بعد ثورة 52 والغاء دستور 1923م كونت الثورة لجنة خبراء لوضع مشروع لدستور جديد ..تكونت من خمسين عضوا... 3من لجنة دستور 23 ..و4 من حزب الوفد و3 من الاخوان المسلمين و3 من القضاة :رئيس مجلس الدولة (السنهورى باشا)ورئيس محمكة النقض ورئيس المحكمة الشرعية العليا (الشيخ حسن مأمون )و3 من رجال الجيش والبوليس المتقاعدين والانبا يؤنس بطريرك الكنيسة القبطية وعدد اخرمن الشخصيات العامة مثل حبيب المصرى عبد الوهاب مورو ومكرم عبيد ومحمود عزمى ويواقيم غبريال..وانتخبواعلى ماهر رئيسا لهذه اللجنة وانتخبت هذه اللجنة ..لجنة لوضع الخطوط الرئيسية لمشروع الدستور من 15 عضوا انتخبت من داخلها خمسة لبحث نظام الحكم .. من اللجان التى انتخبت ايضا لجنة( للحريات و الحقوق والواجبات العامة) رأس هذه اللجنة محمد على علوبه باشا الذى كان من المشتركين فى كتابة دستور 23 ..ضمت فى عضويتها كوكبة من قادة الفكر والقانون ممثلين لكل الاتجاهات ..كان منها د طه حسين عميد الادباء.. د عبد الرحمن بدوى استاذ الفلسفة والانبا يؤنس. ما يعنينا من كل ذلك هو الحوار الذى دار فى مداولات اللجنة حول موضوعين: حقوق المرأة السياسية وحق المرأه المسيحية فى الطلاق لإسلام زوجها..واعتبار ذلك ضرر.الحواركان اغلبه بين د طه حسين و د عبد الرحمن بدوى والأنبا يؤنس فى الموضوع الأول ذكر طه حسين أنه ينبغى النص فى الدستورعلى عدم السماح لقوانين البلاد _المفصلة والمطبقة للدستور_ بأن تعدل عن (نص القرأن)..كون الاغلبية لن تقبل ان تخرج عند وضع الدستورعلى ما امربه الاسلام فلا أظن اننا سننص على ان تاخذ المرأة فى الميراث نصيبا كنصيب الرجل ولابد ان نحتاط فنقول انه ليس هناك اى مقتضى يسمح لنا بان نعدل عن (نص القرأن) ويزيد فيقول:انه إذا وجد نص دينى صريح ..إسلاميا كان أو مسيحيا فالحكمة والواجب يقتضيان ألا نعارض هذا النص بحيث لا نضر الناس فى شعورهم ولا فى ضمائرهم ولا فى دينهم كان هذا مجمل ما قاله د طه حسين فى خمسينيات القرن الماضى ..لاحظ جملة (نص القرأن) التى وردت فى حديث د.طه اكثر من مرة وفى حضور اساطين الفكر والسياسة .. فى الموضوع الثانى ذكر ن طلاق المسيحية من المسيحى الذى اعلن اسلامه لوقوع الضررعليها ..خروجا بحرية الاعتقاد عن الضوابط الاسلامية التى تبيح للمسلم الزواج بالمسيحية ..لأنه مؤمن بدينها وبالتالى فهو مؤتمن على عقيدتها بينما يمنع الاسلام زواج المسلمة من المسيحى لانه غيرمؤتمن على عقيدتها لعدم ايمانه بهذه العقيدة وبرسولها وهو تفسير منطقى وعادل اذ كيف يكون الانسان امينا على اعتقاد لا يؤمن به (كون الزوج امينا على زوجته فى كل شىء).وهذا ليس اتهاما بعدم الامانة ولكنة اتساق مع الفطرة فى مسألة الإيجاب والانكار ونحن هنا نتحدث عن حياة زوجية بها ما بها من التداخل والتشارك وليس مجرد حياه اجتماعية عامة. جلسات النقاش كانت مغلقة وحتى تكون الاراء المطروحة فيها صريحة ومعبرة عن قناعات صاحبها ولا تتأثر بوسائل الاعلام ولا بالجمهور.. وهوما نفهم منه ان د طه حسين كان يقول ما يعتقده بالفعل ..نسمع ذلك ونعلم ان ماضى الدكتور طه فى علاقته بالمسألة الاسلامية لم يكن جيدا ومن يقرأ كتاب الأدب الجاهلى الذى كتبه سنة 1926م وكتاب مستقبل الثقافة فى مصرالذى كتبه سنة1936م لايتحير كثيرا فى معرفة موقفه ورؤيته من مسألة الاسلام والحضارة الاسلامية . هذان الكتابان ينظر اليهما كمراجع لدى أصدقائنا العلمانيين وقدوة لهم فى الانكار والتعدى على كل ما يشتم فيه رائحة الاسلام..خاصة مسأله العلمانية والحاق مصر بالحضارة الاوروبية بشرها وخيرهاكما قال وقتها د.طه... د.عبد الرحمن بدوى فيلسوف الوجودية الكبير سيدركه ما أدرك طه جسين والعقاد وهيكل وفهمى ووجدى وسيكتب كتابين من اهم الكتب فى المكتبه الاسلامية التى تتناول الاستشراق والطعن فى الرسالة والنبى ..الكتاب الاول دفاع عن محمد صلى الله عليه وسسلم ضد منتقديه والثانى دفاع عن القرأن ضد الطاعنين فيه . اصدقاؤنا العلمانيين الذين اشتد أوارهم هذه الأيام حال الحديث عن الدستور والمادة الثانيه ومدنية الدولة ..لازالوا يراوغوا ذات اليمين وذات الشمال فى عدم التصريح بموقفهم من دورالدين فى حياة الإنسان.الأسماء الكبيرة التى ذكرناها سابقا كان لديها الشجاعة الكافية لإعلان رؤاها ومواقفها وقت أن كانت متعارضة مع الدين وكانت لديهم أيضا الشجاعة الأكثركى يعلنوا تصحيح هذه الرؤى وهذه المواقف..الأن نحن نرى أمساخا لاعلاقة لها بالفكر ولا بالفلسفة ولابالثقافة..ومشكلتهم تتعلق بقصة(الدين والإنسان)..واذا حدثت أحدهم تجده مسعرا خده قائلا أنا عندى (قلق وجودى).. وبدلا من ان يهتم بالبحث فى (قلقه)..تلقاه يتطاول . أسوق عتابى ثانية لاخواننا فى التيار الاسلامى حول أهمية القامات الفكرية الكبرى التى ذكرنا بعضها فى التأسيس المعرفى للفكرة الاسلامية كفكرة اصلاح وبناء ونهوض ..من أسف أن معظم ماأنتجه المفكرون الكبار تجده لدى التيار الاسلامى يسكن فى منطقة الاشتباك المعرفى بين التأصيل والحداثة...رغم ان انتاجهم الفكرى فى اغلبه يميل نحو التأصيل . نريد للإسلاميين ان يكونوا اكثر قربا من(الناس العاديين) سواء على المستوى المعرفى كما ذكرنا سابقا او على المستوى الاجتماعى العام . د/هشام الحمامى