بعد القوانين العنصرية التي سنتها الكنيست مؤخراً ضد عرب منطقة ،48 أقرت يوم الاثنين(11/يوليو الجاري) قانوناً جديداً أسمته(قانون معاقبة مقاطعي المستوطنات)، وبموجبه يتم فرض عقوبات مالية ضخمة على كل حركة أو جمعية أوشركة تدعو أو تسهم في مقاطعة منتوجات المستوطنات أو مقاطعتها على مستوى ثقافي وعلمي، كما يسمح القانون لعصابات المستوطنين برفع دعاوى للحصول على تعويضات مالية من الداعين إلى المقاطعة . القانون موجه إلى العرب في منطقة ،48 فهم وأحزابهم وجمعياتهم ومؤسساتهم ممن يدعون إلى مقاطعة إنتاج المستوطنات في الضفة الغربية، وكذلك إلى تلك المؤسسات القليلة في “إسرائيل” التي تقف ضد الاحتلال، وإلى الداعين إلى مقاطعة المستوطنات في الخارج .القانون يهدف أيضاً إلى إفشال حملة مقاطعة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلى التشويش على كل الجمعيات والمؤسسات الدولية (وبخاصة في أوروبا) التي تنادي بمقاطعتها، والإساءة إلى الحملة الدولية التي يقودها علماء وأساتذة جامعات وجهات أكاديمية أخرى، والتي تنادي بمقاطعة الجامعات “الإسرائيلية” نتيجة احتلال “إسرائيل” للأراضي الفلسطينية . هذه الحملة العالمية نجحت في العديد من الدول، من بينها بريطانيا وجنوب إفريقيا، على سبيل المثال لا الحصر، ففي البلدين الأخيرين هنالك جامعات كثيرة ومؤسسات أكاديمية متعددة قطعت كل علاقاتها الأكاديمية مع الجامعات “الإسرائيلية” وقاطعتها بشكل نهائي، وترفض حضور الندوات والمؤتمرات التي تنظمها جامعات دولة الاحتلال، كما ترفض حضور دعوة ممثلين عن الجامعات “الإسرائيلية” إلى المؤتمرات التي تنظمها . في استطلاع أجرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن هذا القانون ونشرت نتائجه (الجمعة 15 يوليو/ تموز الحالي) يتبين أن 51% من اليهود في “إسرائيل” يؤيدون القانون الذي أقرته الكنيست . بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية الفاشية، كان أول من تبنى هذا القانون الذي يتناقض جملةً وتفصيلاً مع الأسس الديمقراطية، فتلك الهيئات التي تدعو إلى مقاطعة المستوطنات تنظم حملاتها بشكل سلمي، وهي في حقيقتها عبارة عن معارضة ليس إلاّ، وهي لا تمتلك سلاحاً تدافع به عن وجهة نظرها، وليس لها من نشاطات أخرى غير الكلمة والبيان السياسي، ومع ذلك فإن ما يسمى ب(الديمقراطية “الإسرائيلية”) التي تتشدق بها الدولة الصهيونية صباحاً ومساءً، وتشيد بها الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية، هذه (الديمقراطية) تضيق ذرعاً بالكلمة، وتسنّ قانوناً في هيئتها التشريعية يعاقب كل من يردد جملة: مقاطعة المستوطنات . “إسرائيل” ليست دولة عنصرية عدوانية احتلالية قمعية فاشية مرتكبة للمجازر فحسب، بل هي دولة دكتاتورية شمولية استطاعت بوساطة الأضاليل والدعايات الكاذبة، وبفضل الأبواق المؤيدة لها على الساحة الدولية خداع العالم بديمقراطيتها المزيفة، فلا يمكن أن تستقيم الديمقراطية مع العنصرية والعدوان والاحتلال والقمع والفاشية وارتكاب المجازر . من زاوية ثانية، فإن الشارع (ولا نقول المجتمع، لأن الدولة الصهيونية التي أقيمت عنوةً واغتصاباً لا يمكن لها بناء مجتمع)، “الإسرائيلي” هو أكثر يمينيةً وفاشيةً من حكومته، وبالتالي ليس غريباً أن تكون هذه النسبة من التأييد للقانون في هذا الشارع . ونسبة التأييد العالية التي هي بمعدل وسطي، تتجاوز 70%، مؤيدة للقوانين العنصرية التي سنّتها “إسرائيل” في وقت سابق: بمنع العرب في منطقة 48 من إحياء ذكرى النكبة، وقانون سحب الجنسية من المواطنين العرب، وإعطاء مجالس(القرى التعاونية) ومجالس القرى والبلديات اليهودية “حق” منع أي عربي لا تريده أن يسكن في حدودها . القانون الأخير في شكله ومضامينه لا يختلف بالمطلق عن قوانين العزل التي سنتها جنوب إفريقيا في مرحلة الحكم العنصري الأبيض، إبانها ثارت ثائرة العالم قاطبة على ذلك النظام العنصري، بينما لا ترفع دولة واحدة على الصعيد الدولي صوتها احتجاجاً على القانون “الإسرائيلي” الشبيه . على صعيد آخر، فإن الحزب العنصري اليميني المتطرف “إسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه الفاشي وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، سيقدم مبادرة قريباً من أجل إقرار وبشكل نهائي، تشكيل لجنة تحقيق ضد الجمعيات والحركات الحقوقية التي تلاحق جيش الاحتلال وجرائمه، وكان القرار الأولي بتشكيل هذه اللجنة قد صدر في الشهر الأخير من العام الماضي، إلاّ أن حكومة نتنياهو (ولاعتبارات تكتيكية)، جمّدت العمل بمواصلة إتمام التصويت على القرار بعد الضجة الكبيرة التي تبعت صدوره من جهات شعبية أوروبية عديدة، الأمر الذي يعدّ ملاحقة قضائية وسياسية واضحة ضد هذه الجمعيات .مثلما قلنا، فإن تجميد نتنياهو استمرار التصويت على القرار جاء لاعتبارات تكتيكية، ولكن، لم يكن ليبرمان ليطرح مشروع هذا القرار من دون التنسيق مع رئيس الوزراء الصهيوني، ومثلما تشير مصادر “إسرائيلية”، فإن مشروع هذا القرار سيتم عرضه على الكنيست للتصويت عليه . ملخص القول: إن الدولة الصهيونية غارقة حتى أذنيها في اليمينية والدكتاتورية . نقلا عن الخليج: