كان لافتا مساء أمس الأول، انتشار المتطرفين اليساريين، على غالبية فضائيات "السبوبة" بعد ساعات قليلة من محاولة الاعتداء على مقر وزارة الدفاع في كوبري القبة.. وكالوا الاتهامات والشتائم للمجلس العسكري.. وكأن ثمة ترتيب وتوزيع للأدوار بين "البلطجية" الذين اتجهوا نحو مقر قيادة الجيش ظهرا، وبلطجية اليسار على الفضائيات ليلا. كان المشهد مستفزا إلى حد كبير، ولقد شهدت صحفيا يساريا متطرفا، على قناة المحور، وهو يتهم "السلفيين" بالتعدي على المليشيات التي اتجهت صوب العباسية للتحرش بالجيش بالشتائم وقلة الأدب.! محاولا الايحاء بوجود "تواطؤ" بين القوات المسلحة والإسلاميين. هذا الصحفي، الذي لا يوجد له أي رصيد مهني، غير انتمائه لليسار الناصري المتطرف، الذي هيمن على نقابة الصحفيين لسنوات طويلة.. معروف عنه بأنه باع مذكرات المناضل الناصري محمود نور الدين القيادي في تنظيم ثورة مصر لمباحث أمن الدولة، وذلك أثناء وجوده في السجن في قضية سب وقذف. الغريب والمريب فعلا أن اليسار المصري المتطرف، برموزه المعروفة، أقام ليلة أمس الأول خياما مشابهة على فضائيات رجال الأعمال الفاسدين.. هذا المشهد كان يحمل تفسيرا لفحوى ما يجري في ميدان التحرير، والانطلاق منه لجر شكل الجيش في كوبري القبة.. خاصة وأن بعض المراقبين أكدوا أكثر من مرة، بأن غالبية المعتصمين، هم وكلاء عن قوى التطرف اليساري صاحبة الصحيفة الجنائية الأكثر فضائحية وسوادا في تاريح الحركة الوطنية المصرية. الصحفي الذي هدد منذ أسابيع قليلة المصريين بذبحهم على الطريقة الجزائرية في تسعينيات القرن الماضي، حال جاءت الانتخابات على غير ما يشتهي مزاجه ومصالحه.. هذا الصحفي، كان هو الأكثر حضورا على جميع فضائيات "غسيل الأمول".. وهو اختيار ليس بوسع المراقب أن يتجاهله، فظهوره وحده، وفي هذا التوقيت، كان من قبيل تصدير تيار العنف الدموي داخل اليسار المصري، إلى واجهة المشهد، من قبل التهديد وتذكير المصريين، بالسكين الذي ينتظر رقابهم حال اختاروا بارادتهم الحرة نخبة سياسية جديدة لا تروق لليساريين المتطرفين.. سيما وأن أحداث العباسية جاءت عقب إعادة الجيش تأكيده على أن الانتحابات ستجري في موعدها، واتخذ من الاجراءات والتشريعات ما يعزز جديته وصدقيته في هذا الشأن. الوضع اليوم في مصر، لا يحتمل أية مجاملة، ولا يجيز وجود تدرج في الألوان بين "الوطنية".. و"الخيانة" الوطنية.. المصريون أمامهم خيار واحد فقط، تفرضه عليهم ظروفهم الدقيقة والحساسة حاليا.. لقد ترك مبارك البلد وهي "منهارة" تماما ولا توجد فيها أية مؤسسة واحدة متماسكة، إلا المؤسسة العسكرية، والانحياز إلى الأخيرة في الوقت الراهن ليس وجهة نظر أو حرية رأي.. وإنما هو خيار وحيد لا ثاني له، إلى أن يتم تسليم البلد لحكومة وطنية منتخبة وفق خريطة الطريق التي وضعها استفتاء 19 مارس. [email protected]