قالت مصادر أمنية وسياسية إن العراق يريد من الولاياتالمتحدة تزويده ببضعة آلاف من المدربين لجيشه لكن من غير المرجح أن يطلب تمديد وجود القوات الأمريكية بعد الموعد المقرر لانسحابها نهاية هذا العام. وقد يكون الفرق بين وجود قوات ومدربين - الذين عادة ما يكونون جنودا وافراد شرطة سابقين متعاقدين مع الحكومة الأمريكية - أمرا حاسما لرئيس الوزراء نوري المالكي في تعامله مع قادة الكتل السياسية وسعيه لاسترضاء المواطنين الراغبين في خروج القوات الأمريكية من البلاد. وقبل أقل من ستة أشهر على الموعد المحدد في الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين في 2008 يواجه المالكي صعوبات في توحيد الصفوف داخل حكومته الائتلافية بشأن ما إذا كان العراق يحتاج لبقاء بعض من القوات الأمريكية بعد ثماني سنوات على الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة للاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين. ويتوقع الأمريكيون ان ينهي الرئيس باراك أوباما الحرب الدائرة في العراق التي لا تحظى بشعبية في الوقت الذي يواجه فيه محادثات صعبة مع الكونجرس بشأن الديون وانتعاشا اقتصاديا هشا مع اقتراب الحملة الانتخابية. وقد يمثل أي قرار بتمديد الوجود العسكري الأمريكي خطرا في العراق. فالتيار الصدري بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة يعارض صراحة استمرار القوات وهدد بتصعيد الاحتجاجات والمقأومة العسكرية لها. وقالت مصادر إن المالكي الذي يقوم كذلك بأعمال وزيري الدفاع والداخلية قد يختار -تجنبا لإغضاب حلفائه وخوفا من اشعال التوترات الطائفية - تجأوز البرلمان ودفع وزاراته لتوقيع اتفاقات مع واشنطن على ارسال ما بين الفين وثلاثة آلاف مدرب. وقال مشرع بارز من حزب دولة القانون الذي يتزعمه المالكي "إذا رفضت التكتلات السياسية إعلان قرارها النهائي بشأن الانسحاب الأمريكي ... قد يقوم المالكي بذلك بمفرده ويوقع مذكرات تفاهم مع الجانب الأمريكي." وأضاف المشرع "في هذه الحالة لن يحتاج للحصول على موافقة التكتلات السياسية أو البرلمان." وقال المشرع المقرب من المالكي إن ثلاثة آلاف مدرب أمريكي سيحتاجون إلى دعم أمني وفني ولوجيستي مما قد يزيد العدد الإجمالي للمتعاقدين إلى خمسة آلاف. وقالت مصادر عراقية إن بغداد وواشنطن تربطهما بالفعل اتفاقات أساسية تتعلق بتدريب القوات العراقية لكنها تبحث الآن تفاصيل محددة بدلا من مجرد الحديث عن تمديد وجود القوات الأمريكية في البلاد. وبدأ المالكي في حديث أجرته معه قناة العراقية التلفزيونية في الفترة الأخيرة وكأنه يفضل إستراتيجية التدريب عندما قال إنه سيكون من الصعب الحصول على موافقة أغلبية أعضاء البرلمان على تمديد وجود القوات لكن فرقة التدريب لا تحتاج لموافقة من البرلمان. وقال المالكي إن بلاده أشترت من الولاياتالمتحدة أسلحة ودبابات وطائرات وهي بصدد شراء طائرات مقاتلة الأمر الذي يتطلب بقاء مدربين أمريكيين لتدريب العراقيين على استخدامها. وقالت مصادر سياسية إن المدربين لن يكونوا عسكريين بالخدمة بل متعاقدين لهم خبرة سابقة في الجيش أو الشرطة ولن يقوموا بعمليات قتالية. ومن بين التكتلات الشيعية والسنية والكردية وافق البعض سرا على الحاجة لاستمرار الوجود الأمريكي لكنهم لن يعلنوا ذلك خوفا من إغضاب الناخبين. ومن المفترض أن تعلن بغداد قرارها هذا الشهر. وتقوم القوات الأمريكية في العراق التي يبلغ عددها حاليا نحو 46 الف جندي بدور استشاري بعد أن أنهت رسميا عملياتها القتالية في أغسطس الماضي لكن المسئولين العراقيين والأمريكيين يشعرون بالقلق بشأن مدى استعداد القوات العراقية للتعامل مع المقاتلين أو عدوان أجنبي محتمل. وقال مسؤولون امريكيون إنهم مستعدون لبحث إبقاء جزء من القوات لكن يتعين على العراق تقديم طلب بذلك. وكانت واشنطن تخطط منذ فترة طويلة لوجود كبير في العراق حتى بعد سحب قواتها عن طريق بقاء ألوف من الأمريكيين مدنيين وعسكريين يتمركزون عند السفارة الأمريكية في بغداد والبعثات الامريكية في مدن عراقية أخرى. وقال مسئول أمني بارز إن العراق يريد الابقاء على سبعة "مراكز تدريب" بدلا من القواعد العسكرية. وقال مسؤول أمني بارز إن أفراد الجيش والشرطة سيتلقون تدريبا في مركزين ببغداد في حين تتدرب قوات المشاة في مدينة الموصل والقوات الجوية في كركوك والبحرية في البصرة وتتولى مراكز تدريب في بسماية جنوبي بغداد والتاجي شمالي العاصمة تدريب الأفراد على استخدام الدبابات. وقال المسؤول المقرب من المحادثات مع الولاياتالمتحدة "من وجهة نظر المسؤولين الامريكيين سنحتاج إلى ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف مدرب وخبير خلال السنوات الخمس المقبلة. لكننا نعتقد أننا لا نحتاج لأكثر من الفين أو ثلاثة آلاف." وأضاف "لا نحتاج للابقاء على أي قوات مقاتلة... لدينا تعاون في مجال المخابرات مع الولاياتالمتحدة وهذا سيستمر."