أسعار الذهب في الصاغة اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الجمعة 20-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    دبروا احتياجاتكم.. قطع المياه 5 ساعات عن 11 منطقة بالدراسة في القاهرة السبت    أسعار الدولار فى البنوك اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    مصابون في قصف إسرائيلي استهدف حي الزيتون جنوب غزة    وزير الاقتصاد التايوانى يكشف معلومات جديدة علن تصنيع أجهزة "بيجر"    موعد مباراة الأهلي وجورماهيا الكيني والقنوات الناقلة    إيقاف تشغيل بعض القطارات بدءا من اليوم، تعرف عليها    «آخر أيام الصيفية».. غيوم وأتربة وارتفاع درجات الحرارة    بيان عاجل من النقل بشأن استعداد السكة الحديد والمترو للعام الدراسي الجديد    انطلاق فعاليات مهرجان سماع الدولى للإنشاد على مسرح السور الشمالي فى دورته ال17 الليلة    موعد مباراة شباب بلوزداد واتحاد دوانس في دوري أبطال افريقيا    حسن نصر الله يكشف عن رسالة تلقاها بعد انفجارات أجهزة «بيجرز» في لبنان    3 قرارات داخل الأهلي قبل لقاء الزمالك في السوبر الأفريقي    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 20 سبتمبر 2024    سورة قرآنية داوم على قراءتها يوميًا.. تقضي بها الحوائج    بدون سكر أو دقيق.. وصفة حلويات مليانة بروتين وبسعرات حرارية قليلة    5 أسباب لحدوث الإغماء المفاجئ ويجب اللجوء للطبيب فورا    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: ارتفاع الأسعار ونداء عاجل للحكومة.. تصريحات الفيشاوي ونهاية تخفيف الأحمال    موعد مباراة الأهلي وضمك اليوم في الدوري السعودي.. والقنوات الناقلة    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    «دمعتها قريبة».. عبدالباسط حمودة يكشف عن أغنية أبكت ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بعد خفض الفائدة الأمريكية    المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: جدري القردة خارج نطاق السيطرة    التوت فاكهة الغلابة.. زراعة رئيسية ويصل سعر الكيلو 40 جنيه بالإسماعيلية    حرب غزة.. قوات الاحتلال تنكل بجثامين الشهداء الثلاثة في قباطية    دعاء يوم الجمعة.. أفضل ما يقال للرزق والسنن المستحبة    بالأسماء| انتشال جثة طفل والبحث عن شقيقته سقطا في ترعة بالزقازيق    وينسلاند: التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة يغير المشهد ويزيد تعميق الاحتلال    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    ترامب يثير الجدل بتصريحاته عن إسرائيل: أفضل صديق لليهود    مقتل شاب على يد جاره في مشاجرة بدار السلام    الرئيس التنفيذي لشركة نايكي الأمريكية يعتزم التقاعد    صفارات الإنذار تدوّي في عدة مقاطعات أوكرانية وانفجارات ضخمة في كييف    عبدالباسط حمودة: أبويا كان مداح وكان أجري ربع جنيه في الفرح (فيديو)    دينا: ابني فخور بنجاحي كراقصة    قرار جديد من وزير التربية والتعليم قبل بدء العام الدراسي المقبل 2025    مفصول من الطريقة التيجانية.. تفاصيل جديد بشأن القبض على صلاح التيجاني    قبل بدء الدراسة.. العودة لنظام كراسة الحصة والواجب في نظام التعليم الجديد    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    رانيا فريد شوقي عن بطالة بعض الفنانين وجلوسهم دون عمل: «ربنا العالم بحالهم»    الداخلية تكشف كواليس القبض على صلاح التيجاني    بعد القبض عليه.. تفاصيل القصة الكاملة لصلاح التيجاني المتهم بالتحرش    الداخلية: فيديو حمل مواطنين عصى بقنا قديم    أحمد فتحي: أنا سبب شعبية هشام ماجد (فيديو)    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    وزير الأوقاف ينشد في حب الرسول خلال احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي    "الآن أدرك سبب معاناة النادي".. حلمي طولان يكشف كواليس مفاوضاته مع الإسماعيلي    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    رسميًا.. فتح تقليل الاغتراب 2024 لطلاب المرحلة الثالثة والدبلومات الفنية (رابط مفعل الآن)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024    بارنييه ينتهي من تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    حكاية بسكوت الحمص والدوم والأبحاث الجديدة لمواجهة أمراض الأطفال.. فيديو    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنعاء "الرابعة" وليست الأخيرة
نشر في المصريون يوم 24 - 09 - 2014

الأخبار والصور التي بثتها مختلف الفضائيات عن سقوط صنعاء مساء الأحد 12 سبتمبر الجاري في أيدي الحوثيينلا تدع مجالاً للشك في أن هذا السقوط غير مسبوق في تاريخ الصراعات المسلحة. وأعتقد أن مشهد السقوط لخصته لحظة توقيع ما سمي "اتفاق السلم والشراكة" في قصر رئاسة الجمهورية وقد ظهر في هذا المشهد الذي بثته الفضائياتالعربية والعالمية الشخص المفترض أنه رئيس جمهورية اليمن وهو واقف متكئ على المقعد الذي يجلس عليه شاب من عمر أحفاده بلباسه اليمني التقليدي(بالجنبية) ممثلاً لجماعة الحوثي وهو يوقع الاتفاق مع السلطة برعاية جمال بن عمر مساعد أمين عام الأمم المتحدة. يعني برعاية المجتمع الدولي!. حدث ذلك في اللحظة نفسها التي كانت مليشيات الحوثي تطبق على مؤسسات الدولة ورموزها في صنعاء، مع تصريحات موازية ومذهلة لمسئولين حكوميين تؤكد على ضرورة التعاون مع مسلحي الحوثي في المحافظة على مؤسسات الدولة، واعتبارهم "أصدقاء للجيش والشرطة".
صورة توقيع ابن الحوثي اتفاق السلم والشراكة بينما الرئيس اليمني يبدومحاولاً أن يصلب طوله على مقعدهمحدقاً في حركة يد "الحوثي" وهو يتمم توقيعه؛ هذا المشهد يلخص الحالة اليمينة كلها، وأقول: والحالة العربية أيضاً، وبخاصة في بلدان المغفور له "الربيع العربي" ليس في اللحظة الراهنة فقط وإنما في المستقبل حالك السواد الذي ينتظر المنطقة برمتها. فهذه عاصمة عربية رابعة تسقط بطريقة إبداعية حقيقة في حظيرة النفوذ الإيراني الشيعي، ولكنها لن تكون الأخيرة إذا بقيت الحال على ما هي عليه في بقية العواصم المستهدفة.
فعلى المستوى الداخلي في اليمن، قُضي الأمرُ، وأعاد الحوثيون تذكير الجميع بالمعنى الواقعي للسياسة وهو أنها "لعبة القوة" “Politics Is The Game of Power”لا أكثر ولا أقل، وأن من يملك قوة السلاح، يكون له القول الفصل وليس العكس. ولنتذكر في هذا السياق أن المشهد السياسي اليمني قبل تنحية "علي صالح" كان منقسماً بين السلطة وحزبها الحاكم، والمعارضة المتجمعة فيما كان يسمى "أحزاب اللقاء المشترك"، وكان في القلب من هذا اللقاء "حزب التجمع اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين هناك، الذي قاد سفينة الحكمة والصبر الجميل. وبينما كانت الجهود تجري على قدم وساق في أغسطس من العام 2010 لعقد جلسات الحوار الوطني بين هذه الطرفين "السلطة والمعارضة"، كانت جماعة الحوثي منهمكة في ترتيب أوضاعها وتسليح أنصارها واستقبال المدد من طهران استعداداً ليوم الفصل؛ ربما بعلم وخبر السلطات اليمنية الرسمية، والتي لم يكن بوسعها أن تحرك ساكناً أو توقف متحركا آنذاك من فرط الضعف والوهن الذي أصابها بفعل الفساد والاستبداد والفشل والعصبية القبلية.
يقول بعض المحللين اليمنيين إن "هناك مؤامرة كبيرة على اليمن لم تتضح كل تفاصيلها بعد". وأقول: لنفترض أن هذا صحيح؛ ولكن لماذا لا يتآمر أهل اليمن فيما بينهم على ردع هذه المؤامرة الخبيثة؟ ولماذا يصر كل فريق على أن ينفرد بروحه ويظن أنه قد ينجو بنفسه؟. والأدهي الذي يعرفه الجميع وينكرونه هو: لماذا يطعن كل فريق الفريق الآخر في ظهره؟. أليس هذا السلوك المشين هو الذي يهيئ للمؤامرة الخارجية من أن تنمو وتترعرع برعايتهم جميعاً، ثم يجدون أنفسهم جميعاً حطباً لتلك المؤامرة؟ ألم تتيقن كل الأطراف اليمينة طوال ثلاثة عقود وأكثر من أن علي عبد الله صالح كان يحكم البلاد بطريقة "الرقص على رؤوس الثعابين" كما قال هو ذات مرة؟ ألم يدركوا أن نموذج الحكم عبر "المحكم الخارجي" فشلت في كل شيء إلا في ترسيخ أقدام الاستبداد، واجتثاث أي معنى للدولة، وإحكام تبعية اليمن للخارج الإقليمي والدولي.
الأنباء الواردة من صنعاء تتواتر على أن تسليم صنعاء للحوثيين الموالين لإيران قد تم بالتواطؤ بين قوى متعددة داخلية وخليجية ودولية، وأن قوات الجيش اليمني قد تخلت عن الدفاع عنها بأوامر من جهات عليا وبتنسيق مع الرئيس السابق علي صالح. وبهذا تكون رابع عاصمة عربية قد سقطت في قبضة طهران إلى أجل غير مسمى. وإن خطورة ما يجري الآن لا تتعلق فقط بمعاناة أهل اليمن وتلاشي أحلامهم في دولة تحقق لهم العدل والأمان والعيش الكريم، وإنما تكمن أيضاً فيما هو مرسوم من مخططات تطال المنطقة والأمة بأسرها.
على المستوى الإقليمي المحيط باليمن، بات الوضع بالغ الخطورة، والمستقبل القريب حالك السواد. فالحوثيون سيحصلون على أقل تقدير على منفذ بحري وجوي خاص بهم في عاصمتهم "صعدة" وسيفتحون غدا أو بعد غد أبواب اليمن على مصراعيها للنفوذ الإيراني من الخاصرة الجنوبية للعربية السعودية، وستتحكم إيران بالتالي في مداخل البحر الأحمر (عدن، وباب المندب) أضافة لتحكمها في مضيق هرمز قبالة الساحل العماني.وإلى جانب طعن السعودية من الجنوب، سيكتمل حزام الضغط المائي على مصر بعنف من جهة نهر النيل/ وماء الحياة، وقصة سدود أثيوبيا معروفة ، ومن جهة البحر الأحمر والتجارة البحرية المارة عبر قناة السويس. وهو ما يضع مشروع توسعة القناة الجديدة والقديمة معاً في مهب الريح في حال نشوب صراع مسلح عند باب المندب. وعلى مستوى المنطقة العربية برمتها، أضحت طهران نافذة إن لم نقل متحكمة في قرار أربع عواصم عربية: بغداد، ودمشق، وبيروت، وصنعاء، وقد تنضم إليها عواصم خليجية أخرى في غمضة عين على "الطريقة الحوثية في الاستيلاء على صنعاء".وحال كل منها أسوأ من أختها، لا يسر إلا أعداء الأمة.
بسقوط صنعاء في قبضة الحوثيين، اهتزت وستهتز في القريب العاجل أسوار عواصم عربية أخرى في إطار عواصف الفوضى والتفكك السياسي والاجتماعي التي تضرب البلدان العربية بقسوة هذه الأيام. فالحوثي كما تشير الأخبار المتوترة عاقد العزم على على التوجه شمالاً بعد أن يرتب شئونه في صنعاء ويثبتها. وجهود أنصاره قائمة على قدم وساق في نهب أسلحة الجيش اليمني ونقلها نحو معاقله في صعدة، استعدادا لمعركة قادمة بذريعة "تحرير الأراضي اليمنية التي تحتلها السعودية منذ ثلاثينيات القرن الماضي"، ويبدو أنه سيسعى بعد أن سيطر على الدولة إلى إجبار الحكومة على توقيع اتفاقية "دفاعية" مع إيران تتيح لها التدخل في الوقت المناسب بحجة شرعية. يقول بعض الغيورين اليمنيين: "لا ندري متى سيتلقى الحوثي الضوء الأخضر الإيراني غير أن الجلي في الأمر هو استخدام إيران للحوثي ومعه جحافل القبائل اليمنية المغرر بها في الشمال من أجل مد السيطرة الإيرانية على الأراضي المقدسة في الحجاز وتحقيق هيمنتها على العالم الإسلامي بالتعاون مع من تسميهم في الظاهر " الشيطان الأكبر"؛ بينما هي تعمل معهم ضمن استراتيجية واحدة هدفها الأساسي دفن حركة التحرر العربي والإسلامي والقضاء على آخر نسمة من نسمات الربيع العربي إلى الأبد.
وعلى الطريقة البارعة لصديقي العزيز د. هشام حمامي في اللجوء إلى الشعر للتخلص من أكبر قدر من الهموم التي تكبس على النفس وتضيق الصدر؛ ولفهم ما يجري أيضاً بأقصر الطرق؛ على هذه الطريقة أتذكر بعض أبيات الشاعر اليمني الراحل عبد الله البردوني في قصيدته العصماء "الغزو من الداخل": ومطلعها:
فظيع جهل ما يجري .... وأفظع منه أن تدري
وهل تدرين يا صنعا ..... من المستعمر السري ؟؟!!
إلى أن يقول:
أمير النفط : نحن يداك نحن أحد أنيابك....ونحن القادة العطشى إلى فضلات أكوابك
ومسئولون في صنعا وفراشون في بابك.... ومن دَمِنا على دَمِنا تموقع جيش إرهابك ...إلخ.
وقد يسأل سائل: وماذا عن موقف "المجتمع الدولي" مما يجري وسيجري في صنعاء، وأين الجامعة العربية(هههه)؟. وأقول له دون تردد: دع عنك هذا الوهم المسمى "المجتمع الدولي"، ولا تؤمل إلى في القوى الذاتية لمجتمعاتنا العربية والإسلامية مهما كانت متواضعة في الوقت الراهن. فمجتمعاتنا لها حق أصيل في الولاية على نفسها. وبيد أبنائها يجب أن تنتهي نزعات الاستبداد والاحتكار والاستعلاء والوصاية والإقصاء، وأن تحل محلها الحرية، والشورى، وثقافة المشاركة، والعدالة، والتواضع، والاستيعاب، والتعاون، والإخاء والسلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.