت الجماعة في اتخاذ قرار الترشح لانتخابات 2010 وكذلك الانسحاب، فضلا عن مشاركتها في الثورة على النحو الذي رأينا". أما الدكتور حلمي الجزار فأكد أن الانتخابات تمت في جو من الديمقراطية ونتائجها تقول إنه لم تكن هناك أي تكتل للأصوات, وهو ما يؤكد أن التصويت لم يكن موجها, ونحن نقبل اختبار الديمقراطية ونتائجها لاسيما وأن الإعلام شاهد على هذه الديمقراطية. واعتبر أن إجراء الانتخابات بالصورة التي تمت بها في وجود وسائل الإعلام تمثل أبرز مكاسب ثورة 25 يناير. في المقابل، عبر الفائزون عن إشادتهم بتلك الأجواء التي سادت الانتخابات، وقال عبد العظيم أبو سيف عضو مكتب الإرشاد المنتخب عن شمال الصعيد، إن الانتخابات تمت بكل شفافية كما هي العادة في انتخابات "الإخوان"، لكن الجديد هو أنها جرت في ظل حضور إعلامي واسع بعد سنوات من تضييق النظام البائد. ونفى أبو سيف الذي حصل على 68 صوتا من إجمالي 110 أصوات أن تكون نتيجة الانتخابات لها أي دلالة على نجاح تيار في مواجهة تيار آخر داخل الجماعة كما تروج بعض وسائل الإعلام. وقال إن الجماعة كيان واحد ولا توجد بها أجنحة "وهذا لا يمنع وجود خلافات في الرؤى وتفاوت في وجهات النظر، أما المسميات التي يطلقها البعض كالتيار الدعوي والتيار الإصلاحي فهذه المسميات غير موجودة إلا في عقول من يطلقها". وأشار إلى أن الجماعة أعلنت منذ اليوم الأول لتأسيس حزب "الحرية والعدالة" عن الفصل الكامل بين الحزب والجماعة، وتظل العلاقة بين الجهتين هي المرجعية في التوجه والتنسيق في الأعمال على غرار التنسيق الذي تقوم به "الإخوان" مع أي حزب سياسي موجود في مصر. من جانبه، أكد الدكتور حسام أبو بكر عضو مكتب الإرشاد الجديد أن جماعة "الإخوان المسلمين" قدمت نموذجا عمليا لممارسة الديمقراطية والشورى التي هي بالنسبة لنا عبادة وطاعة لله سبحانه وتعالى. وأضاف: "الانتخابات ممارسة قديمة متأصلة لجماعة "الإخوان المسلمين" ولم تتوقف الجماعة عن ممارستها طيلة السنوات الماضية، بالرغم من التضييق الأمني الذي مارسه النظام السابق لكن بعيدا عن الإعلام في ظل ظروف صعبة". وأشار إلى الفرحة الكبيرة بسبب الأجواء العلنية غير المسبوقة التي جرت فيها الانتخابات, معتبرا أن اختياره من قبل مجلس الشورى العام ليكون عضوا بمكتب الإرشاد يمثل بالنسبة له عبئا ومسئولية ألقيت على عاتقه. وأكد أن دور الجماعة هو السعي لإعادة الموقع الحضاري الإسلامي المشرق والمكانة العالمية التي تليق بمكانة مصر, ورفض التخوفات التي يروجها البعض عن جماعة "الإخوان" والإسلاميين عامة، واعتبرها غير مبررة "فهم من يقدمون نماذج عملية في الممارسة الديمقراطية واحترام الآخر". أما الدكتور محمد سعد الكتاتني الأمين العام لحزب "الحرية والعدالة" الذين خرج من مكتب الإرشاد بعد انتقاله للحزب فقال إن "هذه الانتخابات دلالة كبيرة تتركز على أن الحريات أصبحت أمرا واقعا بعد ثورة 25 يناير فضلا عن التأكيد على انتهاء عهد جهاز أمن الدولة الذي كان يكمم الأفواه ويمنع الاجتماعات العامة". وأضاف أن الجماعة كانت تمارس نفس التجربة التي أجريت بجو من الديمقراطية والشفافية في وقت سابق. فيما اعتبر الدكتور محمد بديع مرشد الجماعة أن إجراء الانتخابات على هذا الشكل وفاء بالوعود التي قطعها "الإخوان" علي أنفسهم بإجراء انتخابات علنية لاستكمال أعضاء مكتب الإرشاد وقد صدقوا الله فيما وعدوا. وقال إن هذا رد على من يقولون أن "الإخوان" كانون يعملون في سرية حيث جاء وقت العلن والرد علي هذه الأكاذيب.