إن هناك اقتراحات أخري للاكتفاء الذاتي من القمح، بديلاً للاقتراح الذي تهكم عليه المسئول الحكومي، زاعماً أن المستثمرين الذين يرغبون في الحصول علي خمسمائة ألف فدان صحراء جرداء لزراعتها بالقمح سيحملونها علي أكتافهم ويهربون بها خارج البلاد، مثل لصوص البنوك!!. ربما أن هذا الاقتراح لم ينل إعجاب السيد رئيس قطاع الاستصلاح، فإننا سنعرض عليه اقتراحاً آخر بتوفير القمح لعله يرضي، لأن أمل المصريين أن تتم عملية الاكتفاء الذاتي من القمح الذي يعد محصولاً استراتيجياً. الاقتراح قدمه إلي الدكتور محمود عمارة رئيس الجالية المصرية في فرنسا سابقاً وهو متخصص في هذا الشأن.. قال إن هناك ثلاثة محاور رئيسية لو تم تحقيقها علي أرض الواقع، لاكتفت مصر ذاتياً من القمح، ولن تحتاج إلي تسوله من الخارج.. وأتعمد أن أقول «تسول» عنداً في رئيس القطاع الذي يستنكر أن أردد هذه الكلمة، رغم أن شراء مصر للقمح يتم بطريقة كلها تسول في تسول وأمريكا وخلافها من الدول التي تورد لنا القمح، تقدم أقماحاً أكثر من رديئة مقابل أسعار باهظة وعمولات وسمسرة لا حصر لها.. المهم أن المحاور الثلاثة التي طرحها الدكتور عمارة سهلة التنفيذ ولا تحتاج إلي مساحات جديدة من الأرض لزراعتها، وإنما تعتمد علي ماهو كائن بالفعل. الاقتراح الأول: هو القضاء علي الفاقد من القمح في موسم الحصاد والذي يقدر بحوالي عشرين في المائة من المحصول الذي يبلغ حوالي ستة ملايين طن، فلو تم اتخاذ خطوات جادة وفنية في تقليل الفاقد وانشاء الصوامع المناسبة للقمح، لتم توفير حوالي مليوني طن قمح قيمة هذا الفاقد وبالتالي تم زيادة إنتاجية القمح، وهذا هو دور مسئولي وزارة الزراعة والقائمين علي شئون القمح في البلاد.. وهذه الفكرة ليست صعبة التحقيق. المحور الثاني: هو انتقاء نوعية التقاوي، والتعاقد مع الفلاحين علي عمليات التوريد بأسعار تقترب من سعر الاستيراد من الخارج.. وهناك تقاو تحصل فيها انتاجية الفدان الي أربعة وعشرين إردباً، فلماذا لا يتم انتقاء هذه التقاوي التي تزيد من الانتاجية.. وهذه ليست معضلة علي وزارة الزراعة لتنفيذها وتطبيقها، وهذه كفيلة وحدها بزيادة الإنتاج بواقع مليوني طن إضافية. المحور الثالث: هناك مستثمرون راغبون في استصلاح أراضي الساحل الشمالي مقابل حق انتفاع لمدة ثلاثين عاماً، وهم علي استعداد لإزالة أية ألغام قد تواجههم علي نفقتهم الخاصة دون تحميل الدولة جنيهاً واحداً. كما أن هؤلاء المستثمرين أيدوا استعدادهم لتحلية مياه البحر، ولن يتكلف متر المياه المكعب الواحد أكثر من ثمانية سنتات أمريكية. وهذه التجربة تم تطبيقها خارج مصر وهم علي استعداد لتنفيذها لخدمة الوطن. فما الذي يمنع وزارة الزراعة أن تستفيد من كل ذلك؟!.. لاأدري سوي أن هناك عراقيل تتعمد النهوض بمصر إلي بر الأمان!!! وهناك أيضاً الشريط الحدودي بالعريش يصلح تماماً لزراعة القمح والشعير بواسطة ماء المطر، وهو كفيل بتوفير محصول لا بأس به.. كل هذه الأسباب والمحاور في عجالة سريعة طرحها الدكتور محمود عمارة وهي كفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.. ورغم ذلك لاأحد يسمع أو يعمل، واكتفت البلاد والقائمون علي شئونها طوال حكم النظام السابق، وبعد الثورة أيضاً بالاستيراد من الخارج... وكأننا أدمنا الخيبة.. من حق المصريين أن يأكلوا رغيفاً مصرياً خالصاً مائة في المائة... ومن حق المصريين أن يروا ذلك الآن وهم في خضم ثورة رائعة.. إذا لم يتحقق الاكتفاء من القمح فكأننا نعلن الحرب علي الثورة. نقلا عن الوفد: