ما أصعب البدايات وخاصة إذا كانت هذه البدايات في الإتجاه الصحيح، تلك الانواع من البدايات التي تساهم في نهضة الامم ووضعها علي أول طريق التقدم، والبدايات الصحيحة مع الإستمرارية المتقنة والمخلصة غالبا ما تؤدي إلي نتائج مرضية وقد تؤتي اكلها في مدة لا تتجاوز العقدين من الزمن كما هو الحال في العديد من تجارب الامم التي سبقتنا في هذا المضمار، والبدايات الخاطئة - وإن توقفت أو تم تعديل مسارها- عادة ما تؤدي إلي كوارث تعوق مسيرة التنمية التي يعول عليها تحقيق الآمال المرجوة في الإنتقال من حال لا يخفي علي أحد إلي حال أفضل يتوق إليه كل المحبين والمخلصين والعاشقين لتراب هذا الوطن، والعشق ليس كلمة تقال من أطراف اللسان أو حتي من صميم الفؤاد دون التأكيد علي هذا العشق والتصديق والبرهان عليه بحسن الصنيع وجميل العمل. والسر في مأساتنا أن سيوفنا أطول من قاماتنا كما قال نزار قباني، وحديثنا أكثر من عملنا كما أكرر دائما، وفسادنا أقوي من قدراتنا علي مقاومته حتي الآن. والبداية الحقيقية تكون بإعلان الحرب علي أعدي أعداء الوطن، فبداية نهضة مصر الحقيقية ستبدأ يوم إعلان الحرب من قبل الرئيس والحكومة علي الفساد والمفسدين، هذا الاتون الذي يلتهم كل محاولات الإصلاح، فالفساد كما النار التي تلتهم حطب الحلول الجزئية، ولا بد من البحث عن حلول جذرية لإجتثاث كافة أنواع الفساد من جذورها وإخماد كافة ألسنة اللهب التي تأتي علي الاخضر واليابس والبشر والحجر، ولا أحد ينكر أن دبابير الفساد معششة في معظم مؤسسات الدولة، ومحاربة الفساد يمكن أن تتم علي عدة محاور، يأتي في مقدمتها إصدار التشريعات الرادعة واللازمة والكافية والخالية من الثغرات، لملاحقة الفساد والمفسدين في كافة قطاعات الدولة، والأهم من هذه التشريعات يأتي تطبيق القوانين بصورة سريعة وناجزة وعادلة علي الكافة، ويسوي في ذلك بين الوزير والخفير والغني والفقير والقوي والضعيف، ويأتي دور رجال الدين كعامل آخر مهم جدا في بث روح الصلاح والإصلاح بين أبناء الوطن بأغلبيته المسلمة وأقليته المسيحية، والعمل علي إستثارة الجوانب الإيجابية لدي الجميع والبعد عن مواطن النقص والضعف الإنساني، ثم يأتي دور الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والذي يجب أن يسهم تعرية المفسدين، وكذلك في إلقاء الضوء علي النماذج الناجحة والمشرقة والمنسية في غيابات الإهمال والتجاهل والمتمثلة في شباب الباحثين الذين يملكون من الاحلام و الافكار والحماسة ما يساهم في حل الكثير من المشاكل التي نعاني منها منذ عشرات السنين، فعلي الرغم من كم الفساد الذي يستشري في كثير من مؤسسات الدولة إلا انه يوجد الكثير والكثير من المؤسسات الناجحة والتي يقودها مخلصون يعملون في صمت خارج دائرة الضوء، ويجب أن يخفف الإعلام من غلوائه في برامج التوك شو التي لا نجني من ورائها سوي اصوات عالية وفارغة لا تحمل حلولا لأي من مشاكلنا، وكما اقول دائما، ليس عيبا أن يكون بيننا فاسدا ولكن العيب –كل العيب- أن نترك بيننا ومن الآن فاسدا، فيجب ألا يكون هناك مكانا لفاسد في كافة مؤسسات الدولة، أتمني أن أري مصرنا، قبل أن انتقل من وفق اديمها لتحت ثراها، مثل الكثير من الدول المتقدمة التي ازورها بين الحين والآخر، ولكن يبدو أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.