لماذا لم يناسب حذاء سندريللا المفقود سوي قدمها هي فقط ؟ هناك مقاسات محدودة لأقدام النساء كل مقاس منهم يناسب مليون امرأة ، فكيف حدث ذلك ؟ لو كانت قدمها صغيرة جدا أو كبيرة جدا لشكل ذلك عيبا وقدحا في جمالها الذي بهر الأمير ، هل كانت قدمها ( معيزي ) مثلا ؟ غير معقول ، أم أن الحذاء كان سحريا يرفض التناسب إلا مع صاحبته ؟ لعله كان له ( باسوورد ) لا يفتح إلا به . حذاء سندريللا علامة علي الخصوصية الشديدة التي تتمناها الفتاه في الحب ، هي لاتريد أن تكون في نظر من تحب امرأة وسط النساء أو بنت من البنات ، بل تريد أن يراها وحدها وكأنها حواء الوحيدة التي لا تنطبق شروطه إلا عليها ولا يسكن قلبه سواها ، وعلي هذا الوتر لعبت القصص والأفلام ، المحبوبة مميزة يحارب البطل من أجلها ويعرض حياته للخطر وإذا فقدها فإنه يهمل عمله و أهله وحياته و يجوب البلاد باحثا عنها ولايرضي عنها بديلا . هذه الصورة الذهنية التي انطبعت في نفوس الفتيات تشكل دافعا مؤثرا للسلوك بعد الزواج ، فهاهي أحبت وتزوجت من بطلها الذي تحقق له ما لم ينله عشاق مشاهير، لقد تفوق عليهم جميعا وتزوج حبيبته ( لم يفعلها قيس و روميو مثلا ) ، وهي تتوقع أن تكون دائما مركز اهتمامه ، يسمعها شعرا ويحقق أحلامها ولايقدر علي بعدها وتظل دائما أميرة أحلامه . لسبب أو لآخر لم يتأثر الرجل بتلك الأساطير فهو عملي جدا ولن يفعل مثل الأمير بل سيلقي بفردة الحذاء في سلة المهملات ثم يبحث عن أجمل فتيات الحفل ليبدأ معها قصة جديدة ، هذه الفجوة بين نظرة كل من الرجل والمرأة للحب تعد سببا رئيسيا للمشكلات ، فما أقسي صدمة امرأة عاشت في ظل أساطير العشاق وفسرت سلوك زوجها بما يؤكدها ونسجت من مشاعرها الرقيقة وخيالها الشفاف قصة حب خاصة وأخفتها في قلبها بعيدا عن العيون ، ثم تصحو علي خبر زواجه بأخري وتكتشف أن مقاس قلبه واسعا جدا . عندما يحدثها الزوج عن الحكم الشرعي لزواجه المباح فإنه لا يعلم أنها رغم تسليمها الكامل بذلك إلا أنها كانت تعتقد أن هذا الأمر قد يحدث للآخرين ، ولكن ليس لخصوصية حبهما ، وأنها صدقت تماما أن قلبه علي مقاسها هي فقط وقد احتلت جميع أركانه . يحدث في حياتنا كثيرا أن نفكر هكذا (من داخل صندوق الحضارة الغربية ) ولعل الرجل هو من يستخدم مفهوم الحب الغربي للسيطرة تماما علي مشاعر الزوجة فإذا تغير رأيه لأنه يريد زواجا ثانيا أو حتي لأنه قد مل من التلازم بينه وبين زوجته فهو يواجهها فجأة بطريقة تفكيره الجديدة وفقا للحضارة الإسلامية التي تجعل محور حياة الرجل ما يصلح دينه ودنياه ولا تحبذ أن تكون امرأة هي محور حياته وإن كانت ركنا أساسيا فيها . من حق الزوجة أن تصدم فقد عيشتها في الوهم ثم أنزلتها فجأة إلي صخر الواقع ، ومن حق الزوج أن يتخذ قرارا بعيدا عن الزوجة ولكن لماذا لا يكون هناك وضوحا في الرؤية وطريقة التفكير منذ البداية ؟ أعتقد أنه سيكون أفضل للطرفين و أنجح في بناء حياة علي أسس ثابتة راسخة لا تتغير بتغير الأهواء ، ليتنا نراجع الكثير في علاقاتنا الاجتماعية وأن نفكر في بناء أسس جديدة تعكس هويتنا من داخل حضارتنا ولا نقتبس أفكارا غربية رفعنا عنها القبعة و ألبسناها عمامة فهذا سببا رئيسيا للاضطراب والالتباس ، متي نفكر من خارج صندوق الغرب ؟ ومتي ننتج ثقافة عصرية إسلامية أصيلة ؟ وبالمناسبة أين الفنون والآداب والتقاليد الحديثة النابعة حقا من حضارتنا ؟. [email protected]