الأسبوع الماضي أنهت حادثة طريق في سوهاج الفقيرة والمنسية، حياة 13 فتاة خرجن لتوهن من الجامعة.. 13 صبية في مقتبل العمر، كن ينتظرن الشهادة العلمية وابن الحلال.. وتكوين أسرة وعائلة.. خطفهن الإهمال والطرق التي لا تصلح أصلاً لسير "البهائم". الحادثة مرت "بردًا وسلامًا" على الإعلام الزاعق، وعلى "تجار الدم" و"أثرياء الحرب" من إعلاميي فضائيات "السواريه".. لأنهن لم يكنّ ضحايا الإرهاب.. لم يكنّ ضباطًا أو جنودًا استشهدوا في مواجهات مع الجماعات المسلحة.. فالدم الأخير، يتحول إلى سلعة للمتاجرة السياسية، وملاحقة الخصوم، والدفع به صوب تعزيز القوانين القمعية وتكميم الأفواه.. وقد يعتبر رخصة لتصفية المتظاهرين بالرصاص الحي.. ولسان حالهم يقول: نموت.. نموت ويحيا النظام!.. ولكن تمزيق أجساد الطالبات والطلبة من أبناء الفلاحين الفقراء.. في المحافظات والقرى والنجوع المنسية.. والتي لا يتذكرها باشاوات الحكم الذين يرفلون في المنتجعات المخملية المعزولة عن كل ما يؤذي "عيونهم الجميلة".. تمزيق أجساد الفقراء على الطرق.. يمسي "خبرًا عاديًا" نسمعه على مدار الساعة.. ويظل دمًا "رخيصًا".. فسعر الدم يحدده ما يمثله من قيمة في سوق الانتهازية السياسية.. ولنتأمل الفارق بين رد الفعل حال استشهد ضابط أو جندي في مواجهة الإرهاب.. ورد الفعل حال سقط العشرات من المدنيين في حوادث الطرق! ويوم أمس قتل نحو 18 تلميذًا.. في مذبحة على الطريق في البحيرة.. ليلحقوا بطابور الضحايا من فقراء المصريين.. ولن يطالب أحد بالحساب أو بالعقاب.. لأن الدولة مشغولة في حربها مع الإرهاب.. ومواجهة الأخير تجعل كل شيء في مصر مباحًا، بما فيها المذابح اليومية على الطرق. لن يحاسب مدير أمن ولا قائد مرور.. فالرئيس وعدهم في خطابه الأخير بأن "الشرطة لن تمس"!! فهي ليست مشغولة بتأمين الطرق، ولكن بما يرضي ويحافظ على أمن البهوات والباشاوات وأصحاب الفخامة.. ورجال الأعمال ونجوم الفضائيات والفن والتمثيل والفرفشة. حتى القاهرة.. العاصمة.. توجد بها مناطق خارج سلطة الدولة.. لا يوجد فيها جندي لتنظيم المرور صباحًا، وقت الذروة وتأمين أطفال المدارس الذين يقطعون الطرق والشوارع من الفقراء.. تترك بالكامل للفوضى وللمجرمين والمبرشمين من سائقي التوكتوك والتروسيكل والميكروباصات.. والتي يتردد بأنها مملوكة لضباط وأمناء شرطة. وظاهر الحال، يحيلنا إلى أنه من غير المتوقع أن تفرض الداخلية انضباطها على الشوارع.. فيما يرى الناس عدم انضباط ضباط الشرطة.. فمنهم من "يسبسب شعره".. ويحفر الوشم على ذراعيه.. ومنهم من يلبس الانسيالات الحريمي.. ونتعجب كيف لا يُوقع جزاءات على مثل هؤلاء الضباط.. وكيف يتم السكوت عليهم.. ولكن صدق المثل الشعبي: فاقد الشيء لا يعطيه. يا سيادة الرئيس.. لن يبرد الدم الساخن.. ولن تبرد قلوب الأمهات ولا يواسي الآباء.. مجرد أنك ترسل طائرات لنقل الجثث.. إنها مهمة "الحانوتية".. يا سيادة الرئيس أرسل مراقبيك الشخصيين إلى الشوارع في القاهرةوالمحافظات الأخرى.. وسترى وستسمع ما لا يسرك.. وما يعجل بنهايات لن تكون بعيدة، عما آل إليه السابقون في قصر الاتحادية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.