يتعامل مع أحذيته مثلما يتعامل الصائغ مع مجوهراته الثمينة. وربما كان ذلك سر نجاح محمد عرابي صانع أحذية المشاهير فهو لا يصنع الأحذية ويبيعها فقط وانما يصمم موديلاتها بنفسه وكأنه جواهرجي يصنع قلادة يرصع بها صدر اجمل النساء.. 0051 موديل حتي الان مسجلين باسم عرابي ومع ذلك لم يحدث أن أقام دعوي قضائية ضد مصنع أحذية سرق موديلاته وإنما اعتبر هذه السرقة حافزا لان يبدع غيرها وأن يتحدي نفسه في تقديم موديلات جديدة أكثر صعوبة لدرجة أن بعض المتتبعين لموديلاته كانوا يلومونه لانه اصبح يقدم تصميمات يصعب عليهم تقليدها! ولمحمد عرابي صانع أحذية المشاهير فروع تبيع أحذيته في باريس وروما ولندن ولينجراد وهو الوحيد في مصر الذي يمتلك معارض باسمه في هذه العواصم وسوف يدهشك أن بعض أصحاب المصانع الإيطالية يشترون موديلاته لاستخدامهم الشخصي بل ويقلدونها مع بعض التعديلات لاظهار تميزهم وانفرادهم بتصميمات لايستخدمها غيرهم! وقد اشتهر عرابي في مصر بأنه صديق العديد من السياسيين والفنانين الذين لا يستخدمون إلا أحذيته.. وتشهد غرفة »الموديلست« في مصنعه بمنطقة باب الشعرية التي يرفض أن ينتقل منها حتي الآن بزيارة الكثير من الوجوه اللامعة في عالم السياسة والقن علي امتداد عمره منذ أيام عبدالناصر مرورا بالسادات واخيرا مبارك. وكان من أشهر زبائنه الحاليين عمرو موسي وعاطف عبيد وأحمد نظيف وفتحي سرور واسامة الباز ومحمود الشريف وصفوت الشريف وابناء الرئيس السابق مبارك وكبار قيادات الداخلية والمحافظين.. ويضحك عرابي وهو يقول: للأسف عدد كبير من زبائني الآن من نزلاء السجون!.. ويتذكر عرابي ان عددا من السياسيين والفنانين الاكثر شهرة كان يصعب عليهم التوجه إلي باب الشعرية لاختيار التصميمات التي تروق لهم قبل طرحها في الأسواق، وهؤلاء كان يرسل إليهم حقيبة ضخمة تشبه الصندوق مرصوص بها 21 زوجا من مقاس العميل ليختار ما يناسبه منها ويتندر عرابي علي أحد رؤساء الوزراء ظل يرسل إليه هذا الصندوق طوال فترة ولايته فيختار منها في كل مرة أربعة أزواج وتعود الحقيبة دون شيك بقيمة الأحذية!! ويبرر ذلك بأدب بأن رئيس الوزراء ربما كان يعتقد أن مسئولي مكتبه يسددون الفاتورة !. ورغم أن عرابي تجاوز السبعين الآن ويعيش حياة رفيعة المستوي هو وأسرته إلا أنه لا يتبرأ أبدا من بداياته شديدة الفقر عندما لم يكن يمتلك إلا ملابسه ومهارته وطموحه. فقد ولد بقرية الجزيرة بدمياط وعاش حياة الفقر حتي حملته الظروف ليعمل صبيا بمحل أحذية بالزيتون. عاد بعدها إلي دمياط ليحترف المهنة ويكبر معها ويفتتح أول محل له ويبدأ في التصدير إلي روسيا ويتميز بين كل اقرانه بأنه لا يبيع إلا الاحذية الثمينة والمكلفة من حيث الخامات والصنعة.. فكان الحذاء من صنعه يباع بعشرة أضعاف سعر مثيله ومن احب الالقاب التي اطلقها عليه زملاء مهنته لقب »المعلم«.. ويبرر ذلك بأنه أكثر من عشق صناعة الحذاء وابدع فيه واختار نوعية زبائنه واحترمهم فبادلوه الاحترام.. ويبلغ سعر اغلي حذاء لدي عرابي 0031 جنيه ومع ذلك يقول بثقة: »ثمنه فيه« وربما لذلك كان هو الوحيد الحاصل علي شهادة الجودة من هيئة المواصفات والجودة وهي شهادة لا يحصل عليها إلا نوعية خاصة جدا من الصناع. ورغم ان الحذاء مكانه القدم ويمشي به الناس علي الأرض إلا أن قيمته عند عرابي تبدو كجوهرة يؤلمه أن تعلوها الأتربة.. فهي في نظره زينة الرجل وعلامة علي شخصيته.