أرجع محللون التصعيد الأمني الأخير ضد جماعة الإخوان المسلمين ، والذي تمثل في إلقاء قوات الأمن على أحد عشر من كوارد الجماعة بينهم عضو بمكتب الإرشاد ، إلى رغبة النظام في توجيه رسالة تخويف وإرهاب للجماعة خصوصا مع اقتراب تجديد العمل بقانون الطوارئ لثلاث سنوات قادمة وهو الأمر الذي ستعرضه الحكومة على مجلس الشعب خلال الشهر الحالي . وأشار المحللون إلى أن النظام حاول استبقاء معارضة الإخوان لتمرير القانون بتوجيه ضربة استباقية ثم مساومة الجماعة على تخفيف معارضتها للقانون مقابل الإفراج عن المعتقلين ، خاصة وأن الجماعة كانت قد دشنت بالفعل حملة برلمانية وشعبية واسعة لرفض تمديد القانون ، وهو ما ظهر جليا في تقديم العديد من نواب الجماعة لطلبات إحاطة يطالبون فيها بوقف العمل بقانون الطوارئ باعتباره المسئول الأول عن تفشي الفساد والديكتاتورية في مصر. لم تستبعد المصادر أن يكون اعتقال عضو بارز في الجماعة بوزن الدكتور رشاد البيومي عضو مكتب الإرشاد بالجماعة رسالة عقابية للجماعة على جملة من المواقف المعارضة للنظام خصوصا ملف التوريث والإصلاح ، ورفض الجماعة لمساعي لقرار لتأجيل انتخابات المحليات كمقدمة لتهيئة الساحة لخلافة جمال مبارك لوالده في السلطة. وأشارت المصادر إلى رفض الجماعة الاستجابة للعديد من الرسائل التي أرسلها لها النظام في عدد من الملفات ورغبتها في الاستفادة من النجاحات التي حققتها في الفترة الأخيرة لخلق حالة من الهلع داخل أورقة صنع القرار حتمت التصعيد الأمني ضد الجماعة. وتوقعت المصادر تكرار الضربات الأمنية للجماعة في المرحلة القادمة بما يعكس رغبة حكومية في احتواء الجماعة ومحاصرتها بعد أن لمست الحكومة قلقا من أداء نواب الإخوان في المجلس ورغبتهم في اكتساب شعبية واسعة للجماعة في الشارع السياسي. من جانبه ، أكد الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن هذا التصعيد هو رسالة تخويف للشعب المصري كله ، الذي وقف بجانب جماعة الإخوان المسلمين وتحمل في سبيل ذلك العنت والبطش الحكومي كما أنها رسالة لكافة القوى السياسية والوطنية المطالبة بإصلاح حقيقي للتوقف عن حراكها السياسي. وأضاف حبيب أنها أيضا رسالة إلى نواب كتلة الإخوان المسلمين بمجلس الشعب أيضا حتى يقللوا من سخونة مناقشاتهم في الاستجوابات وطلبات الإحاطة خصوصا أن النواب كثفوا جهودهم خلال الفترة الماضية لتقديم طلبات إحاطة واستجوابات حول غرق العبارة السلام 98 ووباء أنفلونزا الطيور وكذلك تبني نواب الجماعة لجرائم تعذيب وانتهاك حقوق السجناء والمعتقلون السياسيون في سجون ومعتقلات وزارة الداخلية . ولم يستبعد النائب الأول لمرشد الإخوان المسلمين أن يوجه النظام والأجهزة الأمنية ضربات أمنية لأعضاء الجماعة خلال الفترة القادمة. وكانوا محللون قد لفتوا إلى أن الحكومة المصرية تتخذ إجراءات صارمة ضد نشطاء مؤيدين للإصلاح استنادا إلى تقدير بأن مساعي واشنطن من أجل التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط تراجعت بعد النجاح الذي حققه الإسلاميون في الانتخابات المصرية والفلسطينية. وأضافوا أن الحكومة المصرية التي سمحت بمعارضة سياسية غير مألوفة أثناء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2005 تشعر الآن أنها أكثر حرية لفرض قيود على الانتقاد. وفي الأسابيع الأخيرة أجلت السلطات الانتخابات المحلية ورفعت الحصانة عن ثلاثة قضاة ينتقدون الانتهاكات أثناء الانتخابات وسجنت صحفيا بتهمة التشهير ، ولا يزال أيمن نور وهو زعيم معارض بارز في السجن بتهمة التزوير رغم الشكوك التي أبدتها الولاياتالمتحدة علانية . وقال بعض المعلقين السياسيين إن الإجراءات الصارمة إنما تمهد الطريق أمام جمال مبارك ابن الرئيس المصري حسني مبارك لخلافة والده ، ولا يتمتع جمال بتأييد شعبي كبير ولا يملك قاعدة قوة طبيعية داخل الجيش أو البيروقراطية المصرية.