"سر صراع عمرو موسى والجنزوري على البرلمان " .. "غضب من اعتزام أمين الحزب الوطني المنحل أحمد عز خوض الانتخابات ".. " فشل تحالف الوفد والتيار الديمقراطي" .. "خلافات تقسيم المقاعد تهدد قائمة الجنزوري" .. هذه بعض عناوين الصحف المصرية أمس واليوم، والتي تبشر بأن هناك طريقًا واضحًا لهذه الانتخابات، والخلاف على من سيسلك هذا الطريق ويحصل على الجائزة، وهي مقعد البرلمان. لكن الحقيقية التي تجدها - أيضا - في نفس الصحف أن الطريق لا يزل غير واضح المعالم؛ بسبب تأخر صدور قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، والتي سيخوض المرشحون الانتخابات على أساسه، فضلا عن عدم تحديد موعد إجراء هذه الانتخابات. وطالبت الأحزاب والقوي السياسية في وقت سابق بسرعة إصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، حتى تستطيع ترتيب أوراقها، غير أن مشهد الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية جاء سابقا على إصدار القانون الذي قالت مصادر باللجنة المعنية بصياغة القانون في تصريحات صحفية، اليوم، إنه سينتهي خلال شهر من الآن. وتسعى بعض الشخصيات السياسية إلى تشكيل قوائم موحدة تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على مقاعد القوائم، غير أن ما تنشره الصحف المصرية يشير إلى وجود خلافات بسبب رغبة بعض الأحزاب الحصول على عدد من المقاعد لا تتناسب وحجمها ووزنها في الشارع المصري. وحملت الصحف - أيضا - عناوين تؤكد هذا المعنى، ومنها ما نشرته الصحف اليوم عن مصادر باللجنة المعنية بصياغة القانون، والتي قالت إنه سينتهي خلال شهر من الآن. وتبلغ عدد مقاعد البرلمان 567 مقعدا (420 مقعدا يتم انتخابهم بالنظام الفردي و120 بنظام القائمة و27 يعينهم رئيس البلاد)، وفق قانون مباشرة الانتخابات البرلمانية، الذي أصدره الرئيس السابق عدلي منصور، قبل يوم من تولى خلفه الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي المسؤولية في 8 يونيو. وتثور الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية حول المقاعد ال 120 المخصصة للقائمة، والتي أشارت اليوم صحيفة "المصري اليوم" (خاصة) إلى واحدة منها، وهي الخلافات التي تهدد قائمة كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق. ويسعى الجنزوري إلى تشكيل قائمة موحدة تخوض الانتخابات البرلمانية، غير أن هناك خلافات حول تقسيم المقاعد بتلك القائمة، حيث طالبت بعض القوى السياسية بمقاعد لا تتلاءم مع وزنها الحقيقي في الشارع، وفق الصحيفة. ولا يزل الجنزوري يسعى لتشكيل هذه القائمة رغم الخلافات، ويعقد اجتماعات مستمرة مع عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق، وأحمد البرعي وزير القوى العاملة الأسبق، من أجل هذا الغرض، غير أن هناك قائمة أخرى كان يجري إعدادها بالتعاون بين حزب الوفد وتحالف التيار الديمقراطي (يضم عدد من الأحزاب بينها حزب الكرامة الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي)، قالت صحيفة التحرير الخاصة أن المشاورات بشأن تشكيلها فشلت. ويرجع شهاب وجيه المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار هذا الفشل إلى صعوبة تجميع الكيانات، التي شاركت في تظاهرات 30 يونيو لإسقاط حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، في كيان واحد. وقال وجيه لوكالة "الأناضول": "هذه فكرة شديدة الرومانسية؛ فالواقع يقول إن التحالفات المكونة ل30 يونيو تضم أفكارا سياسية مختلفة ومتنوعة ومن الصعب الجمع بينها". ونفى ما تردد عن انضمامهم لتحالف الجنزوري، مضيفا: "كل ما ينشر في وسائل الإعلام حول هذا الأمر عار تماما من الصحة، ونحن أقرب إلى المنافسة في الانتخابات على المقاعد الفردية". وأشار وجيه في السياق ذاته، إلى أن تأخر صدور قانون الدوائر الانتخابية، عمق من هوة الخلاف بين مكونات 30 يونيو، وقال: "الجميع يتحدث في الفضاء السياسي ولم ينتقل للجانب العملي بسبب تأخر صدور القانون، وهذا عمق من الخلاف ". ويثير القانون نفسه، الذي لم يصدر بعد، جدلا دستوريا، سببه أن عمل اللجنة التي تقوم على إعداده يتزامن مع عمل لجنة أخرى تشكلت لإعادة ترسيم المحافظات المصرية. ويقول جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري بجامعة حلوان بالقاهرة، إن إعداد قانون تقسيم الدوائر قبل انتهاء لجنة ترسيم المحافظات قد يؤدي إلى الطعن بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر، ومن ثم يتم تأجيل إجراء الانتخابات البرلمانية. ويشترط الدستور المصري في مادته رقم 102 أن يراعي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين، وهو ما قد يعرض قانون تقسيم الدوائر الانتخابية للطعن بعدم دستورية. ويمكن أن تزيد عدد المحافظات أو تدمج بعض المدن إلى محافظات أخرى غير المحافظة التي تتبعها - حاليا -، وهو ما يفرض أن تنتظر لجنة ترسيم المحافظات عمل لجنة تقسيم الدوائر، أو يتم تأجيل ترسيم المحافظات في الوقت الراهن، حتى يتم تقسيم الدوائر وفق كثافة سكان كل محافظة، بحسب جبريل. ولم تحسم تصريحات إبراهيم الهنيدي، وزير شؤون مجلس النواب والعدالة الانتقالية، هذه الإشكالية، وقال الوزير في تصريحات لجريدة "أخبار اليوم" الحكومية، السبت الماضي، إن اللجنة، التي يرأسها والمكلفة بإعداد قانون تقسيم الدوائر، لن تنتظر الترسيم الجديد للمحافظات، وأنه في حال صدور ترسيم المحافظات قبل انتهاء اللجنة من عملها فسيتم وضع دوائر للمحافظات الجديدة، لكن إذا لم يصدر الترسيم وانتهت اللجنة من عملها، فسيصدر القانون وفق الترسيم الحالي للمحافظات. وزاد من الارتباك في المشهد الانتخابي ظهور أحمد عز، أمين التنظيم بالحزب الوطني الديموقراطي، الذي كان يترأسه الرئيس الأسبق حسني مبارك، والذي عقد اجتماعا مع أعضاء الحزب، أمس الأول، وأعلن اعتزامه تأسيس حزب سياسي جديد يخوض الانتخابات. ويثير ظهور عز ارتباكا بين مكونات تحالف "30 يونيو"؛ حيث لا يرى البعض غضاضة في ترشحه للانتخابات، بينما يرفض البعض ويعتبره إهانة لثورة 25 يناير 2011 التي قامت ضد نظام مبارك وقادت إلى تنحي الأخير عن الحكم وحل الحزب الوطني الديموقراطي. فالبرلماني السابق محمد أبو حامد، لا يرى غضاضة في ترشح عز، ما لم تصدر أحكام قضائية تمنعه من ممارسة حقوقه السياسية، وقال لبوابة "الوفد" الإلكترونية (خاصة) قبل يومين: " لنترك الأمر لوعي الشعب المصري". وعلى النقيض وصف علاء عبدالمنعم، البرلماني السابق، ترشح عز ب "الإهانة"، وقال في حوار مع قناة "الحياة" (خاصة)، أمس، "دور أحمد عز، القيادي السابق في الحزب الوطني، في الخراب الذي حدث بمصر لا يخفى على أحد وكان متهما بتخريب الاقتصاد المصري وتخريب ذمم المصريين، فكيف يقبل بترشحه". وألغى الدستور المصري الجديد مادة العزل السياسي لقيادات الحزب الوطني التي كان قد وضعها دستور 2012، غير أنه اشترط في عضو البرلمان أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، وهو ما ينطبق حتى هذه اللحظة على أحمد عز، الذي لم يصدر بحقه حتى الآن حكم قضائي نهائي. هذا الارتباك ومن قبله صراع التحالفات والجدل الدستوري، يثور قبل أن يصدر قانون تقسيم الدوائر التي ستجرى الانتخابات البرلمانية على أساسه، فيما يبدو وكأنه "صراع على كعكة لم تنضج بعد". والانتخابات البرلمانية هي ثالث الاستحقاقات التي نصت عليها خارطة طريق مصر، والتي تم إعلانها في 8 يوليو 2013 عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من منصبه بخمسة أيام، وتضمنت أيضا إعداد دستور جديد للبلاد (تم في يناير الماضي)، وانتخابات رئاسية (تمت في يونيو الماضي). وبينما لم يتم بعد تحديد موعد رسمي لهذه الانتخابات، قال مسؤولون إنها ستجرى قبل نهاية العام الجاري. وأقر الدستور المصري الجديد الذي تم إقراره في يناير الماضي نظام "الغرفة البرلمانية الواحدة"، وتم تسميتها ب " مجلس النواب"، وألغيت الغرفة الثانية التي كان يشملها الدستور السابق، وهي ما كانت تُعرف ب"مجلس الشورى".