" إن السلطة ليست وسيلة بل غاية ، فالمرء لا يقيم حكما استبداديا لحماية الثورة، وإنما يشعل الثورة لإقامة حكم استبدادي .. كلما ازداد الحزب قوة قلت درجة تسامحه ، وكلما ضعف معارضو السلطة اشتدت قبضة الاستبداد والطغيان .. من المستحيل ان تؤسس حضارة على الخوف والكراهية والقسوة " .. هذه أبرز الأفكار التي يروج لها كتاب 1984 لمؤلفه جورج أورويل والذي يعتبر قراءته الآن جريمة يعاقب بسببها المصريون!! فقد ألقت أجهزة الأمن بالجيزة القبض على طالب، في محيط جامعة القاهرة، بحوزته الرواية التي اعتبرها النظام تروج لفكرة "ديكتاتورية الأنظمة العسكرية" ، فما هي تلك الرواية "الجريمة". ويتنبأ مؤلف الرواية التي صدرت في لندن في8 يونيو 1949 بمصير العالم الذي ستحكمه قوى كبيرة تتقاسم مساحته وسكانه ولا توفر أحلامهم وطموحاتهم بل تحولهم إلى مجرد أرقام، محاولا إسقاط الأمر على الانظمة الاستبدادية لاسيما العسكرية. وتدور أحداث رواية 1984 في (المستقبل) بمدينة لندن عام 1984 حيث وينستن سميث موظف ذو 39 عاماً من العمر وهو يعمل موظفاً في وزارة الحقيقة أي أنه صحفي يراقبه رجال الشرطة ويراقبه جيرانه رغم أنه ليس مجرماً وليس ملاحقاً ولكن الرقابة نوع من السلوكيات اللاإرادية التي يقوم بها الجيران ضد جيرانهم لذلك يصبح سميث تحت عين أوبرين صديقه وعضو الحزب الذي يراقبه عن كثب. وفي الرواية ، يميل سمث إلى زميلته في العمل جوليا التي ترتدي حزاماً قرمزياً الذي يرمز إلى عضويتها في الاتحاد ضد الجنس الآخر والقاسم المشترك بينها وبين سميث هو كره الحزب الذي يمنعهما من الالتقاء أو الزواج ولكنهما يلتقيان سراً، وعندما يكتشف امرهما يرسلان إلى وزارة الحب التي هي نوع من مراكز التأهيل للعودة إلى حياة الوحدة دون حب الآخر ويفصل سميث عن جوليا، بل يتعرض لتعذيب نفسي شديد وعبر صور مرعبة وتحت هذا الضغط الشديد يصرخ سميث مطالباً بمعاقبة جوليا حبيبته. ووصف جورج أورويل بشكل دقيق تحول القيم البشرية إلى أشياء هامشية ومن ثم سطوة الأحزاب السلطوية والشمولية على الناس والشعوب ليكونوا مجرد أرقام هامشية في الحياة بلا مشاعر ولا عواطف وليس لديهم طموحات أو آمال، حيث يعملون كالآلات خوفا من الأخ الأكبر ولينالوا رضاه لأنه يراقبهم على مدار الساعة. واعتبرت بعض الأنظمة هذه الرواية خطرة سياسياً مما أدى إلى منعها من المكتبات في عدد من الدول التي كانت محكومة بحكومات شمولية كروسيا وحتى غيرها من الدول، والان يتم ذلك في مصر. ويخلص المؤلف إلى أنه "إذ لم يكن من المرغوب فيه أن يكون لدى عامة الشعب وعي سياسي قوي , فكل ما هو مطلوب منهم وطنية بدائية يمكن اللجوء إليها حينما يستلزم الأمر". وقد حققت رواية 1984 نجاحاً كبيرا على المستوى العالمى وتم اختيارها كواحدة من افضل 100 رواية وترجمت الى اكثر من 60 لغة.